لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حوار- كابتن غزالي يحكي ذكريات المقاومة الشعبية من النكسة حتى النصر

04:26 م الأربعاء 23 أكتوبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار- محمد أبو ليلة وأشرف دياب:

جلس ''كابتن غزالي'' على كرسيه الخشبي، وسط عدد كبير من الكتب وشهادات التقدير وضعهم في مكتبته الصغيرة، وأخذ يحكي ذكرياته وبطولاته مع المقاومة الشعبية في السويس منذ نكسة 1967 وحتى انتصار أكتوبر 1973.

لم يكن من الصعب الوصول إلى كابتن غزالي، فجميع من في السويس يعرفونه ويلقبونه ببطل (البندقية والسمسمية). حينما وصلنا إلى مكتبته الصغيرة في أحد أحياء السويس القديمة، استقبلنا بحفاوة وتواضع ''أهلا بالرجالة''.

تذكرنا للتو كلمات وأغاني كابتن غزالي التي زادت عن 800 أغنية، والتي طالما كانت تشعل حماس أبطال السويس وجنودنا على الجبهة وقت حربي الاستنزاف وأكتوبر، أمثال ''غني يا سمسمية لرصاص البندقية، عضم ولادنا نلمه نلمه، ونعمل منه مدافع، احنا لها احنا لها الحرب احنا أدها''.

حوارنا مع بطل السمسمية والبندقية استمر لأكثر من ساعة، تناول فيها بطولات السويس في حرب أكتوبر، وكشف عن إهمال الدولة لمحافظة السويس طيلة السنوات الماضية، وأكد أنه بعد مرور أربعين عامًا على حرب أكتوبر، لم تستفد السويس بشيء.

''ولاد الأرض''

يقول كابتن غزالي ''بعد 5 يونيو 1967 بدأ التفكير مع مجموعة من الشباب لعمل مقاومة شعبية، وصمموا على ألا ينهزموا، بعد أن شاهدوا بأنفسهم عدد كبير من جنود وضباط الجيش عائدين من سيناء، وأصبحوا شاردين في مدينة السويس يوم 8 يونيو، حين قام شعب السويس بمساعدتهم ومعالجة المصابين منهم''.

بدأ الفدائيون يجمعون أسلحة جاءوا بها من الجبال وبعضها كانت مع الجنود، ونظموا المقاومة الشعبية التي تكونت من 6 آلاف فرد، كان دورها حينئذ حراسة المنشأت ومعاونة الجيش في حركاته وبعض عملياته في سيناء.

بالإضافة إلى ذلك شكل ''كابتن غزالي'' فرقة من المثقفين والشباب أسماها ''أولاد الأرض''، تمثلت مهمتها في إلقاء الأغاني الثورية؛ لتحميس الشباب والمقاتلين على الجبهة.

أثناء حديثنا رأينا ''سمسمية'' مُعلقة على الحائط خلف كابتن غزالي، استئذاناه أن يغني لنا واحدة من أغانيه على ألحانها، لكنه اعتذر لعدم قدرته على العزف بسبب مرض أصابه في أصابعه، واكتفى بترديد تلك الأبيات ''احنا لها احنا لها.. الحرب احنا أدها.. هنخوضها شعب وجيش سوا.. هنخوضها لأجل ما ترتوى.. أرض بلدنا بدمها.. تطرح ولاد على كفها''.

يقول كابتن غزالي: ''هذه الأغاني أصبحت توثيق لحرب أكتوبر والسويس، كل شيء تريد أن تعرفه عن الحرب ستجده في أغاني المقاومة الشعبية، وعندما قمنا بتلك التجربة التهبت الجبهة وأصبحت أخطر من كل الأسلحة التي كانت مع الجيش، كنا نؤلف ونغني أغاني وطنية لتحميس كل المصريين، وهذا جعلنا نلف قرى ونجوع مصر نحكي للناس ما يحدث على الجبهة في السويس ومدن القناة''.

ويكمل حديثه بالقول: ''بدأنا ببطانية مفروشة على الأرض، وأقمنا مسرحا لنا نُنشد من فوقه الأغاني الحماسية التي تزيد من التعبئة المعنوية للجيش والفدائيين على طول الجبهة والمواقع العسكرية من بورسعيد للغردقة، هذا نوع من الطرب، الأغاني في وقتها كانت منشورات سياسية وتجذب الناس، لكن المناخ السياسي الآن تغير. غني يا سمسية لسه الناس بتغنيها''.

حينما توفي الزعيم جمال عبد الناصر، قرر السادات تسريح المقاومة الشعبية في السويس وأخذ منا الأسلحة واعتقل جزء منها، لكن بقيت مجموعة من شباب السويس تعمل مع المخابرات، في منظمة سيناء العربية، وقاموا بمهام خاصة بالقوات المسلحة، رغم قلة عددهم.. هكذا تحدث ''كابتن غزالي'' عن المقاومة بعد وفاة ''ناصر''.

حرب السويس

بمجرد سؤاله عن ذكرياته في حرب السويس يوم 24 أكتوبر 1973، لم يقل شئ سوى هذه الأبيات التي كتبها تخليدا لروح شهداء تلك المعركة.

''خلديهم يا بلدنا لما نصرك يبقى عيد، على محرم بن قلبك مصطفى وأخوه سعيد، خلديهم يابلدنا وأيدي منهم نور صباحك، خلدوكي هم قبلا لأجل ما تعود لبراحك، إبراهيم سليمان وأشرف أحمد أبو هاشم في أشرف، ملحمة والمولى حافظ، ندهتك فايز يا حافظ، والسويس أدان ومدنى''.

يقول كابتن غزالي: ''هؤلاء الشهداء كانوا بواسل وعملوا البدع وضربوا الدبابات الإسرائيلية، وكان في السويس أكثر من 10 ألاف عسكري قاعدين في البيوت، كانوا مؤخرات الجيش الثالث، وشعب السويس هما اللي طلعوا يضربوا، لحد ما منعنا اليهود من دخول السويس، وفضلنا متحاصرين احنا والجيش الثالث 101 يوم''.

''يا صبر يا صبار.. مضغوك الغلابة، زرعوك يا صبر على قبر الشهيد لبلابة، زى الهوا.. يا حبيبى زى الهوا غنوك الديابة.. نشيد للجيل.. يهد الحيل.. وزيادة.. إنما للصبر حدود''.. هكذا كان يغني كابتن غزالي وشعب السويس وقت الحصار.

''كابتن غزالي'' لا يُخفي نقمه من عدم تقدير دور السويس في المقاومة، ويقول: ''الحرب كانت حرب مصر كلها، وألاف من شباب مصر استشهدوا في الدفاع عن الوطن، محدش قال ماتو إزاي، والقيادات السيئة هي اللي مسكت الحكم، حسني مبارك قعد 30 سنة، وأوهمنا بالضربة الجوية الأولى، خرج أجيال من الجامعة متعرفش حاجة، نحتفل بأكتوبر حقنا، إنما السويس في المقدمة ودور الشباب فيها كبير، وأبطالنا قدموا كل التضحيات دي مش مستنين حاجة من حد، إنما يعز علينا بعد التضحيات دي كلها إن مفيش حاجة اتقدمت''.

''10 جنيه لكل فدائي''

وبسؤاله عن تكريم الدولة لهم بعد الحرب، نظر بحسرة، وتحدث: ''الأبطال اللي قدموا كل التضحيات دي، مش منتظرين تكريم من محافظ ولا غيره، احنا اللي مفروض نكرمه لأننا ولاد البلد، المحافظة أرسلت لي كارت دعوة لاحتفالات أكتوبر ولم أذهب، مش فاضيلهم، أنا تحت أمر بلدنا وولادنا الصغييرين، الشباب بيطالبوا يقابلوني، لأن دي قضيتي، أما الحكومة لا تفيد أحد لو كرمتك يبقى علشان تهينك''.

نظرات كابتن غزالي وحزنه على إهمال الدولة لم تتوقف عند هذا الحد، يتحدث وفي حلقه مرارة: ''عبد العاطي صائد الدبابات مات وهو عنده فشل كلوي، ومحدش سمع عنه، التكريم كلام عيال، قابل عبد المنعم قناوي هتلاقيه ماسك وسطه بيجرجر فيه، ده بطل أدنا مليون مرة، اللي عمله ما اتعملشي، بعدما انتهت الحرب جاءت سوزان مبارك واستقبلت الفدائيين في منظمة تحرير سيناء، وأعطت كل واحد منهم شهادة بـ 10 جنيه، هذا ما قدمته الدولة لنا!

''أما الضباط اللي كانوا بيسرقوا حاجات الجيش يودوها البيت جوه في عز المعركة، أصبحوا الأن هم الأبطال وهم من يتم تكريمهم''.

معاناة السويس

يحكي كابتن غزالي كيف عاني شعب السويس طيلة 6 سنوات قبل حرب أكتوبر، مضيفا أن السويس انفردت بأنها على خط الجبهة وكانت ميدان للحرب، حيث تم تهجير أهلها بشكل إجباري وعاشوا محنة الغربة لسنوات.

واستطرد: ''لما تمسك السويس تلاقيها خسرت في الأربعين سنة اللي فاتت، اتهدم 80 % من منشأتها بسبب الحرب ولم تستفد بأي خدمة، مقدرناش ننجح في النظافة حتى، محافظة السويس مثل باقي محافظات مصر، احنا عندنا جهاز تنفيذي موروث ظل كما هو حتى بعد قيام ثورة يناير، حكومات مؤقتة معندهاش سياسة تغيير، وكل المحافظين سد خانة، ليس لديهم صلاحية القرار بيساعده سكرتير عام بمخلفات الزمن اللي فات وميعرفش حاجة عن المحافظة، الناس المحترمة متلاقهومش''.

كما قال ''احنا عايشين علشان نحقق إنجازات في حربنا مع إسرائيل، الشعب والجيش عمل أقصى ما يمكن أن يُفعل، إنما دائما بيخزلنا القرار السياسي، بعد 6 أكتوبر، وبالتحديد يوم 24 أكتوبر، اليهود كانوا بيحاربونا في السويس، طلع قال السادات احنا كنا بنعمل حرب تحرير لكنها طلعت حرب تحريك''.

كابتن غزالي يرى أن الرئيس الراحل أنور السادات تسبب في عدم اكتمال نصر أكتوبر بسبب سياساته الخاطئة :''السادات كان له كلمة مشهورة، كان ماشي على خط عبد الناصر بأستيكة، عبد الناصر كان اشتراكي وبيحب الفقراء وعمل أعظم قضية في التاريخ حل القضايا الاجتماعية، لكن السادات بعد أكتوبر، جاب أعفش الناس وأعطاهم السلطة، وأخرتها مبارك مسجون''.

في الوقت نفسه يقول بطل السمسمية: ''ثورة يناير كانت أمل وحلم عند كل المصريين بيراودنا مين اللي هيخلصنا من حسني مبارك، دائمًا الشعوب وضميرها بيبقى في الشباب والشباب في مصر كانت قلقة، وهما اللي عملوا الثورة، وهنا في السويس الثورة بدأت من 21 يناير والناس استجابت''.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج