"قصتهم مش مجرد اسم".. عائلة "السنان" وسن السكاكين مهنة ولقب في البطاقة

البحيرة – أحمد نصرة:

تنتهي كثير من الأسماء بألقاب تشير إلى حرف أو مهن عمل بها الأجداد، ومع تعاقب الأجيال ابتعد عنها وتركها الأحفاد، لكن عائلة "السنان" لا تزال واحدة من العائلات القليلة التي يحمل أفرادها الاسم لقبًا ومهنة، بعد أن ظلوا حريصين على بقاء سن السكاكين مصدر رزقهم الرئيسي يتوارثونه جيلًا بعد جيل.

داخل محلهم العتيق بمنطقة العبارة بمدينة دمنهور، ينتشر أفراد عائلة "السنان" من جيلي الأباء والأبناء منهمكين في سن أعداد هائلة من السكاكين مختلفة الأشكال والأحجام، كل يعرف دوره بديناميكية وتناغم رائعين، جعلا المكان أشبه بخلية نحل نشطة.

يقول أنور السنان: "ورثنا المهنة عن جدودنا وكانوا الأول بيشيلوا حجر السن على ظهورهم وبيلفوا بيه الشوارع، أولادنا متعلمين وبيدرسوا في كليات، لكنهم كانوا مصرين يشتغلوا في نفس المهنة ويحافظوا عليها وإن شاء الله يورثوها لأولادهم وأحفادهم".

"فيه ناس دخيلة على المجال اقتحمت مهنة سن السكاكين، لكن الناس عارفة مين الأصلي ومين التقليد، ومفيش إثبات أكثر من لقب العائلة المثبت بالبطاقة".. يؤكد أنور، مشهرًا بطاقة الرقم القومي الخاصة به.

ويلتقط السيد السنان أطراف الحديث قائلًا: "موسم الشغل الأساسي لينا بيبقى عيد الأضحى، الناس سواء أهالي أو جزارين بتجيلنا قبله بأسبوعين تقريبًا من كل أنحاء المحافظة عشان تسن السكاكين، وتجهز عدتها لذبح الأضاحي، خلال الفترة دي بيبقى فيه ضغط شديد علينا".

ويوضح السيد: "في الأيام العادية بتشتغل من الساعة 10 الصبح لحد العشاء، إنما في موسم العيد بتفتح بدري شوية من 8 الصبح لغاية 11 بالليل، وبنضطر نزود عدد العمالة عشان نلاحق ضغط الشغل".

وعن أسعار سن السكاكين يقول السيد: "سعر سن السكين 3 جنيهات سواء الحجم الصغير أو الكبير، رغم إن كل قطعة بتاخد وقت ومجهود مختلف عن التانية، بس إللي بيحصل إن الزبون بييجي معاه أكثر من قطعة، وحاجة بتشيل حاجة، ببنحاسبه على سعر موحد للقطعة".

ويقول أبو ياسين السنان: "مهنتنا صعبة ومحتاجة مجهود بدني وتركيز شديد لأن أي غلطة أو سرحان ممكن يترتب عليه إصابة، وحصلتلنا بالفعل إصابات قبل كده إحنا بنتعامل مع سكاكين، ساعة ما بكون واقف على الحجر مش بشغل نفسي بحاجة تانية، ولو زبون كلمني مش برد عليه غير لما أخلص".

ويقول عمرو السنان: "سن السكين بياخد وقت من 3 إلى 5 دقائق، وكل سكين له شطفة وطريقة سن مختلفة حسب استخدامه، الذبح غير السلخ غير التقطيع غير تكسير العظام".

ويكمل عمرو: "التنظيم أهم شيء عشان نعرف نتعامل مع الطلبات الكتير إللي بتيجي، كل طلبية بنستلمها بتتلف في ورقة ويتكتب عليها اسم صاحبها وعدد السكاكين عشان الدنيا ماتدخلش في بعضها".

ويشرح عبدالجيد السنان مراحل السن قائلًا: "يمر السكين بعدة مراحل عند سنه تبدأ بالتجليخ لإزالة الصدأ من أعلاه، ثم بتمريره على الحجر سواء الكهربائي أو اليدوي، وبعد ذلك نقوم بتنعيمه على الحجر الأخضر وهو حجر يأتي من السعودية خصيصًا للتخلص من الرايش الناتج عن السن".

"الحجر اليدوي يسمى حجر المياه، وأطلق عليه هذا الاسم لاستخدام المياه ومروره عليها في عملية السن، وهو أصعب وأكثر مشقة من الحجر الكهربائي، ولكنه يعطي نتائج أفضل ونستخدمه مع السكاكين التي تستخدم في أعمال الجزارين و تحتاج إلى شفرة حادة جدًا، أما الكهربائي فنستخدمه مع السكاكين العادية الخاصة بالاستخدام المنزلي" يوضح علي، الفارق بين حجر المياه والحجر الكهربائي.

ويؤكد أبو ياسين: "لازم إللي يشتغل شغلاتنا يكون لماح، وبنظرة يعرف إللي قدامه، كتير بيجيلنا ناس منظرها مش مظبوط، وخارجين عن القانون ما بنرضاش نتعامل معاها طبعًا، لأنه ممكن يستخدم السلاح في نشاط أو سلوك إجرامي".

"إحنا طلعنا لقينا أهاليها سنانين وإن شاء الله أولادنا هنعلمهم الصنعة عشان يحافظوا على عيلة السنان وتفضل مهنتهم مش مجرد اسم في البطاقة".. يختتم أبو ياسين حديثه وهو يلتقط سكينًا ليبدأ في التعامل معها وسنها.