أحد أبطال أكتوبر: "اتخرّجت واتجوزت وأنا في الجيش.. والإعلام مركّز مع ناس معينة"
البحيرة – أحمد نصرة:
لا يخلو عمل بارز أو بطولة من جنود مجهولين ومنسيين تجاهلتهم الأضواء ولم ينشغلوا بالبحث عنها، اعتبروا أن نجاحهم هو أداء رسالتهم على الوجه الأكمل، وأن الله خلقهم للبذل والعطاء لا للمنح والتكريم، فما بالك لو كان هذا البذل من أجل الوطن.
واحد من هؤلاء المنسيين هو البطل محمود صالح، ابن مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، والذي قضى ريعان شبابه في خدمة جيش بلاده، أكثر من 6 سنوات كاملة بذل خلالها الجهد والعرق، وحمل روحه على كفيه فداء لمصر، إلى أن كلل الله جهوده وتضحيته هو وزملائه بنصر أكتوبر المجيد.
في البداية كان الشيخ محمود مترددًا في التحدث إلينا وقال: "من ساعة ما خرجت من الجيش بعد الحرب عمري ما طلعت في أي وسيلة إعلامية.. هاجي دلوقتي وأتكلم".. ولكن بعد محاولات مستمرة وبمساعدة أحد أبنائه استطعنا إقناعه بالحديث ليفتح قلبه لنا.
"تم تجنيدي عقب حرب 67 واستمريت في الخدمة حتى نصر أكتوبر المجيدة عام 1973".. قالها الشيخ محمود، وأضاف
"كنت وقتها لازلت طالبًا بكلية الشريعة والقانون، وكانت الدراسة الجامعية لا ترجئ التجنيد كما هو الآن".
واستطرد: "أهم سنين حياتي قضيتها في الجيش، اتخرجت واتجوزت وأنا في الجيش، وأول ابن ليا أنجبته قبل الحرب بشهور، كان أمر صعب طبعًا ما أشوفش زوجتي وابني غير كل فين وفين في إجازات قصيرة جدًا، ولكن كنت بصبر نفسي إني بخدم بلدي وبأدي واجب وطني".
ويكشف الشيخ محمود عن بعض مهامه أثناء خدمته العسكرية قائلا: "بخلاف مهامي العادية كمجند في الدفاع الجوي، عهد إليّ قادتي بمهام أخرى دعوية كالصلاة بالجنود، وإلقاء الخطب في المناسبات الدينية، بحكم دراستي الأزهرية وده كان تدريب كويس ليا أفادني كتير في حياتي العملية بعد ما خلصت جيش، فاشتغلت مدرس في الأزهر وتم ابتعاثي لأكثر من دولة بالخارج منها السعودية وإندونيسيا وبوركينا فاسو".
وبنبرة حزينة يشكو الشيخ محمود تجاهل الإعلام له هو وأمثاله قائلاً: "للأسف الإعلام في تناوله لأبطال أكتوبر مركّز مع مجموعة قليلة، هي نفس الوجوه المكررة كل سنة في الصحف و البرامج التليفزيونية، مع إن فيه أبطال كتير من الناس البسيطة والعادية، محدش يعرف عنهم حاجة، وكانوا يستحقوا الناس تفتكرهم، بس في الأول و الآخر إحنا مش مستنيين مقابل لخدمة بلدنا.. لأن ده واجب علينا وبنعمله علشان ولادنا، وجزاءنا عند ربنا أفضل".
والتقط أطراف الحديث "مديح" نجل الشيخ محمود والذي قال: "والدي شديد الفخر بفترة خدمته في الجيش وكونه من أبطال حرب أكتوبر، غرس فينا حب الوطن والتضحية من أجله منذ نعومة أظافرنا، ودائمًا ما كان يجتمع بأفراد الأسرة ليحكي لنا بكل سعادة ذكرياته مع التجنيد وحرب أكتوبر المجيدة".
فيديو قد يعجبك: