لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"بيتهوفن البحيرة".. فنان قهر إعاقته بالرسم

03:28 م الأربعاء 08 نوفمبر 2017

بيتهوفن البحيرة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

البحيرة – أحمد نصرة:

في كشك خشبي صغير، بمدينة إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، خلق أحمد إبراهيم اللبدي، عالما فريدا وسط عشرات البورتريهات لفنانين ومشاهير، يقضي فيه ساعات طويلة يوميًا، أحيانا ليرسم ضيفًا جديدًا ينضم لأصدقائه، وأحيانًا أخرى يتأملها ليدور بينه وبينها لغة خاصة لا يفهمها سواه، ربما عوضته عن حاسة السمع التي فقدها منذ الصغر، فأعانته على تحدي إعاقته وقهرها، ما جعل البعض يصفه بـ"بيتهوفن"، ذلك الموسيقار الألماني الذي واصل العزف رغم إصابته بالصمم.

يروي أحمد إبراهيم اللبدي، حكايته مع الرسم قائلا: "بدأت موهبتي من الابتدائي، وبالقلم الرصاص كنت أقلد رسومات كبار الرسامين بالجرايد والمجلات، وتطورت الموهبة معايا، وبدأت أرسم بالفحم وأنا في إعدادي، وكانت نقطة التحول الكبيرة في حياتي لما نشرلي الفنان الراحل مصطفى حسين بعض أعمالي في جريدة الأخبار، ساعتها حسيت إني ممكن أبقى رسام ناجح، وصممت أكتر على تنمية موهبتي".

وأضاف: "بدأت أرسم بورتريهات لأصدقائي، ومن بعدها مشاهير الفن والكرة، وكنت ببعتلهم البورتريهات بتاعتهم وبتنال إعجابهم ونشأت بيني وبين بعضهم صداقة".

1

فجأة اكتسى صوت " اللبدي" بنبرة حزن وهو يسترجع شريط ذكرياته، قائلا: "الاختبار الأصعب في حياتي كان إصابتي بالتهاب أفقدني حاسة السمع أثناء دراستي بالمرحلة الثانوية، وقتها زاد ارتباطي بالرسم والخط، وبدأت أقتنع بأنه هيكون المهنة الأنسب لي في ظل ظروفي الصحية، وقررت أصقل معلوماتي في المجال ده بالدراسة، فحصلت على دبلوم الخط العربي".

واستطرد: "أنشأت هذا الكشك البسيط لكي أعمل من خلاله كرسام وخطاط، وهذا العمل هو مصدر دخلي البسيط والذي أصرف منه على أسرتي البسيطة، فأنا متزوج ومعي "كريم وفادي" بالمرحلة الابتدائية، أغلب ساعات اليوم بأقضيها هنا ورسوماتي هي أقرب أصدقائي، بأقدر أكلمها وأسمع صوتها".

2

قطع حديثنا دخول أحد الأشخاص يتضح من ملابسه عمله بإحدى المهن اليدوية، سلمه "اللبدي" بورتريها لصورته، وبعد فاصل من الشكر والثناء، لاحظت عدم تقاضيه أموالاً منه، ما دفعني إلى الاستفسار إن كان يتقاضى ثمن رسوماته مقدما".

أجاب "اللبدي" عن سؤالي بالنفي، وأوضح قائلا: "رغم أن مصدر رزقي الوحيد هو الرسم وكتابة اليُفط، إلا أن ذلك لم يمنعني من أن أشبع موهبتي بالرسم لمجرد الرسم، حتى ولو لم أتقاض ثمنًا مقابل ما أرسمه، ويسعدني أن أرسم الابتسامة والفرحة على وجه كثير من الأشخاص، خاصة البسطاء الذين أرسمهم بالمجان، أنا فنان فقير وموهبتي ما أقدرش أمنعها عن الفقراء، ورغم أني أشتري الأوراق والأقلام من أموالي، ولكني أفرح جدًا عندما أشاهد أي شخص سعيدًا، حتى لو ماكنتش أعرفه".

3

على مقربة من أبيه جلس "كريم"، التلميذ بالصف الرابع الابتدائي، وأمامه ورقة مرر عليها بقلمه بعض الخطوط، سرعان ما بدأت تتشكل ملامح أحد الوجوه، تنبئ بموهبة لدى الطفل على درب أبيه، لتتحقق مقولة "ابن الوز عوام".

قال كريم: "أنا بحب الرسم جدًا زي بابا.. ونفسي أطلع رسام وأول ما بخلص مذاكرتي بأجيب الورق والأقلام وبرسم، والمدرسين بيقولولي إنت هتطلع رسام شاطر زي أبوك".

وعلق "اللبدي" قائلاً: "كريم ابني عنده الموهبة وبيرسم بورتريهات ممتازة.. بس أمه خايفة عليه من العين والحسد ومش بتحبه ينشر أعماله ويعلن عن موهبته بدري كده، طبعًا بأساعده وبدّيله خبرتي، بس كلها مساعدات بسيطة وتوجيه فقط دون أن أمسك القلم".

4

بعد أن لاحظنا عددا كبيرا من البورتريهات لنجم منتخب مصر محمد صلاح، فسر لنا "اللبدي" ذلك بأنه من عشاقه، ويتمنى عمل معرض خاص به، للاحتفاء به بعدما ساهم في وصول مصر لكأس العالم، وأوضح قائلا: "الرسومات موجودة بالفعل ولكن العقبة في تكلفة البراويز، أنا من طبقة كادحة فقيرة وثمنها مقدرش عليه".

5

وكما فقد الفنان الألماني بيتهوفن والذي كان يلقب بـ (أبو السيمفونيات) سمعه في شبابه، فَقَد "فنان البحيرة" تلك الحاسة وهو في مرحلة الثانوية. 

فيديو قد يعجبك: