لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رحلة تاريخية مثيرة.. تمثال الخديوي إسماعيل من هدية إيطالية إلى كاد أن يصهر -صور

09:04 م السبت 30 نوفمبر 2024

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الإسكندرية - محمد البدري:

تصوير: حازم جودة

في صباح مشرق من عام 1938، تجمع حشد كبير في ميدان المنشية بالإسكندرية لحضور احتفالية كبرى، كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر لحظة إزاحة الستار عن تمثال الخديوي إسماعيل، الذي صنعه الإيطاليون تخليدًا لذكراه، وبحضور الملك فاروق الأول، تم إزاحة الستار وسط تصفيق حار من الحضور، ليظهر التمثال شامخًا، مستندًا على مقبض سيفه ويشير بإصبعه.

فكرة التمثال.. تخليدا لذكرى زيارة شملكية

بدأت فكرة تنفيذ تمثال للخديوي إسماعيل بعد مرور نحو 32 عامًا على وفاته، وتحديدًا في منتصف عشرينيات القرن الماضي، عندما زار نجله الملك فؤاد الأول إيطاليا لزيارة الملك فيكتور عمانويل.

شهدت تلك الزيارة تعزيزًا لأواصر الصداقة المصرية الإيطالية التي أسسها إسماعيل قبل سنوات من خلال تنشيط العلاقات بين الجانبين، أراد أبناء الجالية الإيطالية في مصر إقامة عمل فني يخلد ذكرى الخديوي إسماعيل تماشيًا مع زيارة نجله الملك إلى نظيره الإيطالي.

جهود إيطالية وراء جمع التبرعات وتنفيذ المشروع

في تلك الفترة، قام الكونت لاجروسي، القنصل الإيطالي في الإسكندرية آنذاك، بجمع التبرعات من الجالية الإيطالية؛عمل فيروتشي بك، رئيس مهندسي السرايات الملكية، على تنفيذ المبنى المعماري الذي سيحيط بالتمثال، والذي اتسم بالطراز الروماني.

ووقع الاختيار على إقامة المبنى في مواجهة كورنيش الإسكندرية بمنطقة المنشية، وهو معروف حاليًا باسم النصب التذكاري للجندي المجهول، وقام بأعمال البناء والتركيب فريق من المهندسين والبنائين الإيطاليين المتطوعين.

سنوات تنفيذ.. وتأخر الافتتاح

وقع الاختيار على المثال الإيطالي بيترو كانونيكا لصناعة التمثال، واستمر تنفيذ التمثال نحو 9 أعوام، وتم الانتهاء من العمل في مبنى التمثال عام 1935.

ظل التمثال قائما على قاعدته دون إزاحة الستار عنه لمدة 3 سنوات، تخللها وفاة الملك فؤاد، حتى تولى نجله الملك فاروق الأول حكم مصر وقام بإزاحة الستار عنه في مكانه الأصلي بميدان المنشية عام 1938 في احتفال كبير أقامته الجالية الإيطالية التي أهدت التمثال لمدينة الإسكندرية، بحضور قيادات وممثلي المملكة المصرية والإيطالية آنذاك.

من صمود في الحرب العالمية الثانية.. إلى حبيس بالمخازن

استطاع التمثال الصمود أمام قذائف الحرب العالمية الثانية وظل في موقعه الأصلي لنحو 26 عامًا، حتى منتصف الستينات عندما أصدر محافظ الإسكندرية آنذاك، محمد حمدي عاشور، قرارًا بإزالته من موضعه الأصلي وإيداعه بالمخازن، وتحويل قاعدته إلى نصب تذكاري للجندي المجهول.

وظل التمثال حبيسًا في متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية لمدة بلغت 32 عامًا، حتى بدأ الصدأ وعوامل التعرية تعصف به.

محاولة صهر التمثال وتحويله لعملات معدنية

يؤكد الباحث في التراث السكندري الدكتور إسلام عاصم، نقيب المرشدين السياحيين السابق، أن التمثال كاد أن يختفي تماما في حقبة تسعينيات القرن العشرين بعد أن تلقت الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بالإسكندرية في منتصف التسعينيات طلبًا من مصلحة سك العملة، بغرض صهر التمثال وتحويله إلى عملات معدنية للاستفادة من معدنه البرونزي بعد إذابته.

وأشار عاصم إلى أن الأمر أغضب الجانب الإيطالي والذي تقدم رسميا وقتها بطلب لاسترجاع التمثال الذي أهدته إيطاليا لمصر منذ عقود نظير دفع مبلغ مالي، بدعوى أنهم الأولى به في حالة استغناء الجانب المصري عنه، على أن يتم وضعه في أحد أفضل ميادين العاصمة الإيطالية روما.

إنقاذ التمثال وترميمه

مع تزايد الأصوات المعارضة لفكرة صهر التمثال، نظرًا لما يمثله من قيمة تاريخية وفنية لا تقدر بثمن داخل وخارج مصر، تدخل وزير الثقافة آنذاك فاروق حسني لحل الأزمة، وتراجعت الحكومة المصرية عن الأمر وجرى ترميم التمثال ووضعه في غير مكانه الأصلي بمنطقة محطة الرمل بالقرب من المسرح الروماني.

الموقع الحالي للتمثال

في عهد اللواء عبد السلام المحجوب، محافظ الإسكندرية الأسبق، تم نقل تمثال الخديوي إسماعيل إلى كوم الدكة خلف المسرح الروماني، مع تجديد وتطوير الساحة المحيطة به، وهو المكان الحالي والأخير للتمثال.

فيديو قد يعجبك: