شهر على إضراب الأطباء .. والنتيجة: ''إما الكادر وإما الهجرة''
تقرير- ياسمين محمد وشيماء الليثي:
بعد مرور شهر على بدء الإضراب الذي دخل فيه أعضاء المهن الطبية في 8 مارس الماضي، مطالبين بتطبيق قانون ''كادر المهن الطبية'' الذي تم إعداده في أبريل من عام 2012، ووافق عليه مجلس الشورى المنحل من حيث المبدأ ، هذا بالإضافة إلى المطالبة بتأمين المستشفيات من الاعتداءات المتكررة عليها من بعض اهالي المرضى ، وزيادة ميزانية الصحة ، وانشاء الهيئة العليا للدواء بعد أن اثبت وزراء صحة متعددين عدم قدرتهم على إدارة صناعة الدواء في مصر.
وقد رأى الفريق الطبي أن تطبيق قانونا لكادر ''المهن الطبية'' يعد بداية لتحسين المنظومة الصحية المترهلة في مصر ، وكذلك تحسين أحوال الأطباء ، الذين يعانون من العديد من المشكلات مثل تدني الاجور وعدم القدرة على استكمال الدراسات العليا ، مما ادى إلى اتجاه الكثير منهم إلى السفر للخارج .
وقد مر إضراب المهن الطبية خلال هذا الشهر بالعديد من المحطات التي مثلت بعضها خطوات ايجابية تجاه تحقيق مطالب الأطباء ، ومثل بعضها الاخر اتجاهاً لإبقاء الأمر على ما هو عليه ، لذا قام مصراوي برصد تلك المحطات التي تفاوتت بين الصعود والهبوط تجاه قانوناً خاصاً بالمهن الطبية يخرجهم من وطئة القانون رقم 47 لسنة 1978 الخاص بالعاملين المدنيين بالدولة ، والذي اعتبره الأطباء لا يراعي خصوصية المهنة .
المحطة الأولى : 8 مارس 2014
بدأ الإضراب الجزئي المفتوح الذي دخل فيها الأطباء بناء على قرار الجمعية العمومية التي عقدت في 21 فبراير الماضي ، وكذلك أطباء الاسنان بناءً على قرار جمعيتهم العمومية والصيادلة بناءً على قرار مجلس نقابتهم .
وتم تشكيل لجنة عليا لإدارة الأضراب مشكلة من أعضاء النقابات المختلفة لتكون حلقة وصل بين أعضاء المهن الطبية والحكومة في المفاوضات بشأن الكادر .
وقد اتجه أعضاء المهن الطبية إلى هذا الخيار ، بعد اصدار القانون رقم 14 لسنة 2014 والمعروف ''بقانون الحوافز'' بقرار جمهوري بداية شهر فبراير الماضي ، والذي اعتبره الفريق الطبي قانوناً مشوها يفرغ الكادر من محتواه .
ويعتبر هذا الاضراب ليس الاول الذي يدخل فيه الأطباء ، بل الثالث ، فقد سبقه اضرابي 2008 و2012 المفتوحان أيضاً بالإضافة إلى الاضرابات المتقطعة التي دخلوا فيها بداية يناير الماضي ، وكانت تلك الاضرابات تنادي بمطلب واحد وهو قانون كادر المهن الطبية .
المحطة الثانية : التعديل الوزاري
مر اضراب المهن الطبية بمنعطف هام بسبب التعديل الوزاري الذي تم في اول مارس الماضي ، والذى جاء فيه الدكتور عادي العدوي وزيراً للصحة ، خلفاً للدكتورة مها الرباط ، التي تقدم الأطباء ضدها بشكاوي عديدة تتهمها فيها بإهدار حقوق الأطباء بسبب موافقتها على القانون رقم 14 لسنة 2014 ، وقد أدت تلك الشكاوى المتعددة إلى تحويلها للجنة آداب المهنة بالنقابة بناءً على قرار عمومية 21 فبراير .
وقد أدى مجئ الدكتور عادل العدوي وزيراً للصحة إلى عودة المصالحة بين الأطباء ووزارة الصحة ، حيث عقد الوزير عدد من الاجتماعات مع الفريق الطبي ، عن طريق لجنة مشكلة من وفد الصحة ووفد الأطباء لوضع قانون للمهن الطبية يوافق عليه الطرفين .
وبالفعل تم اقرار قانوناً جديدا، أقر الأطباء أنه ليس الكادر الأصلي الذين يطمحون إليه ولكنه مرحلة أولى من مراحل ثلاث تجاه قانون الكادر ، وقد وافقت عليه الجمعية العمومية الاخيرة للأطباء التي عقدت في 28 مارس الماضي .
وبموافقة وزير الصحة على القانون الجديد ، خرجت وزارة الصحة من دائرة الخلاف مع أعضاء الفريق الطبي ، ليدخل مكانها وزارة المالية .
المحطة الثالثة : الخلاف مع وزارة المالية
بعد موافقة وزارة الصحة على القانون الجديد ، الذي نتج عن اجتماع اللجنة العليا للاضراب مع لجنة وزارة الصحة ، والذي جاء كتعديل لقانون الحوافز وكمرحلة أولى لقانون الكادر ، جاءت المرحلة الثانية وهي عرض القانون على وزارة المالية لتخصيص جزء من ميزانية الدولة لتطبيقه .
إلا أن وزارة المالية أحبطت آمال الأطباء، فبعد أن تم تأجيل موعد الاجتماع مع وفد العليا للإضراب مرتين ، جاءت المرة الثالثة ليحضر الاجتماع وكيل الوزارة على السيسي ، بدلا من الوزير ، والذي اعترض الوفد على ما وصفونه بإهانة الاطباء حيث توجه لهم بألفاظ غير لائقة وأكد أن قانون الحوافز الذي اعترض عليه الفريق الطبي هو الذي سيتم اعتماده وليس القانون الجديد .
من جانبه قال الدكتور محمد فتوح ، عضو اللجنة العليا لإضراب الأطباء ، أن تكلفة القانون الجديد هي 7 مليار و122 مليون جنيه ، وهو رقم يزيد عن تكلفة تطبيق قانون الحوافز بـنحو مليار جنيه فقط ، وتعجب فتوح من تعنت المالية ضد تطبيق هذا القانون .
أما الدكتور ايهاب الطاهر ، الأمين العام لنقابة أطباء القاهرة ، أنه يمكن تطبيق المرحلة الأولى من القانون المقترح ، دون أن تتحمل الدولة أي اعباء اضافية ، إذا علمنا أن المادة 18 من الدستور تنص على أن حصة الصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الاجمالى ( أى ما يعادل حوالى 8 % من موازنة الدولة ) بحلول موازنة عام يوليو 2016 ، أى أن الدولة ملتزمة بزيادة موازنة الصحة بنحو 24 مليار جنيه ، بمعدل 8 مليارات جنيه سنويا حتى عام 2016 .. فإذا تم تخصيص ربع الزيادة السنوية فقط ( 2 مليار ) لتمويل المشروع .. فإنه يمكن بتمويل المشروع كاملا على ثلاث مراحل تبدأ فى يوليو 2014 و تنتهى فى يوليو 2016 بدون تحميل الدولة أى أعباء إضافية .
المحطة الرابعة : الاستقالات الجماعية المسببة
جاءت خطوات الاستقالات الجماعية المسببة كخطوة تصعيدية ، قامت بها نقابة الأطباء ، بسبب تعنت وزارة المالية ضد تطبيق قانون الكادر المقترح .
وأوضحت النقابة أنه سيتم تجميع الاستقالات من الأطباء العاملين بوزارة الصحة حتى تصل لـ20 ألف استقالة ، وسيتم تقديمها للوزارة لبحث اسبابها لتقبل معاً أو ترفض معاً .
وأشار الأطباء أنه في حالة قبول تلك الاستقالات سيكون على الدولة الاستعانة بأطباء من الخارج إذا كان هناك من يوافق على المرتبات المتدنية التي يحصل عليها الأطباء والتي تعتبر أقل اجر في العالم يحصل عليه الأطباء .
وأوضح الدكتور رشوان شعبان الأمين المساعد لنقابة الأطباء ، أن الأطباء لجأوا إلى هذه الخطوة لانهم أصبحوا غير قادرين على تقديم الخدمة الطبية لمرضى في ظل منظومة صحية مترهلة .
المحطة الخامسة : اضطهاد المواطنين والاعلاميين ومرشح رئاسي يتوعد باعتقال الاطباء
لم يواجه اضراب الفريق الطبي بقبول من المواطنين ، حيث اعتبر العديد من المواطنين أن هذا الاضراب لن يضر سوى المريض الفقير الذي يضطر للعلاج في المستشفيات الحكومية .
وقال محمد القفاص ، أحد المرضى المترددين على مستشفى المنيرة ''أي حد ممكن يعمل إضراب إلا الأطباء، لأنها مهنة إنسانية قبل كل شيء ولما كل الناس تعمل اضراب يبقى هنوقف حال البلد ''.
أما الاعلاميين فقد واجه بعضهم الاضراب بهجمة شرسة ، معتبرينه ضد مصلحة المريض ، ومعتبرين مطالب الأطباء فئوية لا تتناسب مع المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر ، وكان على رأس الاعلاميين المهاجمين للإضراب الاعلامية ريهام سعيد والصحفي إبراهيم عيسى .
أما المرشح الرئاسي مرتضى منصور علق على الاضراب بقوله '' أقسم بأنه في حال فوزي برئاسة مصر سأقوم باعتقال هؤلاء الأطباء لأن إضرابهم يضر بمصلحة المواطن، وبالنسبة لي صحة المواطن أهم من جيب الطبيب، كما أن البلد منهكة اقتصاديا ونسبة البطالة في ازدياد والعشوائيات أيضاً فكيف سنزيد لهم رواتبهم؟''.
وقد علقت الدكتورة منى مينا على كل من يهين إضراب الأطباء ، بأن هذا الأمر يتوجب من الاطباء رفع قضايا سب وقذف ، لأنه يعتبر تضليلا للرأي العام بإيهامه أن الاضراب ليس لصالح المريض ، وهذا ما أقرته العمومية الاخيرة للأطباء برفع قضايا ضد كل اعلامي يضلل الرأي العام ، وبالفعل قام الدكتور أحمد شوشة رئيس اللجنة العليا لإضراب المهن الطبية برفع قضية ضد الاعلامية ريهام سعيد .
المحطة السادسة : مسيرات إلى رئاسة الوزراء والبدء في الاضراب الاداري
إلى جانب الاضراب الجزئي المفتوح ، والاستقالات الجماعية المسببة ، نظم الفريق الطبية مسيرتان إلى مجلس الوزراء ، إحداهما في وم الطبيب المصري ، والاخرى السبت الماضي للمطالبة بالكادر .
وكخطوة تصعيدية جديدة ضد تعنت الحكومة ،أعلنت اللجنة العليا لإضراب المهن الطبية ، أنها ستبدأ في الاضراب الاداري بدءً من 15 أبريل القادم ، يتضمن كل إداريات المستشفيات ماعدا ما تتوقف عليه مصالح المواطن المصرى، فضلا عن استمرار إضراب الأطباء الجزئي.
وتعد هذه الخطوات الست هي أبرز ما تم في اضراب المهن الطبية ، ولازال الأطباء يسعون نحو تنفيذ مطالبهم ، قبل أن يلجأوا إلى خيار الهجرة كما فعل الدكتور محمد فتوح ، عضو اللجنة العليا للإضراب ، والذي قرر السفر إلى دولة عربية ، والذي رفع في الجمعية العمومية الأخيرة جواز سفره مشيراً للأطباء أن هذه هي المعركة الأخيرة وإذا لم تنجح فعلى كل طبيب أن يأخد جواز سفره ويهاجر واصفا وضع الصحة في مصر بـ''الجريمة''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: