لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في البحيرة .. نيران الأسعار "تأكل الطبقة المتوسطة" وتحرق الفقراء و الكادحين

07:46 م الثلاثاء 11 أكتوبر 2016

نيران الأسعار "تأكل الطبقة المتوسطة" وتحرق الفقراء

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

البحيرة - احمد نصرة:

دأبت الأنظمة الاقتصادية و السياسية على اختلاف توجهاتها يساراً ويميناً، على النظر إلى الطبقة المتوسطة داخل المجتمع باعتبارها عامود الخيمة وضماناً لاستقراره وتطوره، فبين طبقة عليا بالغة الثراء لا يشغلها سوى جني الأموال على حساب من هم أدنى منهم ودون أية اعتبارات، وطبقة دنيا لا يشغل بال أفرادها سوى تأمين لقمة العيش اليومية لا أكثر، تأتي الطبقة الوسطى محملاً أبنائها بالرغبة في الحراك اجتماعياً لأعلى، يدفعها الخوف من الانزلاق للطبقة الدنيا إلى المزيد الجد و الاجتهاد بما يضمن للمجتمع تقدمه.


هذه الطبقة الوسطى، التي تحظى بمستوى معيشي مقبول إلى حد ما والتي ينتمي إليها السواد الأعظم من العلماء و المفكرين و المثقفين، وغالبية أصحاب التميز بوجه عام، تواجه تحدياً شرساً هذه الأيام بعد أن بدأت شرائح كبيرة منها في الانحدار للطبقة الدنيا تحت وطأة جنون الأسعار وارتفاع نفقات المعيشة والتي قابلها ثبات وربما تقلص في دخولهم.

في جولة قصيرة داخل أحد الأسواق الشعبية بمحافظة البحيرة حاول "مصراوي" أن يرصد تأثير الزيادة الجنونية في الأسعار على المواطنين

في البداية توقفنا أمام عربة لبائع جوافة، وبعد مرور أكثر من "زبون" يسأل عن السعر وينصرف دون شراء توقفت سيدة يبدو على مظهرها البساطة، سألت البائع عن ثمن الكيلو فأجابها: "6 جنيه" ،فكان ردها "مش عاوزة من دي .. انا عاوزة من التانية"، فطلب منها البائع العودة إليه نهاية النهار، استفسرنا من البائع عن ماهية الجوافة " التانية" فعلمنا أنها تتمثل في بواقي التنقية وهي غالباً تكون ثمار غير سليمة أو معطوبة، وتباع بجنيهأ واحداً أو اثنين بحسب حالتها، وقال : " فيه ناس على قدها بتاخد الجوافة دي وتعملها عصير أو مربى بس بعد السكر ما غلي قل الطلب عليها".

2

على مقربة من بائع الجوافة لفت انتباهنا بائعة خضرة و حديثاً ممتعضاً بينها وأحد زبائنها خاطبته خلاله بنبرة مستنكرة قائلة "مع الغلابة إلي زينا بتفاصلوا في النص جنيه وتروحوا عند التجار الكبار تدفعوا وعلى قلبكم أحلى من العسل" ، لاحظت وجودنا أمامنا فوجهت حديثها نحونا دون أن نطلب منها قائلة: " مش عاجبه حزمة الخضرة بجنيه، وهو الجنيه بقى بيجيب ايه علشان نفاصل فيه".

3

على أحد الأطراف جلست بائعة وامامها كمية قليلة من الأسماك البلطي، لم تكد تلمح نظرتنا نحوها حتى بادرتنا بالنداء: " تعالى يا بيه آخر 2 كيلو معايا خدهم شروة على بعض، 25 جنيه بس علشان اروح".
استفسرنا منها عن السعر الذي باعت به في الصباح فأجابت 16 جنيه، وأضافت " كان كيلو السمك ب10 جنيه وب8 جنيه وكنت بخلص الكمية الي معايا قبل الضهر مش زي دلوقتي " واستطردت قائلة " السمك كان أكلة الغلابة دلوقتي بقى غالي هو كمان زي كل حاجة ما زادت".

4

واصلنا جولتنا واستوقف انتباهنا عربة محملة بخليط من الخضروات رديئة الجودة،في باديء الأمر تعامل معنا البائع بشيء من التحفز والضيق بمجرد أن رأى معنا الكاميرا، وفي النهاية وافق على تصوير العربة دون ظهوره بجوارها.
توجهنا إليه بالسؤال إن كان هناك من يشتري هذه الخضروات رغم سوء جودتها فأجاب " كل حاجة ولها زبونها .. صوابعك مش زي بعضها.. ومع زيادة الأسعار زاد الطلب على النوعية مهو احنا بنبيعها بنص سعرها".

5

قررنا التوجه إلى أحد مراكز التسوق، و أكثر ما لفت انتباهنا هناك امتلاء الجدران بلافتات تعلن تطبيق مبادرة "الشعب يأمر" بسؤال احد الموجودين عن الأسعار في ظل المبادرة أجاب: " إحنا مش عاوزين حاجة غير يوفروا لنا السكر، انا جيت من بلد جنب دمنهور علشان سمعت إن السكر بيتباع بـ 5 جنيه، وللأسف لقيتهم بيقولولي خلص تعالى بكره ومش هتعرف تاخد غير كيس واحد" ، وتساءل مستنكراً "يعني أنا آجي من سفر وأدفع مواصلات علشان آخد كيس؟"


وقالت ولاء حمدي – مُعلمة : " أغلب الناس عند القسم بتاع السكر كانوا واقفين مستنيين الراجل يجيب سكر تانى اول ما جه وحط ع الرف الاكياس الكبيره الى فيها دسته تقريبا دى من غير ما يفتحها ومشى الناس مستنتش هى الى فتحتها فكرتنى بمشهد فى فيلم دكان شحاته لما القطر القمح وقف والناس طلعت عليه".

وواصلت ولاء: " المهم كلهم اخدوا الى أخدوه ومبسوطين جابوا سكر بقى وفاكرين إلى هو الكيس بخمسه جنيه ، وواقفين بيتاكدوا حد فيهم خد كيس وشافه على جهاز الباركود طلع ب 9 جنيه، فى لحظه الوشوش اتقلبت من الفرحه لليأس لخيبه الامل للهم والغم وقالهم ده بتسعه رجع يابنى هى ناقصه خراب بيوت وبدون مبالغه كلهم رجعوا الاكياس تانى ومشوا".

6

انتقلنا إلى قسم الجزارة كانت تعرض لحوماً سودانية بسعر 80 جنيهاً للكيلو ، وكانت تبدو حالة الكساد واضحة فما من زبائن يشترون، في الجهة المقابلة كان قسم اللحوم المجمدة أكثر رواجاً، قال محمد السيد – عامل : " كنا بناخد اللحمة السوداني بسعر 60 جنيه دلوقتي بقت سعرها 80 والبلدي بـ 100 ، ما عادش فيه قدامنها غير اللحوم المجمدة، ورغم انها زادت بس أهي أرحم ".

7استوقفنا زحام وتكدس شديد أمام قسم الأدوات المدرسية توجهنا بالسؤال إلى أحد الزبائن عن الأسعار فأجابنا: "الأسعار نار بس غصب عننا هنشتري، إحنا ممكن نجوع ومناكلش، إنما تعليم العيال ومستقبلهم مفيهوش هزار ، ربنا يقوينا لغاية مانربيهم ونعلمهم".


قررنا أن نختتم جولتنا بالمرور على بعض المجمعات الإستهلاكية دخلنا أحدها وطلبنا شراء سكر، فلم نجد توجهنا لمجمع آخر بمنطقة ثانية، لم نكن في حاجة للسؤال هذه المرة، فطوابير طويلة بالخارج كانت كافية لتدلنا على وجوده.
أخبرنا احد الموجودين أنه هنا منذ نحو ساعتين ولم يأت الدور عليه، وعلمنا أنه أحضر إبنه وإبن شقيقته معه حيث لا يحصل الفرد الواحد سوى على كيسين.

8

فيديو قد يعجبك: