إعلان

"بلح رمضان" من الصعيد للمنصورة.. رحلة أجيال يرويها العرق ويتوجها الرزق

05:05 م الثلاثاء 15 مايو 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الدقهلية- رامي القناوي:

في أرض فضاء محاطة بسور كبير بمنطقة الطميهي بمدينة المنصورة تجمّع عدد كبير من تجّار "البلح" الذين أتوا من محافظات الصعيد، أسوان، والأقصر، وقنا لطرح نتاج ثمارهم من التمور التي طرحها نخيلهم الصعيدي.

رحلة استمرت لأجيال تبدأ بالعرق وتتوّج بالرزق، يقطعها تجّار البلح كل عام، قبيل شهر رمضان، من محافظات الصعيد حيث النخيل والبلح، إلى محافظات الدلتا حيث الأسواق والتجارة والربح، يذهبون بالبلح ويعودون بالأرباح.

التقى "مصراوي" بتجّار 3 جمعتهم الرحلة، لأكثر من شهرين، في طريق البلح والعرق والرزق، إنهم جبريل الخبير، الذي جاء من مركز ادفو في محافظة أسوان، ورمضان إدريس، الذي جاء من محافظة الأقصر، ومحمد حمدي حيدر، من محافظة الأقصر كذلك، لتحط رحالهم في مدينة المنصورة، ليطرحوا ما لديهم من تمور في ساحة "محمد عبدالموجود" الذي يمتلك أكبر محمصة لتجّار البقول بميدان الطميهي بمدينة المنصورة، والذي يستضيف أهل قبلي لعرض بضاعتهم من التمور وتوزيعها على تجار الجملة في المدينة.

"سبت داري وولادي ومن 29 سنة وأنا مش بفطر يوم وسط أهلي وناسي".. هكذا بدأ محمد حمدي حيدر، 40 سنة، حديثة حول رحلته في تجارة البلح، والمجيء إلى المنصورة، مشيرًا إلى أنه يعمل بائع فاكهة بشوارع مدينة الأقصر، وعند كل عام يأتي إلى المنصورة لبيع التمور من خلال المحصول الذي يشتريه في محافظته ليبيعه في الدلتا، وينقله ويُشونه ويُخزنه ومن ثم الإتيان به إلى هنا.

وقال حيدر "لم أتناول الإفطار أبدًا مع أبنائي، اتجوزت من 12 سنة وعندي 4 أولاد كل شهر رمضان بكون هنا مع التجّار.. دول أهلي التانيين بنتجمع من 25 رجب لحد 25 رمضان، ونقضي أيام الشهر الكريم مع بعض.

وعن تحقيقه أرباح مقابل تجارته الموسمية قال "كانت الأول بتوكلنا الشهد النهاردة بتسترنا وبتجيب مصاريف بيتنا احنا على باب الله وجايين ناكل عيش".

وخلال حديثنا مع "حيدر" التقط جبريل الخبير، 55سنة، تاجر بلح من مدينة إدفوا بمحافظة أسوان، طرف الحديث لافتًا إلى أنه يأتي إلى الشادر كل عام، ويتفق مع 6 آخرين من التجّار لاستئجار شقة مفروشة خلال موسم بيع البلح تاركًا أهله وأسرته من أجل البحث عن لقمة العيش.

وأشار "الخبير" إلى أنه أحد أبناء قبيلة "الجعافرة" في محافظة أسوان، ومنتمٍ للأشراف من أنساب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أنه عشق العمل بمحافظات الوجه البحري، وخاصة مدينة المنصورة نظرًا لكونها إحدى المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية، والتي يمتاز أهلها بالإقبال على الشراء .

وأوضح أن الإقبال هذا العام انخفض بشكل كبير بسبب ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى ارتفاع تكلفة زراعة النخيل، من التقاوي المستخدمة حتى أجرة العمال، لافتًا إلى أن "طالع النخيل" يحصل على مقابل مادي قدره 15 جنيهًا عن النخلة الواحدة فقط، ويتطلب وجود من 6 إلى 8 أشخاص يحصل كلا منهم على يومية لا تقل عن 100 جنيه لجمع البلح، ووضعه على سطح الجبل من أجل التجفيف مرورًا بالوضع على مشمع لمدة 20 يومًا، وفرز وتجنيب البلح التالف، واختيار الجيّد، وتصنيفه كأنواع حسب جودته، ثم رش المحصول بالمبيد كي لا يُصيبه التلف، ثم يتم جمعه في شكائر من الخيش.

أما موسى الحمام، والذي عرّف نفسه بـ"قاضي العرب" بمحافظة الأقصر، والبالغ من العمر 68 سنة، فقال "الحال بقى صعب أوي ومش قادرين على تحمل العيشة كنا بنكسب دهب من تجارتنا ودلوقتي بنرجع بأجولة البلح تاني".

وأكد "موسى" أنه استأجر شقة مفروشة بمدينة المنصورة بصحبة عدد من التجّار بقيمة 7 آلاف جنيه يقيمون فيها لمدة 65 يومًا، بها كافة وسائل المعيشة، يستخدمونها للنوم، والغسيل فقط.

لافتًا إلى أنهم يقضون اليوم بطوله من الصباح وحتى المساء في شادر البلح، ويحزمون حقائبهم يوم 25 رمضان، استعدادًا لرحلة العودة، فيجمعون ما تبقى من شكائر وأجولة البلح للعودة بها إلى قراهم ومدنهم، وكلهم شوق للقاء أسرهم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان