أين تقع مقبرة الملكة نفرتيتي؟ علماء الآثار لازالوا منقسمين
الأقصر – محمد محروس:
لا تزال فرضية عالم الآثار البريطاني "نيكولاس ريفز"، عن وجود مقبرة الملكة نفرتيتي في حجرة خلفية لمقبرة الملك توت عنخ آمون بوادي الملوك غرب الأقصر، مثار جدل بين علماء الآثار، بمختلف جنسياتهم.
الخلاف العلمي بين العالم البريطاني، والدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق، حول وجود المقبرة في هذه المنطقة، مَثّل عائقًا أمام استكمال عملية البحث، ولكل حجته، فالعالم البريطاني يرى أن غرفة الدفن في المقبرة لا تخص توت عنخ آمون، وحده، بل تحوي في جوفها غرفة أخرى، وأن نتائج المسح الراداري تؤكد وجود شيء ما خلف مقبرة الملك، مشيرًا في تصريحات سابقة، إلى أن "الموت المفاجئ للملك الشاب توت عنخ آمون أحدث ارتباكًا في القصر الملكي الفرعوني، حيث لم يتوقعوا وفاته المبكرة، ولذا لم يبنوا له مقبرة لائقة، فبحث الكهنة عن مقبرة له بوادي الملوك حتى عثروا على تلك المقبرة".
بينما يرى زاهي حواس، أن نفرتيتي كانت بمثابة امرأة مارقة في نظر كهنة طيبة، حيث كانت تعبد آتون، وهو الإله الذي أعلن عنه زوجها الملك إخناتون واعتبر إله الشمس، ولذلك لم يكن ليسمح بدفنها في جبانة ملوك طيبة من عبدة آمون.
واقتنع وزير الآثار السابق، ممدوح الدماطي بنظرية ريفز، حيث جرت أغلب عمليات البحث في عهده، بينما على ما يبدو أن وزير الآثار الحالي، خالد العناني، لم يقتنع بالنظرية ذاتها، وإن كانت قد أجريت بعض عمليات البحث في عهده، بيد أنه، وكما يقول مصدر بمنطقة آثار الأقصر لـ"مصراوي"، فضل عدم ذكر اسمه، أن "العناني" غير متحمس لنظرية ريفز.
ولفت المصدر ذاته، إلى أن موافقة "العناني" على إجراء عمليات البحث خلف جدران مقبرة الملك توت عنخ آمون، والتي نفذها فريق إيطالي قبل أسابيع، لا تعني الاعتراف بصحة نظرية نيكولاس ريفز، إذ يعتقد "العناني" أنه ربما تؤدي عملية البحث إلى الوصول إلى كشف أثرى جديد.
وتابع المصدر قائلاً: الوزير الحالي تبنى نظرية زاهي حواس في عدم وجود مقبرة نفرتيتي في حجرة خلفية لمقبرة توت عنخ آمون، رغم أن المسح الراداري للمقبرة الأخيرة رجح أن تكون هناك أجزاء معدنية خلفها، واحتمال وجود باب ومساحات فارغة كبيرة وشيء مجهول ملتصق بجدار المقبرة.
والجدير بالذكر، أن منطقة وادي الملوك غرب الأقصر، شهدت، خلال العامين الماضيين، 5 عمليات مسح مختلفة، بحثًا عن مقبرة الملكة نفرتيتي.
من جانبه، قال الدكتور مصطفي وزيري، مدير عام آثار الأقصر لـ"مصراوي": "إن الفريق الإيطالي أجري مسحًا راداريًّا كاملاً في منطقتي وادي الملوك والملكات، ولم يكن يبحث عن مقبرة بعينها".
وأضاف "وزيري"، أن عملية البحث عن مقبرة نفرتيتي بمحيط مقبرة توت عنخ آمون، توقفت لحين التوصل لجهاز راداري آخر، بعد أن تضاربت نتائج المسحين الراداريَين الياباني والأمريكي، حيث توصل المسح الياباني إلى وجود فراغ خلف حجرة الدفن بمقبرة توت عنخ آمون، فيما كذب المسح الأمريكي هذه النتائج، فقررت الوزارة إيقاف عملية البحث لحين الفصل في النتيجتين.
لكن الدكتور محمد حراجي، مدرس علم المصريات بالمعهد المصري للسياحة، أكد أن نظرية الدكتور زاهي حواس هي الأقرب للتصديق، فمن المرجح أن تكون "نفرتيتي"، دُفنت في منطقة تل العمارنة وأن تكون مقبرتها دمرت لاحقًا، حيث انتقلت مع إخناتون من طيبة إلى تل العمارنة، وعاشت معه لفترة طويلة هناك، في ظل الصراع الذي كان محتدمًا بين كهنة آمون وإخناتون في تلك الفترة.
وأضاف حراجي: "ريفز لم يقدم دليلاً علميًّا علي وجود مقبرة نفرتيتي في تلك المنطقة، وحججه جميعها مردود عليها علميًّا"، مشيرًا إلى أن الفراغ الذي كشف عنه المسح الراداري خلف مقبرة توت عنخ آمون ليس دليلاً على وجود المقبرة، فمن المحتمل أن تكون هناك مقبرة أخرى أو فراغ صخري.
واختتم مدرس علم المصريات بقوله: "مقبرة نفرتيتي ستظل لغزًا حتى يجري العثور على المومياء أو خراطيش خاصة بها، مؤكدًا أن الأمر ما زال في حاجة لمزيد من البحث والدراسة، ولا ينبغي أن تنساق وزارة الآثار لأي صاحب رأي ما دام لم يقدم الدلائل والقرائن العلمية".
يذكر أن، الملكة نفرتيتي تعدّ تاريخيًّا، من أكثر ملكات مصر جمالاً وشهرة وحضورًا، ومن ضمن الآثار القليلة التي عُثر عليها لها في منطقة تل العمارنة، تمثال نصفي مدهون من الحجر الجيري عمره أكثر من 3300 عام، نحته المصري تحتمس عام 1345 ق.م، وجعل منها إحدى أشهر نساء العالم القديم ورمزًا من رموز الجمال الأنثوي.
فيديو قد يعجبك: