دراسة علمية تكشف انحسار الكتل الجليدية الأوروبية بنسبة 40% منذ عام 2000
انحسار الكتل الجليدية الأوروبية
لندن – (أ ش أ)
كشفت دراسة علمية حديثة، أن معدل ذوبان الكتل الجليدية الأوروبية "يتسارع على نحو خطير" لتفقد ما يعادل حجم ثلاثة ملاعب أولمبية كل ثانية، فيما برزت جبال الألب وبايرنيس كأكثر المناطق تضرراً في القارة الأوروبية.
وأوضحت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن الدراسة، التي نفذها 35 فريقاً بحثياً ونشرتها دورية "نيتشر" العلمية، لفتت إلى أن الكتل الجليدية في مرتفعات الألب وبايرنيس فقدت 40% من حجمها في أقل من ربع قرن.
استبعدت الدراسة المسطحات القارية الشاسعة في قارة أنتاركتيكا في جنوب الكرة الأرضية وجرينلاند، أكبر مناطق جليدية في العالم، لكنها توصلت إلى أن الكتل الجليدية في بقية أنحاء العالم فقدت 5 في المائة من حجمها خلال الفترة من عام 2000 إلى 2023.
ويختفى نحو 273 مليار طن من الجليد سنوياً في المتوسط، وهو ما يعادل استهلاك سكان الكرة الأرضية من المياه لمدة 30 عاماً.
وأظهرت الدراسة أن الكتل الجليدية سجلت انحساراً قياسياً في أحجامها خلال عامي 2022 و2023، وهما العامين الذين تفاقمت خلالهما أزمة الاحتراز العالمي، ويرتبط ذوبان الكتل الجليدية بمخاطر ارتفاع مستويات البحار، والفيضانات، التي تفضي في نهاية المطاف إلى حدوث موجات جفاف.
وفي إشارة إلى تسارع وتيرة الذوبان، أظهرت الدراسة، أن ذوبان الجليد خلال الفترة من 2012 إلى 2023 زاد بنسبة 36 في المائة عن الفترة من 2000 إلى 2011.
تنقل الصحيفة البريطانية عن فابين موسيون، أحد أعضاء الفريق البحثي، وبروفيسور علم الجليد في "جامعة بريستول"، قوله "إن الدراسة أكدت أن تضاؤل كتل الجليد أمر عالمي، ويتسارع على نحو خطير، نظراً لاستمرار درجات الحرارة في الارتفاع"، وكان العام الماضي عاماً قياسياً في ارتفاع الحرارة على الإطلاق، وجاء عقب عام قياسي آخر في 2023.
كان الدراسة هي المحاولة الأولى، حسب البروفيسور ماوسيون، للجمع بين بيانات رصد قدمتها مهام وكالات فضاء من الولايات المتحدة وألمانيا وأخرى أوروبية، تراوحت بين صور ضوئية ومسوح رادارية إلى بيانات ليزرية وتحليلات كمية للأوزان، للتوصل إلى "تقدير أوضح وأكثر موثوقية لمقدار الفقد في الكتل الجليدية في أنحاء العالم".
وقال بروفيسور ماوسيون إنه "في ضوء تسارع وتيرة الانحسار الجليدي، فإن تلك الرؤى تكون حيوية لتقييم التأثيرات على ارتفاع مستويات البحار، ومدى توافر المياه إقليمياً في العقود المقبلة".
ويوضح مارتين سايجرت، بروفيسور علوم الجغرافيا، في "جامعة إكستير"، أن الدراسة تتوقع حدوث المزيد من فقدان الكتل الجليدية، والذي يمكن اعتبارها كما لو كانت "عصفور كناري داخل منجم للفحم"، وهو خير مثال لردة فعل مسطحات الجليد أمام الاحترار العالمي، ويتوقع أيضاً حدوث ارتفاع أكبر لمستويات البحار خلال القرن الحالي.
كان الذوبان الجليدي قد تسبب في فيضانات جارفة اجتاحت جبال الهيمالايا، حيث اقتُلعت في العام الماضي قرية من جذورها تحت وطأة ذوبان بحيرة جليدية، كما أن الكتل الجليدية هي مصير حيوي للمياه العذبة للعديد من المجتمعات، ويتسبب فقدانها في إلقاء أعباء وضغوط هائلة على إمدادات المياه العذبة.
ويبين البروفيسور أندرو شيفيرد، رئيس قسم الجغرافيا والبيئة في "جامعة نورثومبريا"، أن نحو ملياري إنسان يعتمدون على المياه الذائبة من الكتل الجليدية، قائلاً "لذا فإن انحسارها يرتب مشكلة كبيرة للمجتمع- ليس لأننا نفقدها من المشهد العام لدينا فحسب، بل أيضاً لأنها تشكل جانباً مهما من حياتنا اليومية".
كما أن "ارتفاعاً طفيفاً في مستوى البحر يشكل أمرا مهما لأنه يفضي إلى المزيد من الفيضانات الساحلية المتكررة"، حسب البروفيسور شيفيرد، الذي لفت إلى أن "كل سنتيمتر ارتفاعاً في مستوى البحر يعرض مليوني إنسان سنوياً لفيضانات في مكان ما على كوكب الأرض".
هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: