قتلة ولكن.. الإسكندرانية يستحضرون روح "ريا وسكينة" في حي اللبان (صور)
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
-
عرض 14 صورة
الإسكندرية – محمد عامر:
في مقهى قديم خلف قسم شرطة اللبان وسط الإسكندرية، تجمع الزبائن لا حديث بينهم سوى عن عثور جارهم "عيسى" على جثة شخص مقتول أسفل أرضية منزله، بعدما اشترط المستأجر الإيطالي أن يتم توصيل المياه والمجاري إلى البيت.
وفي الصباح التالي، كاي حي اللبان يضج بالقصة التي نشرتها الأهرام يوم 17 نوفمبر 1920 تقول فيها: "وصل إلينا أمس من أخبار البوليس نبأ مؤداه أن شخصًا وطنيًا كان يحفر بحرى أمام منزله في قسم اللبان فوجد جثة شخص مقتول غطيت جثته بالتراب فشرعت النيابة في التحقيق".
الواقعة السابقة والتي اكتشفت عن طريق الصدفة، قادت الشرطة إلى كشف سر "ريا وسكينة"، ليلقى القبض عليهما بتهمة القتل العمد لـ 17 سيدة وإدانتهما من قبل المحكمة وإعدامهما في 21 و22 ديسمبر سنة 1921، كأول سيدتين ينفذ فيهما حكم الإعدام في العصر الحديث.
ريا وسكينة تعودان للحياة
98 عاما مرت على جرائم أشهر سفاحتين حُفر اسميهما بحروف من دم في ذاكرة الناس، لتبقى حكايتهما تتداولها الألسن، وصورهن وأفراد عصابتهم حاضرة تعلو واجهات وجدران المحال والمقاهي في حي اللبان الذي لا يزال يحتفظ بتصاميم البيوت القديمة وروح الإسكندرية الملكية.
من حواري كوم الدكة خرج سيد درويش، ومن باكوس اعتلى جمال عبدالناصر عرش مصر، ومن الورديان لمع النجم محمود عبدالعزيز، وفي الأنفوشي خط محمود بيرم التونسي قصائده، ورغم تعاقب الأجيال تظل سيرة كل هؤلاء العظماء محل إعجاب وفخر سكان تلك المناطق الشعبية.
عندما تمر بشوارع السبع بنات والفراهدة وسيدي عماد وماكوريس، وتحاصرك صور ريا وسكينة وأفراد عصابتها من كل جانب، فبالتأكيد ستسأل ما الذي يدفع سكان حي اللبان لاستحضار روح ريا وسكينة؟ ولماذا يصرون على فتح صفحة دموية كانت قد طويت من تاريخ الحياة المصرية.
سر استحضار روح السفاحتان
"هدفنا الشهرة وجلب الرزق واستغلينا المكان اللى عاش فيه ريا وسكينة".. قالها سيد العراقي، مبررا إطلاق اسم "ريا وسكينة" على محل خردوات يملكه شقيقه وتزين جدرانه وواجهاته صور أشهر سفاحتين في تاريخ مصر وبجوارهم صور "عبدالعال" و"حسب الله" وباقي أفراد التشكيل العصابي.
"لم نكن نتوقع النجاح الكبير الذي حققته فكرة الاستعانة بصور واسم ريا وسكينة، عندما استأجرنا البازار قبل 6 سنوات، فالأمر لم يكلفنا الكثير بعدما استعنا بالإنترنت للحصول على صورة أفراد العصابة".
ويضيف "العراقي": "الناس من مصر والدول العربية بيزورا المكان هنا باستمرار.. كله عايز يشوف المكان اللي عاش فيه ريا وسكينة"، متابعا:" الركاب بقوا بيقولوا لسواق المشروع نزلني عند بازار ريا وسكينة".
أسئلة الناس عن حكاية ريا وسكينة لا تتوقف، يقول "العراقي" بينما ينهمك في قراءة الجريدة، مشيرا إلى أن البازار –لا يتعدى كونه كشك– مرخص من وزارة الشؤون الاجتماعية وترك شقيقه العمل كمندوب مبيعات من أجله.
صور العصابة تزين "السبع بنات"
كثيرة هي الرؤى والحكايات التي نسجتها السينما والتليفزيون عن جرائم ريا وسكينة، آخرها عندما ذهب أحد الكتاب إلى كونهن أديتا دورا وطنيا في النضال ضد الإنجليز، وأن جميع الجثث التي وجدت في منزليهما كانت لجنود الاحتلال، لكن تبقى أوراق القضية رقم 43 لسنة 1921 جنايات اللبان هي الحقيقة الوحيدة الموجودة عن الجريمة التى أفقدت المدينة الساحلية هدوءها لمدة عامين.
محمد خميس وشهرته "محمد طوني" أحد العاملين ببازار "ريا وسكينة"، قال: "فيه ناس بتييجى تصيف في إسكندرية وتحرص على زيارة المكان والبيت اللى عاش فيه ريا وسكينة وبتسألني عن الصور".
وفي محل آخر بشارع السبع، تطل عليك صورا أخرى لـ"ريا وسكينة" تحمل في ثناياها إصرار أهالي الحي على استحضار روح ريا وسكينة، أشار صاحبه ويدعى"أبو عبد الله" إلى مبنى قديم مكون من طابق واحد، قائلا:"ده كان قسم اللبان القديم اللى اتقبض على ريا وسكينة فيه.. دلوقتى بقى مقلب قمامة وشادر خرفان".
وردا على هوية أصحاب الصور التي وضعها"أبو عبد الله" على جدران محله بجوار ريا وسكينة، قال: "دول فتوات زمان أمثال أبو خطوة فتوة حى الجمرك والمعلم سلامة سالبو فتوة الفراهدة.. وده كان يحط البريزة المعدن بين جفونه يطبقها.. والله أنا شوفت بعنيا"متحف ريا وسكينة".
"5 شارع ماكوريس، 38 شارع علي بك الكبير، 6، و8 حارة النجاة".. هنا دفنتا السفاحتان ضحاياهم دون رحمة أو شفقة بعد سرقة مصوغاتهم".. يضيف "أبو عبد الله" قبل أن يرشدنا إلى أحد المنازل الأربعة الذى أقامت به العصابة ودفنت فيه ضحايهم خلف قسم شرطة اللبان وقتها.
وفي الطريق إلى المنزل رقم 5 بشارع محمد يوسف فخر" ماكوريس سابقا"، لم تختف صور ريا وسكينة، لنجد مقهى شعبي قديم تزينه صور أفراد العصابة ويحمل الاسم نفسه "مقهى ريا وسكينة".
أى غريب يطأ شوارع وحوارى اللبان يعرفه الجميع، فالبيوت العتيقة المنخفضة سكانها قليلون ويعرفون بعضهم البعض، ومن بينهم الشقيقين ناجى وسامى داود، قالا:" طول اليوم صحفيين وتليفزيون وإذاعة وكل في الهوا.. اكتبوا للحكومة تهتم بالمنطقة وتحول مكان قسم اللبان لمتحف لريا وسكينة هتجمع فلوس كتير".
ويضيف الشقيق الأكبر ناجى داود: "الناس بتيجي هنا من كل الدول عايزة تشوف المكان اللى شهد أشهر قضية في التاريخ.. امبارح جه 6 حناطير من اليمن ملقوش حاجة لقوا شادر خرفان في موقع قسم اللبان".
"مصراوى" في منزل ريا وسكينة
خطوات قليلة قطعناها خلف قسم شرطة اللبان، حتى وصلنا وجهتنا هنا رقم 5 بشارع ماكوريس سابقا، لكننا وجدنا منزلا يبدو حديث البناء ربما إلى 30 عاما فقط مرت، فهل يعقل أن تكون ريا وسكينة عاشتا هنا؟.
"فعلا هو نفس البيت ولكن تم هدمه قبل سنوات واتنقل لأكثر من وريث وصاحب البيت الآن اسمه تامر"، قالها بدر صالح الجار بالعقار رقم 18 قبل أن يطالبنا بمغادرة المكان لمنع التصوير لاعتبارات أمنية لوجود كنيسة مجاورة للمنزل.
دقيقتين هى المدة الزمنية التي استمر فيها نبض ريا على همام بعد تنفيذ حكم الإعدام فيها 21 ديسمبر عام 1921، فيما استمر نبض سكينة أربعة دقائق، إلا أن الزائر لحي اللبان قد يشعر أن أرواحهن مازالت تطوف في المكان.
فيديو قد يعجبك: