الميكانيكي الكفيف.. "عفيفي" احترف صيانة الموتوسيكلات بالمنيا: "بصلح أحسن من اللي بيشوفوا"- فيديو وصور

المنيا- جمال محمد:

في إحدى الحواري الضيقة التي لا يتجاوز عرضها المترين، بقرية ماقوسة التابعة لمركز المنيا، يجلس رجل شارف على الخمسين، واضعًا أمامه قفصًا من البلاستيك به عدد من مفاتيح الدراجات البخارية وبعض المفكات، على عتبة منزله المستأجر، يتحسس كل منها بيده بعد أن فقد بصره، لينتظر دراجة بخارية أو دراجتين تأتي إليه لتصليح ما أصابها من أعطال ويكسب بعض الجنيهات تعينه على أعباء الحياة.

استطاع عفيفي يوسف، ابن قرية ماقوسة، أن يتغلب على إعاقته البصرية التي يعيش بسببها في ظلام منذ 25 عاماً تقريباً، بعد أن تعرض لحادث غير مجرى بعد أن تسبب له في ضمور في العين أفقده البصر، ليحترف صيانة الموتسيكلات التي كان يعشق قيادتها قبل مصابه.

يقول عفيفي إنه تعرض لحادث سير وهو في نهاية العشرينات من عمره، وتبدلت حياته من شاب قوي يعمل في المهن المختلفة، إلى شاب عاجز، ولكنه رفض الاستسلام، فقام بشراء موتوسيكل قديم، وبدأ يتحسسه بيده بمعاونة آخرين، حتى تعلم كيفية صيانته بشكل كامل ليدخل عمل الميكانيكا مثل غيره من أصحاب الورش الشهيرة قائلاً: "ربنا عنده حكمة إني أتعلم أحسن من اللي بيشوفوا".

وأضاف يوسف أنه طوال تلك السنوات يعمل من داخل منزله بسيط الذي لا تتجاوز مساحته الـ35 متراً، يستأجره بمبلغ 400 جنيه شهرياً، وقريباً سينتهي عقده، دون أن يجد البديل حتى الآن، فهو يجمع عدته البسيطة داخل أحد الأقفاص، وتساعده زوجته أو أحد أطفاله الثلاثة في تحديد حجم كل مفتاح أو مفك، لييدأ مهمة صيانة الموتوسيكلات معتمداً على تشخيص العيوب من خلال أذنه فور تشغيل الدراجة.

وأكد الميكانيكي الكفيف أن سوق العمل لم يصبح مثل السابق، نظراً لانتشار الورش الحديثة في كل مكان، ولكنه يعتمد على أقاربه وبعد أهالي القرية في العمل، مما يدر له يومياً عشرات الجنيهات البسيطة، ولكنها تكفيه لينفق بها على أسرته وأطفاله "يوسف 9 أعوام، ومنة 7 ومريم 4 سنوات" .

يتمنى عفيفي أن يساعده المسؤولون في توفير وحدة سكنية تأويه هو وزوجته وأطفاله، خاصة بعد سماعه عن مبادرة "حياة كريمة" وتخصيص عمل ملائم له، في ظل حالة غلاء المعيشة في الوقت الحالي، وارتفاع قيمة الإيجارات بجميع الأنحاء وهو مالا يقدر عليه، بسبب أوضاعه الصحية.