بعد 30 يونيو.. هل يتغير موقف واشنطن من نظام الإخوان؟
كتبت – هبه محسن:
حالة من الترقب تعيشها الإدارة الأمريكية الآن بعد انقلاب المشهد السياسي المصري ضد نظام حكم الإخوان المسلمين، وهذه الحالة عكسها الرئيس الأمريكي باراك اوباما في تصريحاته التي أكد فيها أن بلاده تنظر إلى الأوضاع في مصر بقلق شديد.
التصريحات الأمريكية جاءت في وقت تشهد فيه مصر مظاهرات حاشدة في جميع ميادين مصر لرفض حكم الإخوان المسلمين والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو ما طرح تساؤلاً حول الموقف الأمريكي تجاه النظام الحاكم في مصر؟ وهل تخلت أمريكا عن دعم الإخوان المسلمين؟
هذه التساؤلات أجاب عنها عدد من الخبراء السياسيين الذين تحدثوا إلى مصراوي وأكدوا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش حالة من الترقب قبل تحديد موقفها من نظام حكم الإخوان المسلمين.
''نظام مرفوض شعبيا''
بدايةً، أوضح الدكتور جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أن أمريكا لا تدعم أي نظام مرفوض شعبياً لأنها تدرك جيداً أنها غير قادرة على السير عكس التيار الشعبي في مصر لأن هذا لا يحقق مصالحها، حسب قوله.
وأضاف سلامة أن أمريكا كانت تدعم الإخوان المسلمين في البداية لأنهم ظنوا أن الإخوان لديهم القدرة على تحقيق التوافق الشعبي بما يحقق المصالح الأمريكية في المنطقة.
كما تصوروا أن الإخوان هم القوي السياسية الوحيدة المنظمة في الشارع المصري والتي لها شعبية كبيرة وقدرة هائلة على الحشد، ولكن هذا التصور سرعان ما تبدد مع خروج مئات في الشارع للمطالبة برحيل هذا النظام، هكذا قال سلامة.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أن الموقف الأمريكي سيتغير بشكل دراماتيكي في الفترة المقبلة، وقد بدت علامات التغير واضحة في لهجة خطاب الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته، فضلاَ عن مخاوفهم على رعاياهم في مصر.
وتابع ''الإدارة الأمريكية الآن تفكر فيما بعد 30 يونيو فهي سواء استمر النظام الإخواني أو لم يستمر، لأنه حتي باستمرار هذا النظام بعد 30 يونيو سيصعب على أمريكا دعمه في ظل الرفض الشعبي له لأن هذا يضر بمصالحها في المنطقة''.
وتوقع الدكتور جمال سلامة أن يضغط الكونجرس الأمريكي على الرئيس باراك أوباكا لتبني موقفاً مضاداً من الإخوان المسلمين، وخاصة وان هناك أعضاء في الكونجرس لم يكونوا راضيين عن آداء الإدارة الأمريكية تجاه مصر ونظام الحكم فيها، كما توقع أن ينتهي مستقبل الإخوان المسلمين في مصر بعد 30 يونيو حتي إذا لم يرحل الرئيس.
''المصالح الأمريكية تتحدث''
وأكد الدكتور إكرام بدر الدين رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن ''أمريكا تعمل فقط من أجل مصالحها ومواقفها مع أي نظام سياسي في العالم تتحد على هذا الأساس، ولذلك فهي تعمل في مصر على فتح قنوات اتصال مع الجميع القوي والتيارات السياسية''.
وأضاف في حديثه مع مصراوي أن انحياز الولايات المتحدة الأمريكية في النهاية سيكون لصالح الطرف الذي سترجح كفته سواء كان المعارضة أم السلطة.
وأوضح ''بدر الدين'' أن تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن الاوضاع في مصر ليست جديدة فهو يدعو للحوار من فترة ودائماً ما يسعي للوصول إلى حلول وسطية لكي لا تتضرر مصالح بلاده في مصر، ولكن قد تكون هذه التصريحات مختلفة نسبياً لأنه لم يتطرق إلى الشرعية على عكس تصريحاته السابقة عن مصر ونظام الحكم فيها.
واستطرد قائلاً أن ''الإدارة الأمريكية الآن تعيش لحظات ترقب واضحة، في انتظار رؤية ما سيحدث في الفترة القليلة المقبلة، وعلى ضوء الصورة على أرض الواقع سيتحدد موقفها من نظام الإخوان المسلمين''.
''تحول لصالح الشعب''
وأكمل الدكتور سعيد اللاوندي الكاتب الصحفي المتخصص في الشئون والعلاقات الدولية بصحيفة الأهرام، أن موقف الولايات المتحدة تحول بشكل واضح ضد حكم الإخوان المسلمين بعد خروج الشعب إلى الشارع للتظاهر ضد هذا الحكم.
واكد في حديثه مع مصراوي أن كانت متعاطفة مع الإخوان المسلمين ظناً منها ان هذا النظام سيحقق آمن إسرائيل وبالفعل قام الرئيس محمد مرسي بضمان أمن إسرائيل وتنازل عن أمور كثيرة في سيناء لصالح إسرائيل، أما الآن فهي تعلم جيداً أنها لن تستطيع أن تقف ضد إرادة الشعب المصري وتسير عكسه وتستمر في دعم النظام الإخواني.
وأضاف ''اللاوندي'' أن أمريكا رفعت الغطاء السياسي عن الرئيس محمد مرسي وتركته فريسة للغضب الشعبي الذي تزايد ضده، خاصة بعد تفاقم أزمات البنزين والسولار والمياه وتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
ولفت الخبير في الشؤون الدولية أن حديث الرئيس اليوم لصحيفة ''الجارديان'' البريطانية عن ثقته في ولاء الجيش ما هو إلا محاولة لطمأنه أهلة وعشيرته، ولكن الحقيقة تؤكد أن الخلاف بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة محتدم.
''أمريكا تراجع نفسها''
أما الدكتور عبد المنعم السعيد المفكر السياسي والمتخصص في الشئون الأمريكية، فقد أكد أن الموقف الأمريكي الآن في حالة مراجعة من عدة زوايا، حيث أن أمريكا كانت تري القوي المدينة في مصر ضعيفة وليس لها وجود في الشارع على عكس الإخوان المسلمين ولكن هذا التصور ثبت عدم صحته الآن مع خروج الشعب إلى الشارع ضد حكم الإخوان المسلمين.
وأضاف في حديثه مع مصراوي أن الإخوان كانوا يتوقعون أن يكون أداء الإخوان المسلمين في مصر كأدائهم في تركيا، حيث كانوا يتوسمون فيهم النضج السياسي والاقتصادي ولكن ثبت لهم بعد تجرية عام في الحكم عدم دقة هذا التصور ومخالفته للواقع على الأرض.
وتابع ''أمريكا كانت تنظر للإخوان المسلمين على اعتبار أنهم جماعة مدنية لا تتبني الفكر الإسلامي والمتشدد، ولكن هذا الأمر أيضاً تبين لهم عدم دقته من خلال ممارساتهم في السلطة وعلاقاتهم بالجماعات الجهادية التي تتبني منهجاً فكرياً متشدداً، وهو ما أدى إلى إخراج دستور ديني للبلاد''.
وشدد ''السعيد'' على أن أمريكا تدرك جيداً أنها لن تستطيع تغيير مسار الشعوب، وفي حال اندلعت أحداث عنف في الشارع سيكون لأمريكا وجميع الدول الغربية موقفاً حاسماً من هذا النظام.
فيديو قد يعجبك: