الشيعة استبدلوا الأبيض.. كيف كسب جوزيف عون رئاسة لبنان في الجولة الثانية؟

كتب- محمود الطوخي

بعد ما يزيد عن عامين عانى خلالها لبنان من الشغور الرئاسي، تمكن البرلمان اليوم الخميس، من انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للجمهورية، غير أن الأمر تطلب جولتين من التصويت السرّي، تخللهما اتفاق الفوز.

معارضة لترشح عون وخرق الدستور

في بداية الأمر، سادت تخوفات من أن انقسام التكتلات البرلمانية اللبنانية، قد يعرقل الجهود لانتخاب رئيس للبلاد، خصوصا وأن حزب الله وحركة أمل لم تعلنا موقفا واضحا من ترشح قائد الجيش اللبناني جوزيف عون، في حين أبدى زعيم تكتل "لبنان القوي" جبران باسيل رفضه ترشح عون، مبررا ذلك بأن الأمر يستوجب تعديلا دستوريا.

وإلى جانب باسيل، اصطف النائب ملحم خلف، إذ طالب بالحفاظ على الديمقراطية، قائلا: "حفاظا على دولتنا والديمقراطية أدعوكم دعوة صادقة لعدم خرق الدستور وأن نذهب في انطلاقة إلى دولة الحق والقانون"، وفق ما أوردته وكالة الأنباء اللبنانية.

وتجلّت تلك التباينات حول ترشح قائد الجيش اللبناني أو العملية الانتخابية برمتها، في ما طرأ من مشادات كلامية وتراشقات لفظية نابية بين نواب البرلمان، بعد حديث بعض البرلمانيين عن "التدخلات الخارجية (في إشارة إلى فرض ترشح جوزيف عون من قبل أطراف خارجية)"، ما هدد بإفشال عملية انتخاب رئيس للبنان؛ إذ قالت نائبة في كلمتها التي سبقت عملية الاقتراع الأولى، إن لبنان لن يرضخ من جديد للوصاية الإيرانية أو السورية.

جلسة انتخاب رئيس الجمهورية داخل مقر البرلمان اللبناني شهدت مشادات كلامية حادة وتضارب في المواقف بين نواب البرلمان اللبناني.#لبنان #البرلمان #انتخابات pic.twitter.com/tyJ7fNpKyQ

— RT Arabic (@RTarabic) January 9, 2025

وانعكست تلك الانقسامات على نتائج التصويت في الدورة الأولى التي أُجريت صباح اليوم، إذ امتنع 37 نائبا عن التصويت لأي من المرشحين الرئاسيين مفضلين ترك ورقتهم بيضاء، فيما احتج 18 نائبا بكتابة "السيادة والدستور" في ورقة اقتراعهم، بينما حصل منافسه شلبي ملّاط على صوتين فقط.

وفي نفس الجولة من التصويت، حصد قائد الجيش اللبناني جوزيف عون 71 من بين 128 صوتا وهي النسبة الأعلى من الأصوات، غير أنها لم تكن كافية بسب عوائق دستورية.

ويستلزم فوز عون برئاسة الجمهورية، حصد نسبة ثلثي الأصوات للتحايل على تلك العقبات الدستورية، إذ تنص المادة 49 من الدستور اللبناني على أنه "لا يجوز انتخاب موظفي الدرجة الاولى والقضاة، وما یعادلها بجمیع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنویین في القانون العام مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعليا عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد".

اتفاق الفوز

لكن على الرغم من ذلك، أتاح قرار رئيس مجلس النواب اللبناني بإجراء جلسة ثانية بعد ساعتين لإعادة التصويت، فرصة لـ عون حيث تمكن من الاجتماع بممثلي حزب الله وحركة أمل البرلمانيين في تلك الأثناء للتوصل إلى تفاهمات وتوافقات.

وأشارت التقارير إلى أن اللقاء تطرق إلى عناوين سياسية وتفاهمات ترتبط بالمرحلة المقبلة، مؤكدة ان اللقاء سادته أجواء إيجابية.

الطريق إلى قصر بعبدا

مثّل التوافق والتفاهم بين عون وحزب الله وحركة أمل، ورقة كاسحة لقائد الجيش اللبناني؛ إذ تمكن من الحصول على 99 صوتا خلال الجولة الثانية من التصويت السرّي بفارق 28 صوتا عن المرحلة الأولى من التصويت، ليستوفي النسبة اللازمة للتحايل على العقبات الدستورية وهي 86 صوتا.

ووفق نتيجة فرز الجولة الثانية من التصويت، فقد حافظ نواب "السيادة والدستور" على موقفهم، وأعادوا كتابتها وإبطال أصواتهم الـ18، فيما ترك 9 نواب فقط ورقتهم بيضاء، ما يعني أن 28 نائبا حولوا تصويتهم من الورقة البيضاء لاختيار جوزيف عون، بعد اتفاق الترضية مع التكتل الشيعي.

وفي النهاية أفضت نتائج فرز الأصوات، إلى إعلان مجلس النواب، قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيسا للجمهورية، ليملأ الفراغ الرئاسي الممتد منذ أكثر من عامين، بعد انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال عون في أكتوبر 2022، إذ أخفق البرلمان خلال 12 جلسة سابقة في انتخاب رئيس للبلاد.

وفور أدائه اليمين الدستورية، تعهد الرئيس اللبناني الـ14 جوزيف عون، بممارسة صلاحيات رئاسة الجمهورية كاملة، مشددا على أن العدل هو الفاصل والحصانة الوحيدة لكل مواطن.

‏وأكد الرئيس اللبناني الجديد، أنه سيحترم فصل السلطات، متعهدا بإشراك رئيس الحكومة في إدارة البلاد.