النفوذ الأمريكي في مصر بعد 30 يونيو؟
تقرير – هند بشندي:
''حجم النفوذ الأمريكي في مصر مجرد أوهام مزيفة''.. هكذا كُتب في صفحة الرأي بصحيفة ''لوس أنجلوس تايمز، ''بعكس صحيفة واشنطن بوست الأمريكية التي لم تقلل من شأن النفوذ الأمريكي على مصر لكنها اعتبرت في احدي افتتاحيتها ان الولايات المتحدة ''فقدت هذا النفوذ''.
''نفوذ هامشي''
الرئيس السابق أنور السادات هو أول من حول عقيدة القوات المسلحة المصرية من السلاح الروسي لنظيره الأمريكي، وهنا كانت بداية التحول، هكذا يوضح أسامة الدليل، نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام ورئيس قسم الشئون الدولية بمجلة الأهرام العربي.
ورأى الدليل في تصريحات لمصراوي أن النفوذ الأمريكي الاقتصادي والعسكري والسياسي على مصر من الأصل نفوذ ''هامشي''.
وأشار إلى أن السلاح الأمريكي في مصر ليس هدية من الجيش الأمريكي ولكن مصر تدفع ثمنه بالكامل، والمعونة الأمريكية تقلصت لدرجة ان وصلت إلى 1،3 مليار دولار، وهي معونة عينية وليست نقدية تتعلق صيانة والتدريب على السلاح الأمريكي وقطع الغيار.
''وبالنسبة للشق الاقتصادي فتساهم الولايات المتحدة وفقا للدليل بدعم الاقتصاد بـ250 مليون دولار نقدا وهو مبلغ ضئيل بالنسبة للاقتصاد المصري''.
وعن المستوي السياسي لفت إلى أنه لا توجد في مصر جماعات سياسية مرتبطة بالولايات المتحدة وتقوم بعمل مفاوضات معها سوى جماعة الإخوان المسلمين التي اعتادت على هذا حتى في ظل حكم مبارك، أما بالنسبة للحكومات المتتالية في مصر، يوضح الدليل أنه لم يكن هناك فرض سياسات، لكن كان هناك ضغوط أمريكية من أجل تبني سياسات معينة، وكلها ضغوط تصب في صالح أمن إسرائيل.
وأوضح الدليل أن أمن إسرائيل أمر التزم به السادات وحسني مبارك ومحمد مرسي، بل إن محمد مرسي كان الأكثر تطرفا سواء في خطابه الذي قال فيه صديقك الوفي أو في دخوله بشكل مباشر في عملية وساطة بين حماس وإسرائيل في أزمة غزة الأخيرة ودفع حماس للتعهد بعدم القيام بأعمال عدائية ضد إسرائيل.
''لا طلاق''
من وجهة نظر مغايرة، يرى الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، أن النفوذ الأمريكي في مصر لا يزال كبيرا، إن لم يكن بنفس الحجم الذي كان أيام الرئيس مبارك، فالولايات المتحدة صاحبت أكبر نفوذ لدولة أجنبية لدينا في مصر.
لا ينكر إبراهيم أن الأحداث أثرت بالطبع في العلاقات المصرية الأمريكية، ويوضح لمصراوي أن الأحداث الأخيرة تسببت في نشوب توتر في العلاقات، وهو توتر واضح في تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الحكومة المصرية الدكتور حازم الببلاوي.
لكنه يشير إلى أنه رغم ذلك فالعلاقات مازالت مستمرة لأن من مصلحة الطرفين استمرار هذه العلاقات، واعتبر ان ما يحدث بين مصر والولايات المتحدة مثل الزواج هناك خلافات موجودة لكن لم يقع الطلاق بعد.
وعن علاقة الفريق عبد الفتاح السيسي، بالولايات المتحدة أوضح أنها علاقات قوية، فهو تدرب هناك ويعلم أن الولايات المتحدة تمده بالسلاح وهو يحتاج هذا السلاح وبالتالي مهما بدا عليه من استقلالية لكن الحقيقة أن هناك عشرة حبال تربطه بالولايات المتحدة.
''وعكة''
قال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن العلاقات المصرية الأمريكية لم تكن أبدا في صحة جيدة، فهي دائما ما كانت متوعكة، وفي هذه الفترة تحديدا ربما زاد هذا التوعك أكثر؛ خصوصا أن ما حدث في مصر هو حرب ضد الإرهاب تحاول الولايات المتحدة فهمه بشكل خاطئ تمام.
ويري اللاوندي أنه رغم تلويح الولايات المتحدة بمنع المعونة الاقتصادية التي تقدمها لمصر بكن القاصي والداني يعرف أن الولايات المتحدة تستفيد منها كما تستفيد منها مصر.
ومع ذلك يعتقد اللاوندي ان الوضع الحالي مع الولايات المتحدة وأوباما تحديدا سيئ للغاية.
وأوضح اللاوندي أن أكثر ما سوف يتضرر في العلاقات هي العلاقات التجارية، مضيفا أن التعامل التجاري انخفض كثيرا بين واشنطن ومصر والسبب في ذلك أن الولايات المتحدة تريد ان تكون مصر ضيعة تابعة لها تأتمر بأمرها وهو أمر لا يقبله المصريون، مشيرا إلى أن هذا لن يؤثر على مصر كثيرا نتيجة وقفة دولة الخليج مع مصر خصوصا السعودية والإمارات.
وعن استقلالية القرار المصري، قال اللاوندي إنه قرار مستقل وهكذا أكد الفريق أول عبد الفتاح السيسي عندما قال ان ما حدث في مصر لم يأخذ فيه رأي أي قوى لا إقليمية ولا دولية وأنه جاء مستقل وبإرادة مصرية تامة، موضحا أن هذا ما أغضب الولايات المتحدة الأمريكية.
ويرفض خبير العلاقات الدولية فكرة انتهاء الهيمنة الأمريكية السياسية على مصر، مبررا ذلك بأن الولايات المتحدة تمارس هيمنتها على العالم أجمع، باعتبار ''أننا نعيش عصر أحادي القطبية بعد أن كنا نعيش عصر ثنائي القطبية في زمن الاتحاد السوفيتي السابق، لكنه يؤكد ان رغم ذلك فان العلاقات لن تعود ابدا لسابق عهدها''.
فيديو قد يعجبك: