لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد رحلة تشرد ومعاناة.. "عم إبراهيم" يستعيد ذاكرة أناقته

11:58 ص الثلاثاء 20 مارس 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

البحيرة – أحمد نصرة:

في بقعة قاحلة تخلو من أي مظاهر للعمران، بطريق بورسعيد، استلقى العجوز الستيني "إبراهيم"، بشعره الأشعث وملابسه الرثّة، وقدميه الحافيتين، على أرض وعرة غير ممهدة، لم يجد من هو أكثر حنانا منها ليلجأ أو يرتكن إليه، مشهد غريب استثار انتباه المارة بسياراتهم على الطريق، دون أن ينعكس ذلك على ردود أفعالهم، فقط بعض الدهشة، وقليل من مشاعر الشفقة، تستمر للحظات قليلة، ثم لا تلبث أن تتلاشى بمجرد تجاوزه.

1

من بعيد كان الشاب كمال المصري، قادمًا بسيارته، لوهلة لم يصدق ما تراه عيناه، حاول إقناع عقله بكونها هلاوس بصرية ليس أكثر، فماذا يدفع شخص للتواجد في هذا المكان والاستلقاء بهذه الطريقة؟، ولكن مع الاقتراب تبين له أن ما يراه حقيقي، فلم يترك لنفسه الفرصة للتفكير، توقف على الفور ونزل من سيارته ليستطلع الأمر، وحاول تقديم يد العون له.

"كنت مسافر في طريقي ولقيته قدامي مكانش عندي خيار تاني غير إني أقف وأساعده، ماعرفتش ساعتها إيه إللي ممكن أعمله معاه بس قررت ما أسيبهوش وأرجع بيه على بورسعيد" يصف "كمال" ما حدث لحظة رؤيته عم إبراهيم على الطريق.

2

قال "كمال" لــ"مصراوي": "اصطحبته إلى مستشفى بورسعيد، ووقعت الكشف الطبي عليه، وأحضرنا ملابس جديدة له بدلًا من ملابسه القديمة، ثم توجهنا لصالون حلاقة لقص شعره وحلاقة ذقنه في محاولة لاسترجاع آدميته التي فقدها خلال فترة وجوده في الشارع".

3

وأضاف الشاب البورسعيد: "في البداية واجهتني مشكلة كبيرة وهي تحدثه بصعوبة بالغة، وفقدانه للذاكرة، ويبدو أن ذلك من أثر صدمة تعرّض لها، وذكر أن اسمه "إبراهيم"، وبسؤاله عن بلده أجابنا بعد محاولات عديدة أنها دمنهور، كان يبكي كلما سألته إن كان له أبناء، ولاحظت من تعاملي معه أنه هادئ الطباع، وقنوع جدا، لا يأكل سوى ما يكفيه فقط، وعندما استبدلنا ملابسه ظهرت عليه بعض سلوكيات الاهتمام بالأناقة كطريقة مشيه وجلوسه، ووضع يده في جيبه بأسلوب معين، مما يرجح أنه لم يقض طيلة حياته مشردا، ولذلك قررت أن أساعده في محاولة الوصول الى أسرته وألا أتركه يعود للشارع ثانية".

4

من بورسعيد إلى دمنهور انتقلت أحداث قصة عم إبراهيم، بعدما اصطحبه الشاب كمال إليها في محاولة للوصول إلى أسرته، وبعد جولة بالشوارع نصحه الأهالي بالتوجه إلى مسجد "ناصر" أحد أكبر مساجد محافظة البحيرة.

5

وروى كمال تفاصيل رحلته إلى دمنهور: "عندما وصلت المسجد جلست مع بعض كبار العائلات بالمدينة، ولكن للأسف لم يستطع أحد التعرّف عليه، أصابني اليأس واتخذت القرار بالعودة به إلى بورسعيد، ولكن ظهرت بارقة أمل بعدما أبلغني أعضاء مجلس إدارة المسجد أنهم سيتعهدون بتلك الحالة، ويتكفلون بمصروفات إيداعه في إحدى دور المسنين".

"كان قرارنا ألّا نتركه يعود للشارع ثانية، سواء كان من دمنهور، أو أي مكان آخر ففي النهاية هو إنسان، ويستحق أن يعيش حياة كريمة" هكذا أوضح الإعلامي محمد علّام، عضو مجلس إدارة مسجد ناصر.

6

وقال "علّام": "واجهتنا مشكلة عدم وجود أوراق رسمية أو بطاقة شخصية مع عم إبراهيم، فتوجهنا إلى قسم شرطة دمنهور بصحبة الشاب كمال وقابلنا مأمور القسم، الذي استمع لقصته، وتعاطف معه، وقرر تحرير محضر شرطة وبعرضه على النيابة أظهرت هي الأخرى تعاطفًا معه، وقررت إيداعه بإحدى دور المسنين بدمنهور".

7

وتابع "علّام": "توجهنا إلى مجمع دار السعادة للمسنين بدمنهور، ووجدنا هناك اهتمام شديد بحالة عم إبراهيم، وكان في استقبالنا المهندس سامي الصيّاد، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي، بعدما قررت المهندسة نادية عبده، محافظ البحيرة، تحمّل تكاليف إقامة عم براهيم بالدار".

واختتم عضو مجلس إدارة مسجد ناصر، حديثه قائلًا: "بإيداعه دار المسنين انتهت مرحلة معاناة عم إبراهيم في الشارع، لتبدأ مرحلة جديدة بمحاولة البحث عن أسرته وذويه، ولن نيأس حتى نجمع شملهم".

8

فيديو قد يعجبك: