الشيخ زويد.. ماذا يجري هناك
كتبت – سارة عرفة وسامي مجدي:
الطريق من الموقف الجديد في العريش بشمال سيناء إلى مدينة الشيخ زويد التابعة لنفس المحافظة يأخذ في العادة أقل من ساعة زمن إلا أنه هذه المرة أخذ أكثر من ساعتين. كان على السائق أن يسلك طرقا جانبية وسط مزارع الزيتون والنخيل لتفادي الأكمنة الأمنية والعسكرية، أشهرها كمين الريسة الذي شهد أكثر من 50 هجوما من قبل الجماعات المسلحة.
الأجرة ارتفعت للضعف (خمسة جنيهات للراكب الواحد) منذ بدء العمليات الأخيرة ضد ''الإرهابيين''، و''التكفيريين'' و''الجماعات المسلحة'' الأخرى، التي لازالت تقوم بمناوشات هنا أو هناك ضد قوات الجيش والشرطة، وإن خفت عن فترة ما بعد 30 يونيو مباشرة.
''الميدان مغلق''
عندما وصلنا إلى الشيخ زويد كان الميدان – المنطقة أمام قسم الشرطة – مغلقا تماما وكانت السيارات تمضي من شوارع خلفية لتصل إلى الموقف الذي انتقل إلى منطقة تبعد نحو كيلو متر واحد عن المكان القديم. أمكننا مشاهدة أثار التفجير الذي شهده الميدان قبل أكثر من شهر؛ حيث مازال بعض الحطام مكانه لم يرفع بعد، وأغلقت مقدمة الشوارع المطلة على الميدان، واعتلى الجنود أسطح المباني الحكومية بعد تحصينات من (أجولة الرمل) أقاموها لحماية أنفسهم من هجمات لا يعرفون من أي اتجاه ستأتي في المرة القادة.
في اليوم الذي كنا فيه هناك (الجمعة 27 سبتمبر) تمكن المسلحون من مهاجمة مبنى الضرائب القريب من ميدان الشيخ زويد وأردوا أحد الجنود قتيلا، كما تمكنوا أيضا من قتل أحد ضباط الشرطة برتبة ملازم كان لتوه قادما لاستلام مهام عمله مع نفر من زملاءه.
سائق التاكسي الذي أقلنا من حيث اقمنا إلى موقف العريش الجديد، صب جام غضبه على ''الإرهابيين'' و''التكفيريين'' الذين يتخذون أو كانوا يتخذون من قرى الشيخ زويد ورفح مرتعا لهم. يقول السائق، الذي تحدث دون أن يعرف هويتنا الصحفية، إن العريش ''هادية زي ما انتوا شايفين.. القلق كله في الشيخ وفي المهدية وفي الجورة ورفح''.
اتصالات للعودة
كانت الشيخ زويد معقلا لمن يسمون أنفسهم بـ''الجهاديين''، ويطلق عليهم الأمن والجيش وبعض الأهالي ''الإرهابيين أو التكفيريين أو الجماعات المسلحة''، إلا أن من لم يقع في قبضة الأمن أو أفلت من القتل، فر إلى الجبال في وسط سيناء تحت وطأة العمليات، كما قال أحد عواقل سيناء الذي طلب منا عدم ذكر اسمه. مصدر آخر في سيناء تحدثنا إليه عبر الهاتف ذكر أن أعدادهم تتراوح بين ألفين إلى خمسة آلاف.
يقول مصدرنا وهو من العالمين ببواطن الأمور في سيناء أن الأهالي في الشيخ زويد يستقبلون قوات الجيش بالفرح ويرشدونهم على بيوت المشتبه بهم، ويضيف أن القوات تحرق سيارات الدفع الرباعي ويتركوها مكانها.
وكشف المصدر أن بعض أبناء القبائل المنضمين إلى هذه الجماعات يجرون اتصالات مع كبار وعواقل قبائلهم يسألونهم العودة وحلق اللحى والعيش بصورة طبيعية، ويشير إلى أن الرد يكون يمكن تسوية أي أمر إذا لم يكن الشخص متورطا في دم، والقضاء هو الفيصل في النهاية.
يتحدث الأهالي بامتنان عن الجيش والشرطة، ولا ينكرون أن هناك بعض التجاوزات، التي تقع أثناء العمليات، إلا أنه يتغاضون عنها – كما أكد أكثر من شخص من الشيخ زويد – في سبيل تخليصهم من ''الإرهاب''. هم في ذلك يقولون إن قوات الجيش لم تعتاد على مطاردة المجرمين والإرهابيين، فهي مدربة على خوض حرب ضد عدو أمامها تعرفه، أما في هذه الأحوال فهم لا يعرفون أي عدو يواجهون ''فالجندي في الكمين لا يعرف من اي اتجاه ستأتيه الرصاص''، كما ذكر لنا المصدر.
جميع من قابلناهم من الأهالي أنكروا ما قيل عن أن قوات الجيش أحرقت المساجد، كما روج ويروج أنصار جماعة الإخوان المسلمين، وإن اقروا بأن القوات أضرمت النار في بعض منازل ''الإرهابيين'' في قرى الشيخ زويد كالمهدية، والقبض على بعض الأشخاص بالخطأ.
لا لسيارات الدفع الرباعي
ما لاحظناه أثناء تواجدنا في الشيخ زويد هذه المرة هو ندرة سيارات الدفع الرباعي، بل إننا لم نرى أيا منها. تلك السيارات التي اعتادت الجماعات المسلحة استخدامها في شن هجماتها على قوات الجيش والشرطة والمباني العسكرية والحكومية، لذا ما أن تقترب أي سيارة من كمين للجيش أو الشرطة تطلق عليها القوات النار خاصة في أوقات مابعد حظر التجوال. هذا ما أكده سائق السيارة التي أقلتنا إلى منزل الحاج حسن خلف في قرية الجورة حيث كنا على موعد للحديث معه عن ذكرياته عن حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر.
كما أن السيارات الملاكي تكون هي الأخرى موضع شبهة، فابن الحاج حسن خلف (جعفر) وقع ضحية ركوبه سيارة ملاكي اقتربت من كمين للجيش، فأطلق الجنود النار باتجاهه فأصابته أربع رصاصات (ثلاث في ظهره وأخرى في كتفه) توفي على اثرها بعد نقله لمستشفى العريش العام ومنها إلى المستشفى العسكري.
يقول الحاج حسن خلف إنه نصح ابنه بألا يستقل سيارات ملاكي وأن يستعين بسيارات الأجرة، بعد تحذير الجيش بعدم الاقتراب للسيارات الملاكي من الأكمنة، '' لأن ''الإرهابيين'' يستخدمونها في مهاجمتهم''، ألا أن الابن لم يستمع لنصح الأب فكان ما كان. ويؤكد خلف أن إصابة ابنه ليست مقصودة مشيرا إلى اتصال رئيس الأركان الفريق صدقي صبحي به وعرضه نقل الابن لمستشفى المعادي العسكري.
أبو دراع
ربما كانت قضية الصحفي أحمد أبو دراع، مراسل صحيفة المصري اليوم وقناة أون تي في، أبرز القضايا في الفترة الأخيرة، فالقضية أثارت الوسط الصحفي والحقوقي، إلا أن بعض أهالي سيناء ومنهم ناشطون سياسيون، أكدوا لمصراوي أن أبو دراع كان على تواصل مع الجماعات المسلحة وأنه أمدهم بمعلومات عن تحرك القوات، كما أن بعض أولاد عمومته ممن يسمون انفسهم بـ''الجهاديين''.
مصادر في المصري اليوم أكدت لمصراوي أيضا هذا الكلام، وأشاروا إلى أن هذا السبب وراء عدم تصعيد الأمر من قبل إدارة الجريدة. ويحاكم أبو دراع في محكمة عسكرية بالإسماعيلية، وقد نظمت مؤتمرات ووقفات احتجاجية لدعم أبو دراع في قضيته.
وقد انتهت قضية أبو دراع بأن قضت محكمة عسكرية بسجنه ستة أشهر مع وقف التنفيذ، أفرج بعدها عن أبو دراع مباشرة، وذكر محامي نقابة الصحفيين أن تقرير المخابرات الحربية كان سببا في هذا الحكم.
وحتى الآن تعيش الشيخ زويد بسن تفجير هنا وإطلاق نار على جندي أو ضابط هناك، علاوة عن تهديدات تأتي لكبار مشايخ وعواقل القبائل المؤيدين لخارطة الطريق والقوات المسلحة فيما تخوضه من حرب ضد ''الإرهاب''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك … اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: