لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''مصراوي'' داخل قرية الأبنودي بقنا.. الأهالي: كان سفيرنا بالقاهرة.. والمحافظ تجاهل تخليده (صور)

12:38 م السبت 22 أبريل 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

قنا-عبدالرحمن القرشي:

على بعد 15 كيلو مترًا جنوب مدينة قنا، تقع قرية "أبنود"، التي نشأ فيها "الخال" عبدالرحمن الأبنودي، وترعرع بها شاعر العامية الأشهر بالوطن العربي، الذي عبر عن هموم المواطن المصري والعربي وأفراحه وأحزانه، بكل ما أوتي من فصاحة وصدق في التجربة، جعله الشاعر الخالد في وجدان الشعب المصري والشعوب العربية.

عدسة "مصراوي" زارت تلك القرية البسيطة، التي تشكل وجوه أهلها كلمات وقصائد الشاعر الراحل، فكافة شوارع أبنود تحمل وجوه "يامنة" و"فاطمة أب قنديل" و"حراجي القطن" و"أحمد سماعين" و"يونس"، فيما هدم منزل عائلته بالكامل، وبُني مكانه ديوان يحمل صورته وأبرز أعماله، يجلس فيه أهالي القرية بين وقت وآخر.

وذكر أهالي القرية أن الأبنودي كان عنيدًا للغاية منذ صغره في الإيمان بقناعاته، وهو ما ظهر في رفض الخال منصب وزير الثقافة الشعبية بعهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بسبب موقفه الرافض لاتفاقية كامب ديفيد، للسلام مع إسرائيل، والذي أعلنه بالقصيدة المعروفة "المشروع والممنوع"، ما دفع نظام السادات للانقلاب عليه، واستبعاده من أي فعاليات رسمية للدولة.

ولد "الخال" يوم 11 أبريل عام 1938 لأسرة تشتهر بالعلم والفقه والحكمة؛ فوالده الشيخ محمود الأبنودي كان مأذونًا شرعيًا وأحد شعراء جنوب الصعيد للقصيدة العمودية الفصحى، ووالدته هي فاطمة قنديل أو"فاطنة"، كما كان يطلق عليها الأبنودي في شعره، تلك المرأة البسيطة التي طالما تغني بها في شعره، وتحدّث عن بساطتها وكياستها، وكانت أشهر نساء أبنود في حفظ قصائد البكاء على الأموات.

وظهرت عبقرية الأبنودي مع مطلع الثمانينيات، بقراره بجمع ما تبقى من أشعار سيرة أبوزيد الهلالي وبني هلال من رواة العالم العربي، التي حفظت في صدور الرواة، ولم تُكتب بصعيد مصر وتونس والمغرب والجزائر؛ فبات رحالة على مدن تلك البلدان، حتى جمع تلك السيرة، التي كانت في طريقها للاندثار، ونقّحها وشرحها على شاشة التليفزيون المصري، حتى أعجب الأمر، الرئيس الأسبق حسني مبارك، فقرر تكريم الأبنودي بجائزة الدولة التشجيعية، ليصبح أول شاعر عامية، يحصل على هذه الجائزة عام 2001.

وذكر أهالي "أبنود" لـ"مصراوي"، أن الراحل كان يحرص دوما على زيارتهم والاستماع لمشاكلهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، حيث حفظ فيها القرآن الكريم في سن مبكرة، وتعرف على رفيق مسيرته الأدبية، أمير شعراء الرفض، الشاعر أمل دنقل، ابن قرية القلعة بقفط جنوب قنا، حيث قررا مغادرة قنا إلى القاهرة، وتعاهدا أن يتخصص كل منهما في مجال شعري، لا ينافس فيه الآخر، حتى يحافظا على صداقتهما؛ فاختار الأبنودي الشعر العامي، ودنقل شعر التفعيلة من اللغة الفصحى، وكلاهما صار مبدعًا كبيرًا، حتى أوصل الأبنودي شعره إلى حناجر عبدالحليم حافظ ومحمد رشدي وفايزة أحمد ووردة، إلى أن تربع على عرش الأغنية العامية والشعر العامي في قلوب الملايين.

وكان الأبنودي يعتبر أبنود بمثابة القرية الملهمة له في عادات أهلها وأحاديثهم ومواقفهم، ومن أمام منزل عائلة الأبنودي الذي بني من جديد منزلا كديوان للعائلة، التقينا بالأهالي الذين عبروا عن حبهم وفخرهم بالراحل، الذي "ترك بوفاته فراغًا كبيرًا لكافة عائلات قرية أبنود البسيطة"، على حد وصفهم.

وقال الحاج حسين محمد، أحد أصدقاء الشاعر الراحل، إنه كان يأتي بشكل متكرر لقرية أبنود، ويطالب أهالي القرية بفتح المنادر والدواوين، للتسامر معهم، حيث كان يحفظ أسماء كافة رموز القرية وأبنائهم وأحفادهم، موضحا أن آخر زيارة للأبنودي للقرية كانت عام 2013، وبعدها اشتد عليه المرض، ومنعه الأطباء من الحركة، أو التعرض لأي ملوثات بيئية.

وانتقد الدكتور أحمد عبدالله، عضو هيئة تدريس بجامعة قنا وأحد أهالي القرية، تجاهل محافظ قنا اللواء عبدالحميد الهجان، مطلب أهالي القرية وعامة الأدباء والمثقفين بالمحافظة، بإطلاق اسم الشاعر الراحل على أحد ميادين قنا تخليدا له، مطالبا بعقد ندوات شعرية عن شعر الخال بالمدارس، لتعريف الطلاب به.

وحول أخلاقه وتعاملاته مع اهل قريته، وصف محمد عبدالرحيم وافي، أحد أصدقاء الأبنودي، الخال، بأنه كان بسيطا ولم يتكبر عليهم، وكان سفيرا لهم بالقاهرة، يلجأ إليه أصحاب المشاكل لحلها، إضافة لمهاتفة الجميع في المناسبات وإرسال البرقيات للجميع.

وذكر أحمد خليل، مدير متحف السيرة الهلالية، لـ"مصراوي" أن الأبنودي أسس هذا المتحف بعد صراعات مع وزارة الثقافة خلال عهد الرئيس الأسبق مبارك، حتى صدور قرار بتأسيسيه من مبارك شخصيًا، للدكتور فاروق حسني وزير الثقافة، عام 2003، حيث يضم المتحف قاعة للسينما ومكتبة للطفل ومكتبة ثقافية كبرى، بها عدد من المخطوطات النادرة بخط يد الأبنودي، ومكتبة صوتية لشعراء السيرة الهلالية ورواتها، لتخليد الأدب الشعبي المصري.

وأكد أهالي قرية "أبنود" أن الخال سيظل باقيا في وجدان وتاريخ الأجيال القادمة، نظرا لنضاله وبساطته وعبقريته الشعرية مهما طالت الأزمان.

فيديو قد يعجبك: