لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصراوي في ميت الحارون..هنا يصنع الذهب الأسود..(تحقيق بالفيديو والصور)

05:39 م السبت 24 مايو 2014

تحقيق- نور عبد القادر ومحمد أبو ليلة:

ما أن تطأ قدمك ''ميت حارون'' حتى تجد قرية بعيدة كل البعد عن ملامح الريف المصري، فالمبانى أغلبها بالطوب الأحمر، ويكسوها الرخام والجرانيت، وخصصت الأدوار السفلية لمحلات قطع غيار السيارات بمختتلف أنواعها، أما المساحات الخضراء والأراضي الزراعية فهى نادرة وتتخلل المنازل، وتحولت أغلبها لورش تدوير المخلفات المتعلقة بكاوتش السيارات ومخازن له.

وتتبع قرية ''ميت حاورن''مركز ''زفتى ''بمحافة الغربية، وعدد سكانها حوالي 2,669 نسمة، حيث تبعد عن العاصمة حوالي 70 كم تقريبا، وفي الطريق إليها تجد كافة أنواع الإطارات وقد إحتلت جوانب الطريق حتى مدخل القرية.

أهالى القرية أطلقوا على تجارة الإطارات وتدويرها ''الذهب الأسود'' فهي مورد رزقهم الوحيد، ولا يوجد عاطل داخل القرية، فكل أسرة لديها محل تجاري أو ورشة للتدوير أو مخزن لبيع الاطارات، وبالنسبة لهم المهنة وراثة يعلموها لابنائهم ولاحفادهم .

''مصراوي'' قام بمعايشة مع أهالي قرية كفر ميت الحارون للوقوف على ملابسات صناعة إعادة تدوير '' الكاوتش''، والتي تعتبر من الصناعات الصغيرة وتشغل حيز كبير من الإقتصاد الريفي.

يحكي الحاج محمد موسي، صاحب ورشة لتدوير الكاوتش، أن بداية تلك المهنة كانت منذ قرابة أربعين عاما حين قام بعض الأهالي بمركز ''زفتي'' بجلب إطارات قديمة وهالكة، وتم تقطيعها وتفكيكها لصناعة مقاطف لإستخدامها في موسم جني الثمار والخضروات.

مجهود عضلي

''وكانت المهنة في البداية تحتاج لمجهود عضلي ضحم وبالتالي عدد كبير من العمالة داخل الورشة يتجاوز العشرون عاملا، حيث يتم استخراج الشرائح المطاطية من إطار الكاوتش باليد وتفكيها بالسكين، ثم تدبيسها لصناعتها مقاطف أو مطبات بدائية، وهو ما جعل هذه الصنعة تقتصر على فئة قليلة من الناس ممن يستطيعون بذل مجهود عضلي'' هكذا شرح الحاج ''موسي'' تاريخ تدوير الكاوتش ومدى صعوبة الصنعة قديما ً.

ويكمل''بدأنا في إبتكار معدات لتسهيل عملية تقطيع وتفكيك الكاوتش، بإستخدام معدات مثل الونش للتقطيع وآلة يدوية تدار بتروس تسمي ''الونش'' لاستخراج شرائح الكاوتش من الإطارات المستعملة، وكذلك ألة للتدبس، وهو ما ادى لزيادة عدد الاطارات التى يتم تفكيكها وتدويرها، وتقليل أعداد العمال، بحيث لم تعد الورشة بحاجة لأكثر من عشرة عمال''.

وحول أسعار المعدات التى تستخدم في عملية التدوير يشرح الحاج ''مرسي '' ويبدأ ثمن الالة ''الونش'' من ألفان وثمانيمائة جنية، وألة التدبس حوالي الفين جنيها ً و تأسيس الورشة لا يحتاج الكثير سوي مساحة من الارض ومعدات بسيطة مثل بعض السكاكين الشواكيش والمسامير.

مراحل التدوير

ويشرح بدوي عبدالله عامل بالورشة عملية تدوير الكاوتش قائلا ً ''يتم شطر إطار الكاوتش نصفين بواسطة سكين حاد والامساك بنصف الإطار والبحث عن مدخل لفصل الشرائح الداخلية للكاوتش، ثم يقوم العامل بتفكيك الشرائح الداخلية للاطار عن بعضها البعض بإستخدام ألة ''الونش''.

ويكمل: ''مهام التقطيع يقوم بها عامل، وهناك عامل لتفكيك الشرائح بإلة الونش، وعامل أخر لتدبيس الشرائح بإستخدام مسامير او كباسين لصناعة المقاطف ''

وإنتقلنا لورش أخرى لتدويرالاطارات ولا تختلف كثيرا عن الورشة التى سبقتها، ويحكي مصطفي عبده صاحب الورشة عن مهنته قائلا ً '' كلنا نعمل بهذه المهنة بجانب الرزاعة، ولهذا أغلب أهالي القرية استقطعوا من أراضيهم مساحات لإقامة الورش وسعوا لتدريب أبنائهم، وتعاقدوا مع بعض تجار الخردة والروبابيكا على مستوى المحافظات المجاورة وكذلك من الشركات بعد دخول المزدات التي تقيمها للتخلص من هذه الإطارات .

ويكمل صاحب الورشة '' يتم تصنيع المقاطف والطواقي''السلك''من الإطارات المستعملة والتي تستخدم ''لتجبير'' الإطارات، لسد أي ثقوب في الإطارات حتى يتم استخدامها مرة أخرى، وكذلك نقوم بصناعة سيور عريضة ، والتي تستخدم لقوتها ومتانتها في حمل الحقائب بالمطارات، وسيور للجرارات التي تستخدم لحرث الارض، وكذلك نقوم بتصنيع ''شناير'' لصناعة سيور الغسلات وكذلك المطبات بدائية، و ''التيل'' المستخدم في صناعة الأنتريهات وأسلاك الصلب المستخدمة في الخرسانة‏''

300 ورشة تصنيع

''بالقرية ما يزيد 300 ورش ويعمل بكل ورشة حوالي عشرة عمال، بالإضافة لمئات من المحلات الخاصة بتجارة قطع غيار السيارات والإطارات بمختلف أنواعهأ، ولهذا يقبل على القري الزبائن من مختلف محافظات القاهرة، كما يأتي إلينا أصحاب ورش الالمونيوم والنحاس للحصول على بواقي التدوير، لإستخدامها في التسخين، ويباع الطن بمائة جنيه، وكذلك يأتي إلينا أصحاب محلات البلستيك، للحصول على تيلة ''الاطارات'' الخارجية، والتى تستخدم في الطحن وتحول لبودرة تصدر للخارج، او تستخدم في صناعة ارضيات الملاعب وصالات الرياضة'' هكذا شرح ''عبده'' مدي الاقبال على القرية وإستخدام منتجاتها في صناعات عديدة

ويحكي ''سعد محمد'' أحد عمال الورش، إنه يعمل بها منذ عشرون عاما ً، ويبدأ يومه بتفكيك الإطارات وحتلف طريقة التفكيك ومدته، حسب نوع الاطار، حسواء للملاكي او النقل''

''استمر في العمل على مدار عشرة ساعات يوميا ً، وخلال تلك المدة قد أتمكن من تفكيك وتقطيع 3 إطارات، ويومية العامل في الورشة لاتتعدى الاربعون جنيهاً، وتختلف حسيب عدد الاطارات والشرائح التى قمت بتفكيكها، او عدد المقاطف التى قمت بصناعتها'' واصفا ً '' سعد'' طبيعة مهنته .

لا ضمانات للعمال

أما عن المعاناة فيشرح لنا'' مهنة تدوير الكاوتش تعتمد على استخدام القومة الجسدية، وبالأخص اليدين، وكثيرا ً ما تعرضت لإصابات في الأوتار وعضلات اليدين، واضطرني ذلك للمكوث بمنزلي لمدة أسابيع، ولم أجد عائلا ً لأسرتي خلال تلك المهنة، فلا يوجد تأمين لنا، ولا معاشات لكبارالسن، بعدما يفقدوا القدرة على العمل ويتقدم بهم العمر ''.

وتحدث معنا وهو يقوم بنزع الجسم الخارجي من الاطار وتفكيك شرائح الجسمالداخلي بإستخدام السكين، ويقوم بهذا العمل بسرعة قد إعتادها نظرا لسنوات عمله الطويلة بتلك المهنة، ثم قال ''عدد الشرائح التى يتم تفكيكها يتوقف حسب مهارة العامل وقدرته على التفكيك والتقطيع دون وجود تالف، وكذلك حسب نوع الاطار سواء كان ملاكي أو نقل''

ويضيف '' هناك قطع صغيرة، تعتبر بواقي التدوير، يتم بيعها لمصانع قصب السكر لصناعة السكر، وجزء منها يذهب للمسابك في محافظة القاهرة لصناعة النحاس والالمونيوم، وأسعار تيلة الانترية يصل سعر الشريط لخمسة وعشرون قرشا ً، ويباع المقطف بخمسة جنيهات، والمطب البدائي بعشرون جنيها ً، اما الجزء الخارجي للاطار فيباع لمصانع البلستيل ويقدر الطن بحوالي 400 جنيهاً، ويتم طحنه بتلك المصانع ويحول لبودرة تصدر للخارج ''

في السياق ذاته يرى الخبير البيئي مجدي علام أن قرية ميت حارون هى نموذج بدائي لتدوير الاطارات، ولدينا حوالي 9 مليون إطار سنويا ً، ورغم إستخدامهم المعدات إلا أنه يتم التدوير فيها بشكل بدائي ولم يتم العمل حتى الأن في مصر على ما يسمى تدوير المخلفات بشكل عام وتدوير الإطارات بشكل خاص وهناك الكثيرون من الأشخاص يقومون بالتخلص منها عن طريق الحرق.

بديل

ويقبل أصحاب مصانع الطوب ومسابك الالمونيوم والنحاس ومصانع بودرة على تلك الورش للحصول على مشتقات الإطارات، لإستخدامها في تلك الصناعات بأشكال مختلفة، جميعها مخالف للبيئة.

هذه الإطارات تتكون من نحو‏20‏ مادة كيميائية‏،‏ منها المطاط الطبيعي والصناعي والكربون وأصباغ البولي استر والنايلون والكبريت والأسلاك وتكمن المشكلة في وجود الكبريت الذي يعطي التماسك للسائل قبل الصب‏،‏ ويصعب معه أعادة تفكيك أو تحلل الإطارات‏،وبالتالي لا تتحلل إلا بعد مئات السنينن وتزيد خطورته عند الحرق، وللاسف تلك الورش لا تملك حتى الان أفران حرق مطابقة للبيئة، ويقومون بحرق فضلات التدوير، كما أن حرقها يطلق مواد ملوثة للهواء ضارة بالإنسان والحيوان والنبات.

وطالب ''علام '' بضرورة أن يأخد رجال الصناعة برامج إعادة التدوير بمأخذ الجد من الممكن أن تساعد في تخفيض تكلفة المواد الخام وتكلفة التشغيل، تحسن صورتهم كمتهمين دائمين بتلويث البيئة، مضيفا أن تطبيق التدوير سيعود على البلاد بمزايا عديدة وفؤائد كثيرة.

ويشرح جمال الصعيدي، مدير إدارة البيئة بمحافظة الغربية، أن قرية ميت حاورن هى النموذج الامثل للاستفادة من الاطارات التالفة، وإن الادارة تتولى الاشراف ومتابعة المخالفات بها، وبالاخص التى تتعلق بعمليات الحرق، ويتم المرور والمتابعة وإجراء محاضر البيئة للمخالفين وإغلاق الورش المخالفة.

ويكمل ''طالبنا أصحاب الورش بضرورة إنشاء افران صديقة للبيئة لحرق المخلفات الناجمة عن التدوير، ولكنهم تقدموا بدراسة لإحدى الافران ولم تكن صديقة للبيئة، وبها إنبعاثات تفوق المدي المسموح به بيئا''.

ويصف جمال'' الصناعة في تلك القرية بأنها بدائية ولكنها مفيدة لكى يتم التخلص من الاطارات التالفة، ولكن برغم التجاوزات لا يمكن غلق الورش، فهي مصدر الدخل الوحيد لأهالي القرية.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان