صراع "بدر" و"عبد الظاهر".. تعددت الأسباب والإسكندرية تدفع الثمن- تقرير
الإسكندرية – محمد عامر ومحمد أحمد:
لا يخلو تاريخ الحكومات من صراع بين مسئوليها.. لكن أن يصبح ذلك الصراع علنياً على شاشات التليفزيون بين مسئولين حاليين مازالا يملكان سلطة القرار، فالطرف الأول لازال يحمل حقيبة التنمية المحلية، والثانى يجلس على مقعد محافظ العاصمة الثانية، فلا شك أن المواطن هو من سيدفع الثمن بعد أن تعطلت مصالحه وأجبرت مدينته على دفع فاتورة صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل.
ومع إحتدام الصراع بين الدكتور أحمد ذكى بدر، والمهندس محمد عبد الظاهر، إلى حد تبادل الاتهامات بينهما فى برنامج"العاشرة مساء" الذى يقدمه الإعلامى وائل الإبراشى، قد يبدو للمُشاهد أن الأزمة سببها ملكية قطعة الأرض التى ورد ذكرها فى الحلقة إلا أن الصراع المشتعل بين الوزير والمحافظ ليس وليد اللحظة وله أسباب كثيرة نذكرها فى التقرير التالى.
غياب المحافظ عن إجتماع المحافظين فى 29 يناير الماضى
عقب إجراء حركة المحافظين الأخيرة فى أواخر عام 2015، انتقل المهندس محمد عبد الظاهر من القليوبية إلى الإسكندرية، ليصبح محافظا لثانى أهم محافظات مصر، بعد أن تردد إسمه لأيام ضمن المرشحين لمنصب وزير التنمية المحلية - وقتها- قبل أن يسند المنصب للدكتور أحمد ذكى بدر، وزير التربية والتعليم الأسبق.
وخلال اجتماع مجلس المحافظين الذى انعقد فى 29 يناير الماضى برئاسة وزير التنمية المحلية، غاب المهندس محمد عبد الظاهر، وأرسل نائبته الدكتورة سعاد الخولى، بدلا منه وذلك بعد أيام من رفض الوزير صرف دعما ماليا لإصلاح الطرق التى دمرتها السيول فى الإسكندرية، وهو ما أثار غضب الوزير وأعتبره عدم إهتمام وتقدير من المحافظ ورفض حضور الدكتورة سعاد الخولى الإجتماع.
إقالة اللواء أحمد متولى .. و"عبد الظاهر" يرد بتعينه سكرتيرا مساعدا
أصدر الدكتور أحمد زكى بدر، وزير التنمية المحلية، فى مايو الماضى، قرارا بإقالة رئيس هيئة حماية أملاك الدولة بالإسكندرية، ونقل اللواء محمد البندارى السكرتير العام لمحافظة القاهرة إلى محافظة الإسكندرية ليشغل منصب السكرتير العام، بدلا من اللواء أحمد متولى، دون الرجوع إلى المحافظ، وهو ما وصفه "عبد الظاهر"بأنه مخالف للمادة 39 من قانون الإدارة المحلية التى تنص على أن تصدر تلك القرارات من الوزير بالاتفاق وموافقة المحافظ.
وتحدى محافظ الإسكندرية قرار الوزير بإقالة "متولى" من منصبه، وبادر المحافظ فى نفس اليوم بإصدار القرار 773 لسنة 2016 بندب اللواء أحمد متولى بدرجة «مستشار ب» للعمل سكرتيرا عاما مساعدا لمحافظة الإسكندرية.
وتضمن قرار المحافظ أيضا ندب اللواء عصام الدين أحمد الليثي "بدرجة مدير عام" للعمل رئيسا للإدارة المركزية لشئون مكتب المحافظ.
وزير التنمية المحلية يوقف تنفيذ قرار المحافظ حول إيجارات الحديقة الدولية
تزايدت حدة الصراع بين وزير التنمية المحلية ومحافظ الإسكندرية بقيام الوزير بوقف تنفيذ قرار المحافظ بشأن تحصيل القيمة الإيجارية التقديرية لمستثمرى الحديقة الدولية والتى تقدر بنحو 430 مليون جنيه.
وكانت اللجنة المشكلة بقرار المحافظ برئاسة نائبته الدكتورة سعاد الخولى، بوضع قيمة تقديرية للأرض المستأجرة من المحافظة لصالح مستثمرى الحديقة الدولية بأثر رجعى بنحو 430 مليون جنيه.
وبتقدم المستثمرين بتظلم إلى وزيرى التنمية المحلية والإستثمار تم وقف تنفيذ قرار المحافظ، قبل أن تصدر لجنة فض المنازعات، التابعة لوزارة الاستثمار، قرارها لصالح المستثمرين بفحص حالة كل مستثمر على حدة.
رفض تنفيذ قرار منع إدخال المرافق للعقارات المخالفة
ووصلت الخلافات بين المحافظ والوزير إلى ملف البناء المخالف بعد إصدار المهندس محمد عبد الظاهر قرارا بوقف إدخال المرافق والعدادات الكودية إلى العقارات المخالفة، وهو ما يخالف قرار رئيس الوزراء فى هذا الشأن بإعتبار أن تلك العدادات لا تعد تقنين لها وإنما حفاظا على أموال الدولة وعدم إهدار المال العام.. لتظل المحافظة تعانى من البناء المخالف دون حل.
الوزير يوقف الدعم المالى والإسكندرية تغرق فى القمامة
وخرج المهندس محمد عبد الظاهر، عن صمته لأول مرة بشأن الخلافات بينه وبين وزير التنمية المحلية بعد أن غرقت شوارع الإسكندرية فى القمامة وعجزت المحافظة عن سداد مستحقات شركة النظافة.
وكشف محافظ الاسكندرية، أن ما تحصل عليه المحافظة من حصيلة رسوم النظافة المقررة على إيصال الكهرباء هو 5 مليون جنيه فقط وأصبح العجز فى مستحقات الشركة 11 مليون جنيه شهريا، تعمل المحافظة جاهدة لسد هذا العجز بعد أن توقف الدعم المقدم من وزارة المالية إلى المحافظة بمبلغ 5 مليون جنيه.
وواجه المحافظ الأزمة بتصديق المجلس التنفيذى لمحافظة الإسكندرية على 3 قرارات دون الرجوع لوزير التنمية المحلية، تقضى بزيادة قيمة ما يتم تحصيله من رسوم نظافة من المواطنين شهريا، وفرض رسوم بقيمة 2 جنيه على كل طن ينتج من مصانع الحديد والأسمنت القائمة فى نطاق المحافظة كرسوم خدمات إضافية وتحسين طرق، وتحصيل 25% من قيمة التعاقدات التى أبرمتها الأندية المخصص لها أراضٍ على كورنيش البحر مع مستأجرين خلال الخمس سنوات الماضية مع إلزامها بإخطار المحافظة بإجراء أى مزايدات جديدة لحضور ممثل من المحافظة.
أرض الـ"20 فدان" المحطة الأخيرة لصراع المحافظ والوزير
وبورود أنباء عن حركة محافظين محدودة خلال ساعات تصدرها اسم المهندس محمد عبد الظاهر كأول المغادرين لمنصبه، دفعه للجوء إلى وسائل الإعلام للدفاع عن موقفه بظهوره 3 مرات خلال أيام قليلة كضيف فى برامج تليفزيون الإسكندرية"القناة الخامسة".
وقبل أيام قليلة أرسل المركز الإعلامى للمحافظة بيانا لمراسلى الصحف بالإسكندرية تضمن عبارة واحدة" انتظروا المهندس محمد عبد الظاهر محافظ الإسكندرية فى برنامج العاشرة مساء على قناة دريم".
ومع بدء المحافظ حديثه فى البرنامج تبين أن صراعه مع الوزير دخل محطته الأخيرة حيث حول المحافظ أزمته مع الوزير إلى قضية رأى عام بعد أن اتهم الوزير بإهدار المال العام فى الموافقة لأحد المستثمرين على الحصول على قطعة أرض بمدخل الإسكندرية بحجة أنها أرض تتبع الأوقاف وهى فى الحقيقة تتبع المحافظة، بما يهدر مليار جنيه قيمة الأرض على المحافظة، وهو ما قام الوزير بنفيه، مؤكدا أن الفحص أثبت أحقية المستثمر بعد المرور على العديد من الإجراءات القانونية والتى تدخلت فيها القوات المسلحة وتم إحالة الملف بالكامل للنيابة العامة للتحقيق.
دعم لـ"عبد الظاهر" تحت قبة البرلمان
وفي تطور سريع للأحداث تقدم 50 برلمانيا من أعضاء مجلس النواب بالإسكندرية والبحيرة والقاهرة الكبرى، بطلبين للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، والمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، للمطالبة ببقاء المهندس محمد عبد الظاهر في منصبه كمحافظ الإسكندرية، وتجديد الثقة به، لما وصفوه بجهود الأخير في محاربة الفساد.
وذكر الطلب المقدم من النواب لكل من رئيس البرلمان ورئيس الوزراء :"إنه لمن دواعي السرور أن نكتب إلى سيادتكم طلبنا هذا بشأن تجديد الثقة في المهندس محمد عبد الظاهر محافظ الإسكندرية، ونحن نواب الشعب الموقعين أدناه نزكي هذا الطلب."
ووقع على الطلب من نواب الإسكندرية، كل من "حسنى حافظ، و سمير البطيخى عضوا مجلس النواب عن دائرة سيدى جابر، محمد الكورانى عضو مجلس النواب عن دائرة كرموز، كمال أحمد عضو مجلس النواب عن دائرة العطارين و أبو العباس، فرحات تركي عضو مجلس النواب عن دائرة المنتزه أول، وإلهام المنشاوى، وحسين خاطر .
هيثم الحريرى: إمكانيات المحافظين محدودة والإدارة لا تزال مركزية
قال المهندس هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، عن دائرة محرم بك، إن الحال الذي وصلت إليه الإسكندرية من تفاقم في مشكلات مثل القمامة والصرف وغيرها هو نتيجة صراعات منذ فترة طويلة بين المسؤولين.
وأضاف في تصريح خاص لـ "مصراوي" أن مشكلة القمامة على سبيل المثال لا تقع مسؤوليتها كاملة على عاتق المحافظ بل هي جزء من مسؤوليته، ولكن الجزء الأكبر يقع على عاتق الحكومة ممثلة في وزارات المالية والتنمية المحلية وهي الجهات المنوط بها توفير الموارد المالية للمحافظة من خزينة الدولة لإتمام أعمال النظافة ودفع المبالغ المستحقة للشركات.
ولفت إلى أنه كان هناك مشكلة خاصة بأراضي الدولة بالإسكندرية خاصة بإهدار مبالغ كبيرة على الدولة بالتصديق على بعض طلبات بعض المستثمرين فى منطقة "الدوان تاون"، وكل تلك المشاكل الحكومة جزء منها، والمحافظ حاول مواجهة تلك المشكلات، ولكن الواقع يبين أن الدولة لا تزال تدار بطريقة المركزية
وأشار إلى أن المركزية في تعاملات الدولة وإدارة المحافظات من العاصمة، جعل فرص وإمكانيات المحافظين محدودة، لافتا إلى أن الأخطاء تتعاظم سريعا في ظل التراجع الاقتصادي والوضع الأمني.
وأوضح "الحريرى" أنه في ظل وجود محافظ له موقف رافض لوجود الفساد، فإن هذا يجعل رجال الأعمال لا تتعاون معه أو تقم له أي دعم أو مساندة، وهذا يفرض على الدولة أن تختار إما أن تظل أسيرة لرجال الأعمال الفاسدين أو أن تأخذ موقف حاسم وتعلن الحرب على كل الفاسدين، قائلا " أكيد سنتضرر في باديء الوقت ولكن الدولة ستتحسن مع الوقت".
كمال أحمد: الوزير "قافل حنفيات" الموارد على الإسكندرية
ومن جانبه، أكد كمال أحمد، عضو مجلس النواب عن دائرة العطارين، أنه لا يمكن تحميل محافظ الإسكندرية لا مسؤولية الأزمات التي تواجهها المحافظة وحده بل يتحملها مسؤولي الحكومة أيضا، لاسيما وأنه مقيد بالقرارات المركزية والتي يترتب عليها توفير المبالغ الواردة من خزانة الدولة التي تتيح للمحافظة الإنفاق على عمليات التطوير وغيرها من الملفات .
وطالب كمال أحمد وزير الإدارة المحلية، بإعلان حجم المساعدات والمبالغ التي وفرها للإسكندرية، من أجل حل المشكلات المتراكمة بها حتى يعلم المواطنون حقيقة دعم الحكومة للمحافظة، مبينا أن المحافظ متولى منصبه منذ أشهر قليلة فى الإسكندرية، في ظل إمكانيات مالية وبشرية ضئيلة حيث تولى منصبه وخزينة المحافظة بها 250 ألف جنيه فقط، إضافة إلى تركة كبيرة ممثلة في مديونيات و أطنان من القمامة ومشكلة الصرف الصحي والمرور وغيرها .
وتابع: أن هناك صراعا داخل الحكومة بين وزير الإدارة المحلية و المحافظ، قائلاً : الوزير قافل حنفيات الموارد على الإسكندرية، ونرى الفرق واضحا ً عندما دفع مبالغ مالية كبيرة، لحل مشكلة القمامة في القاهرة بينما منع المبالغ المخصصة للمحافظة.
فيديو قد يعجبك: