من دار الأيتام إلى العناية المركزة.. حكاية "هنا" أبكت الجميع وشغلت قلوبهم (صور)

الإسكندرية – محمد عامر:

بين ماض مجهول وسنوات قليلة في الدنيا لم تتجاوز الـ 9 أعوام.. ترقد "هنا" في حالة حرجة بين الحياة والموت على سرير صغير داخل غرفة العناية المركزة، تحيطها الدعوات بالشفاء من الجميع، إلا والدتها ووالدها فهي لم تعرفهم قط.

7 أيام مرت على "هنا" داخل المستشفى الأميري الجامعي بالإسكندرية دون أن تفتح الطفلة الصغيرة عينيها، ليبقى جسدها الهزيل دون أدنى حركة، ينتظر معجزة من السماء لتعود إليه الحياة مرة أخرى.

"استسقاء المخ" هكذا شخص الأطباء المرض الذي لازم الصغيرة طوال حياتها، وأخضعها لجراحة تركيب "جهاز شنط"، تسبب انسداده مؤخرًا في حجزها بغرفة العناية المركزة تحاصرها الأجهزة الطبية من كل جانب بعدما دخلت فى غيبوبة كاملة.

"عيب خلقي"
في دار أيتام جمعية مصابيح الهدى "لذوي الاحتياجات الخاصة" المشهرة برقم 1683 لسنة 2004، بمنطقة سيدي بشر شرقي الإسكندرية، عاشت "هنا" منذ أن كان عمرها لا يتجاوز شهرين، لا تفارق البسمة شفتيها، رغم المرض الذي ولدت به ويؤثر بشكل مباشر على نظرها وعيب خلقي في القدم.

" الجميع تعلق بها منذ تسلمتها من قسم الأطفال المعثور عليهم بمديرية الشئون الاجتماعية قبل 9 سنوات.. وأطلقنا عليها اسم عصفورة الدار".. تقول أمل الصعيدي، مديرة الدار عن "هنا"، مناشدة الجميع الدعاء لها بالشفاء.

"هنا" لم تكن كباقي أطفال الدار فهي قادرة على أن تصيب بسهم براءتها كل من يراها، ورغم مرضها فهى تحفظ القرآن الكريم إلى جانب بعض الأغاني، وتهوى التصوير.

"هنا تحتاج الدعاء"
وتضيف "مدام أمل": "لم أترك هنا في المستشفى دقيقة واحدة.. فأنا أعلم جيدًا معنى أن تكون طفلة يتيمة.. فوالدتي ماتت وعمري عام ونصف ولحق به والدي.. لذا خصصت وقتي لرعاية الأيتام.. وإلى جانب أطفال الدار أتولى رعاية ما يفوق 330 طفلًا آخرين خارجها".

وأشارت إلى أن هنا تدهورت حالتها مؤخرًا وتم نقلها إلى مستشفى خاص بالعصافرة، حيث أكد الأطباء أنها تعاني من انسداد في جهاز "الشنط" ما يتطلب إجراء جراحة لتسليكه وتم تحويلها للمستشفى الأميري، إلا أنها دخلت بعدها في غيبوبة ونقلت إلى العناية المركزة.

"هنا لا تحتاج الآن منكم سوى الدعاء".. قالتها مديرة دار الأيتام، مشيرة إلى أنها تحاول منذ يومين الحصول على تقرير طبي بحالتها من مدير المستشفى أو عميد كلية طب الإسكندرية دون جدوى لعرضه على أساتذة متخصصين في المخ والأعصاب.

ماذا يعنى استسقاء المخ عند الأطفال؟
"استسقاء المخ" أو "الاستسقاء الدماغي" هو مرض تصل نسبة انتشاره بين الأطفال من 1 إلى 1.5%، بينما تصل نسبة العيب الخلقي في الاستسقاء عند الأطفال من 0.9 إلى 1.8%.

الدكتور عوض حجاب، جراح المخ والأعصاب والعمود الفقري بالإسكندرية، يقول إن استسقاء المخ ينجم عن تجمع سائل زائد في الدماغ، غالبًا بسبب انسداد يمنع التصريف المناسب للسائل.

مواطنون: "أجمل بناء الدار هتعيش إن شاء الله"
وشغلت حالة الطفلة "هنا" رواد مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الأيام الماضية، فالدعوات لها بالشفاء لم تنقطع، بينما تسابق عدد آخر من زوار دار الأيتام إلى الحديث عنها، حيث قالت مروة علي مرسي: " كنت في زيارة لدار مصابيح الهدى وهنا أول ماشفتني فضلت جنبي وطلبت مني الموبايل علشان نتصور".

بينما كتبت أخرى تدعى "سلسبيل": "هنا هتعيش إن شاء الله.. خلي عندكم يقين.. من 4 سنين أبني "أيهم" حصل له حادث وكانت تشخيص الحالة أنه ميت اكلينيكًا ومسألة وقت بس أنا كنت عارفه أنه هيعيش ووثقت في ربي ولم يخذلني.. والحمد لله لسة عايش وبخير".

وأضافت: "هنا أجمل بنات دار أيتام مصابيح الهدى.. أدعو لهنا تمر الأزمة بسلام.. ياريت نقدر نعملك حاجة ياهنا بس مش بأيدينا غير الدعاء.. زورا هنا الزيارة من الساعة 4 إلى 5 يوميًا".

"الأميري": مش مسؤوليتنا

وحول الحالة الصحية لـ"هنا"، كشف مصدر المستشفى الأميري الجامعي بالإسكندرية، عن أن الطفلة وصلت إلى المستشفى في حالة صحية سيئة تعاني من انسداد في جهاز الشنط المزروع داخل مخها.

ورجح المصدر- أحد المتابعين لحالة "هنا"- أنه تم تقديم علاج خاطىء للطفلة أثناء تواجدها بإحدى المستشفيات الخاصة قبل نقلها إلى المستشفى الأميري الجامعي.

وأضاف المصدر: "الطفلة موجودة الآن في العناية المركزة ونقدم لها كافة أوجه الرعاية الصحية.. ولسنا المسؤولون عن تدهور حالتها الصحية.. فنحن قدمنا له كافة أوجه الرعاية اللازمة".