إعلان

"فستان طفلة وشنطة سفر".. هنا انتهت رحلة الفرح تحت شاحنة الرمال - فيديو وصور

12:34 م الأحد 09 يناير 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

السويس - حسام الدين احمد:

فجر السبت انطلق محمد عبد الباسط من الإسماعيلية، يرافقه أفراد أسرته عائدا إلى السويس، فالمسار البديل الذي يسلكه عبر طريق جنيفة يحتاج وقتًا أطول ما تستغرقه الرحلة على طريق "السويس - الإسماعيلية" لكنه أفضل وأكثر اتساعا ولا يشهد أعمال تطوير عكس الطريق الآخر.

جرعة سعادة

جرعة من الفرح والسعادة، كانت نصيب الأسرة من حفل زفاف أحد أقاربهم بالإسماعيلية، سافروا لأهلهم على خط القناة تلبية للدعوة، وودعوا بها الدنيا قبل ليلتهم الأخيرة، انتقلوا إلى جوار ربهم في حادث مأساوي على طريق جنيفة.

قطع محمد المسافة بسرعة منخفضة، كباقي المركبات السائرة تتحسس الطريق في ظل شبورة مائية كثيفة حصرت الرؤية في عشرات الأمتار أمامهم فقط، على طريق أصبح أيضا المسار الإجباري للعائدين من القاهرة إلى السويس، وهم بالكاد يعرفونه وقد استدل بعضهم عليه بكثرة السؤال في سبيل الوصول بلد الغريب.

46 طن فوق الملاكي

قبل أن يصل إلى نهاية الطريق ببضع كيلو مترات، إذ بسيارة نقل بمقطورة تشق الضباب بسرعة تجاوزت 100 كيلو في الساعة، بحمولة 24 مترا من الرمال لتدهس سيارة محمد عبد الباسط وأسرته.

لم تتحمل سيارة الأسرة وزن الشاحنة التي تزيد عن 10 أطنان، فضلا عن حمولتها التي تقدر بـ36 طنا، فانفجر المحرك واشتعلت النيران فيها، بينما اختلت عجلة القيادة في يد سائق الشاحنة فصدم سيارة نصف نقل كانت محملة بالخضروات والحبوب ومنتجات ألبان وسيارة ملاكي، قلبت الأولى وأطاحت بالأخرى خارج الطريق، ثم انقلبت الشاحنة على الجانب الأيسر.

مع تصاعد ألسنة النيران وتشبع الضباب بلون الدخان الأسود، توقفت الحركة على الطريق، على أقدامهم اقترب قائدو السيارات نحو السيارة المشتعلة، حاولوا إطفائها بما لديهم من طفايات الحريق والرمال، لكن وقود السيارة وزيت المحرك والمواد القابلة وشديدة الاشتعال كانت أقوى من تلك المحاولات.

تولد لدى البعض إحساس بالعجز كرس إحساسًا بالذنب، بكى البعض منهارا، بينما حاول آخرون إخراج أفراد الأسرة من السيارة، دون جدوى، "العربية بتولع والناس جواها ومش عارفين نخرجهم" قالها رجل وهو يمسك بطفاية فارغة على مسافة لم تمنع عنه حرارة النيران.

بالكاد أخرج المواطنون الطفل أنس، كان بالمقعد الخلفي ألقت به سيدة خارج السيارة بعيدا عن النيران فالتقطه من حضر تلك اللحظات الثقيلة على الروح والجسد.

حضر رجال الإسعاف، لكنهم كانوا مكتوفي الأيدي أمام جثث متفحمة، استلزم الأمر تقطيع السيارة لإخراج الجثامين التي تيبست من الحرارة، جرى ذلك على أيدي رجال الحماية المدنية، ونقل المسعفون الضحايا إلى ثلاجة حفظ الموتى بالسويس.

بفحص السيارة والبحث عنها بقاعدة بيانات المرور تعرف رجال الشرطة على هوية الضحايا، كان محمد عبد الباسط عبد الله، أمين المخازن بشركة المعمل اتفق مع زملائه على لقائهم اليوم بالشركة، بعد عودته من القاهرة هو وزوجته المعلمة وشقيقتها، وطفليه أدم وأنس الذي أصيب بنزيف في المخ وكسر بالساق، ترافقهم شهد ابنة شقيقه ماهر، والطفلة ملك أحمد، لكن قبور العائلة جمعتهم إلى يوم يبعثون، بينما يعاني الطفل أدم 11 عاما، آلام الفراق والوحدة والجسد على سرير داخل المستشفى العام.

لم يُغلق دفتر الوفيات بعد، فسائق السيارة النصف نقل فاروق السيد فاروق توفي هو زوجته "بثينه.م" عقب وصولهما للمستشفى العام متأثرين بإصابتهما بنزيف حاد، من أثر اصطدام الشاحنة بسيارته.

موقع الحادث

من موقع الحادث، نشرت صفحة "مصراوي" على الفيسبوك بث مباشر رصد ما تبقى من أثر الرحلة، ودقائق ما قبل رفع الشاحنة والسيارة المحترقة.

كان عدد من العمال وفني الميكانيكا يحاولوا إصلاح الشاحنة، وإعادة جمعها بالمقطورة، بعد إزاحة أمتار الرمال التي سقطت منها، تمهيدا لنقلها إلى الموقع المخصص للتحفظ عليها.

أما السيارة الملاكي فنالت نصيبها من الرمال لم تكن كافية لتغطي أثر النيران في الهيكل والصالون وجسم السيارة من الخارج، ورغم تفحم السيارة بعد تهشمها، إلا أن آثار باقية لمن كانوا فيها بقيت سليمة وكأنها لم تمس.

فستان أبيض

حول السيارة كانت علبة الأدوات وعدة الصيانة مهشمة، وعاء غسيل السيارة أذابته النيران، حقيبة ملابس كانت في "شنطة السيارة" تحطمت بفعل الضغط، إلا أن فستان وردي بقي خارجها، وبجواره فستان أبيض للطفلة شهد، كان جميلا كما لو كانت ما تزال ترتديه، بقي كما هو لم تطاله النار ولم يتسخ من غبار الطريق ولا الرمال أو زيت المحرك، وكأنه يرفض أن يحمل أي أثر للألم أو الدم.

يمين الطريق المؤدي إلى السويس، توقفت سيارة ملاكي نفس موديل سيارة الضحايا تختلف في لونها فقط، ترجل منها رجل في العقد الثالث، وسيدة تكبره بنحو 30 عاما، تخطو ببطئ تنظر عن يسارها وهي تعبر الطريق، تمتمت بكلمات أضاع حروفها البكاء، لكن من يراها يفهم دعائها للموتى.

وصلت إلى السيارة دارت حولها وكأنها وجدت ريح أصحابها في متاعهم، ترفع صوتها بالدعاء، ثم تنحني وتلتقط الفستان الأبيض تقربه من وجهها، تبتل أطراف الرداء بدموعها، تخطو ببطئ عائدة نحو السيارة يلحق بها الرجل بعد ان يلقي التحية على رجال الشرطة بعد أن قدموا له التعازي في أقاربه، ويمضي بالسيدة في الطريق إلى السويس.

خلفهم، كان رجال الشرطة يجمعون قطع تناثرت من السيارة، وبعض المتعلقات المتطايرة، قبل رفع السيارة على ونش ونقلها إلى ساحة بالكيلو 106 تجمع فيها سيارات الحوادث تحت تصرف النيابة العامة لحين انتهاء التحقيقات، بينما ألقت الشرطة القبض على سائق الشاحنة عقب الحادث، لينال عقابه بما اقترفت يداه.

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان