قبيل توقيع "الاتفاق الإجباري".. ما هي معادن أوكرانيا التي أثارت مطامع ترامب؟

كتب- محمود الطوخي

بعد التوترات التي أثارتها صفقة المعادن بين كييف وواشنطن، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيزور البيت الأبيض بعد غد الجمعة؛ للتوقيع على صفقة المعادن النادرة.
وتمكنت كييف أخيرا، من التوصل لاتفاق مع واشنطن لعقد صفقة تشمل "الإنتاج المشترك" للنفط والغاز والمعادن الأوكرانية، تلبية لمطالبات الرئيس ترامب باسترداد "مليارات الدولارات التي قدمتها الولايات المتحدة إلى كييف خلال الحرب".

وبحسب مسودة محتملة نشرها موقع "أكسيوس" الأمريكي، تنص الصفقة المقرر توقيعها على إنشاء "صندوق استثماري لإعادة الإعمار" تتمتع واشنطن بكافة فوائدة المالية.

وأشار الموقع الأمريكي إلى أن المسودة تضمن أن يُدار الصندوق المشترك بشكل متساوٍ، من أجل تعزيز المنفعة الاقتصادية للمعادن الأوكرانية، بما في ذلك الغاز والنفط، الموانئ، المعادن، البنية التحتية.
ويلزم الاتفاق، أوكرانيا بتقديم استثمارات تبلغ 500 مليار دولار، فضلا عن المساهمة بضعف المبالغ التي تقدمها واشنطن للصندوق عقب الاتفاق.
لكن تقارير إعلامية غربية أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى لاتفاق خاص يتيح له تقاسم الثروة المعدنية الأوكرانية.

وذكرت صحيفة "التليجراف" البريطانية، أن مفوض الصناعة بالاتحاد الأوروبي سعى بهدوء للترويج للصفقة البديلة بشأن المعادن خلال زيارته لكييف، فما هي تلك المعادن التي أثارت مطامع الغرب في أوكرانيا؟
تمتلك أوكرانيا أكبر احتياطي عالمي من معدني الليثيوم والتيتانيوم غير المستغل في العالم، إذ تقدر قيمة الرواسب المعدنية في أوكرانيا بتريليونات الدولارات، رغم أن قيمتها الدقيقة ومناطق توزيعها حول البلاد لا تزال غير معروفة للجمهور، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية.
وتستورد الولايات المتحدة، غالبية احتياجاتها من المعادن وتحديدا من عدوها التجاري الأكبر الصين.
وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن الولايات المتحدة تستورد بشكل كامل 12 معدنا من بين 50 مصنفة على أنها بالغة الأهمية، كما تستورد ما يزيد عن 50% من احتياجاتها من 16 دولة أخرى.

ومن بين العناصر الـ50 بالغة الأهمية، تمتلك أوكرانيا رواسب معدنية لـ22 منها، وفقا لحكومة كييف.
وأشارت المفوضية الأوروبية، إلى أن أوكرانيا مصدر محتمل لما يزيد عن 20 عنصر خام أساسي، ومنها الجاليوم والجرمانيوم والمنجنيز والكاولين.
وتحظى تلك العناصر باهتمام موسكو أيضا، حيث يشير محللون إلى أن روسيا صادرت ما تعادل قيمته 12 تريليون دولار من أصول المعادن والطاقة الأوكرانية.
ويتركز أحد احتياطات عنصر الليثيوم في أوكرانيا، على بعد 10 كيلومترات فقط من خط المواجهة مع الجيش الروسي.
إلى جانب ذلك، تمتلك أوكرانيا احتياطات ضخمة من المعادن غير الحديدية، مثل الرصاص والنحاس والفضة والزنك.
وتحتوي منطقتي دنيبروبيتروفيسك وكيروفوجراد اللتين تبعدان عن مناطق القتال، على 215 ألف طن من رواسب النيكل ونحو 9 آلاف طن من رواسب الكوبلت، فيما تشكل احتياطات الجرافيت في أوكرانيا 20% من الاحتياطي العالمي.
وبرغم ذلك، لا تشارك أوكرانيا بنسبة كبيرة من هذه المعادن في الإنتاج العالمي، غير أنه يُتوقع أن ترتفع أسعارها مع تزايد الطلب العالمي عليها خلال السنوات العشر المقبلة.

وعلى مدار سنوات الحرب الثلاث، سيطرت روسيا على نحو 70% من موارد أوكرانيا المعدنية، إذ تنتشر أماكن تركز تلك المعادن في مناطق دونيتسك ولوجانسك الخاضعتين لسيطرة القوات الروسية، فضلا عن منطقة دنبيروفسك القريبة من خطوط القتال.
وتحوي تلك المناطق رواسب معدنية لـ "الزركنيوم – الليثيوم – السترونشيوم"، كما أن قرابة 63% من رواسب الفحم و11% من الرواسب النفطية و20% من رواسب الغاز في أوكرانيا، تخضع للسيطرة الروسية.

المعادن محط أنظار أمريكا

تؤكد هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، أن معادن الجرافيت والليثيوم تتمتع بأهمية كبيرة فيما يخص الاقتصاد الأمريكي، حيث تعتبر الصين المنافس الأول للولايات المتحدة كأكبر منتج عالمي للجرافيت وكذلك معالجة كميات ضخمة من الليثيوم.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية نقلا عن بيير جوسو، نائب مدير مركز استخبارات المعادن الحرجة في المملكة المتحدة، الذي تستضيفه هيئة المسح الجيولوجي البريطانية، إن معادن اليورانيوم والجرافيت والليثيوم "هي محور التحول في مجال الطاقة وذات قيمة استراتيجية وصناعية كبرى".

ورجح جوسو، أن ترتفع قيمة العناصر الثلاث خلال السنوات المقبلة، نتيجة الطلب المتزايد والذي يفوق الكميات المعروضة منها.
ووفقا لجوسو، فإن احتياطات أوكرانيا من الذهب تُقدر بنحو 3 آلاف طن متري، على الرغم من أنها لم تنتج أي كميات من المعدن الاستراتيجي خلال القرن الجاري.

معدن الليثيوم

وفقا لهيئة الجيولوجيا الحكومية الأوكرانية، يتركز في البلاد ما يقدر بنحو 500 ألف طن متري من الليثيوم، كأكبر للمعدن احتياطي في أوروبا.
وخلال الحرب، سيطرت القوات الروسية على منجمين لليثيوم في قرية شيفتشينكو في دونيتسك من بين 4 مناجم تمتلكها أوكرانيا.
ويعد المنجم في شيفتشينكو الذي تم اكتشافه عام 1982، واحد من بين أغنى المناجم في أوروبا كما أنه الأكبر في أوكرانيا.
ويدخل الليثيوم في كثير من الاستخدامات، مثل صناعة السيراميك والهندسة الكهربائية وصناعة المعادن والصناعات الكيميائية والطب.

ونتيجة استخدام الليثيوم في إنتاج البطاريات، بما في ذلك السيارات الكهربائية وتخزين الطاقة، زاد الطلب على المعدن خلال السنوات الأخيرة، إذ يعتبر المكون الرئيسي لصناعة البطاريات نظرا لقدرته على إطالة عمرها الافتراضي، وتمكينها من تخزين الشحنات الكهربائية لفترات أطول.
اليورانيوم
يعتبر اليورانيوم "المعدن المشع"، مصدرا رئيسيا للوقود في المفاعلات النووية، إذ تكفي كمية منه بحجم بيضة لتوفير نفس القدر من الطاقة الذي يوفره 88 طنا من الفحم، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ولا يعتبر اليورانيوم ضمن المعادن النادرة رغم ارتفاع قيمته السوقية، إذ تمتلك أوكرانيا وحدها منه أكثر من 107 آلاف طن متري من رواسبه، كأكبر رواسب لخام المعدن المشع في أوروبا، وفق الرابطة النووية العالمية.

الجرافيت

يُعد الجرافيت أحد الرواسب الجانبية للكربون لكنه يكون في صورة ناعمة، ويدخل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية والمفاعلات النووية وأشباه الموصلات، فضلا عن بطاريات "الليثيوم أيون" القابلة لإعادة الشحن.
وقبل اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير 2022، أدرجت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، أوكرانيا بين أكبر 10 منتجين للجرافيت حول العالم.
وتشير توقعات شركة "بي جي في" للتعدين، إلى أن منجم يقع بمنطقة كيرفوهراد بسوط أوكرانيا، يحوي 500 مليون طن متري من المعدن الكربوني.

التيتانيوم

تتركز في أوكرانيا احتياطات لمعدن التيتانيوم فضي اللون من بين الأكبر في العالم.
وتتصدر قائمة صناعة الطائرات قائمة المجالات التي يستخدم فيها التيتانيوم، إضافة إلى الدهانات ومجموعة متنوعة من الصناعات.
وذكرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، في عام 2023، أن أوكرانيا تمتلك احتياطات تُقدر بـ8.4 مليون طن متري من التيتانيوم.

وانطلاقا من سبتمبر الماضي، تصدرت أوكرانيا قائمة مصدري تيتانيوم الروتيل إلى الولايات المتحدة، إذ بلغت صادراتها 8% من الواردات الأمريكية.

البريليوم

وتقول شركة "بي جي في" للتعدين، والتي تدير منجما للبريليوم في "جيتو مير" شمال غربي أوكرانيا، إن الاحتياطات المؤكدة من المعدن النادر تقدر بـ5512 طنا متريا.
ويستخدم البريليوم في صناعة الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة التصوير الطبي معدات الطائرات ومكونات السيارات.