معارك شرق النيل.. ما أهمية مصفاة "الجيلي" بعد سيطرة الجيش السوداني عليها؟
كتبت- سلمى سمير:
بعد أسبوع احتدمت فيه المعارك العسكرية في السودان بين القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، في سبيل السيطرة على مناطق قوة جديدة والإبقاء على مراكز الثقل، شهدت المعركة تحولًا كبيرًا بعد إعلان الجيش السوداني سيطرته على مصفاة تكرير النفط في شمال العاصمة الخرطوم.
جاءت السيطرة على مصفاة "الجيلي" لتكرير النفط وهي أكبر مصفاة في السودان، عقب حصار دام لأيام متتالية من مختلف محاور المنطقة، وهو الحصار الذي أجبر قوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو الشهير بـ "حميدتي" إلى التراجع، في خطوة وصفها الجيش السوداني بـ "النصر".
وفي تعليقه على السيطرة على مصفاة النفط، صرح رئيس هيئة أركان الجيش، الفريق أول محمد عثمان الحسين، أن إعادة السيطرة على مصفاة "الجيلي" جاء بمثابة "نصر" اجتمعت فيه كافة المحركات العسكرية في المنطقة.
تم التخطيط للسيطرة على مصفاة "الجيلي" للبترول، بعد لم شمل المحركات العسكرية التي ذكرها رئيس أركان الجيش السوداني في بيانه، وذلك بعد فك الحصار عن معسكر "سلاح الإشارة" عقب اشتباكات مسلحة وقعت وسط مدينة بحري شمالي الخرطوم، ليتم بذلك إكمال المرحلة الثانية من العملية وتلتقي قوات محور مدينة بحري مع قوات الجيش في القيادة العامة، بحسب البيان.
ويخضع معسكر "سلاح الإشارة" لحصار شديد منذ اندلاع في السودان منذ أكثر من عام، من قبل قوات الدعم السريع، إلا أنه بفك الحصار تمكنت القوات التابعة للقوات المسلحة السودانية من الانضمام لباقي قوات الجيش السوداني في باقي محاور القتال.
يقع مقر "سلاح الإشارة" في موقع استراتيجي على ضفاف النيل الأزرق في العاصمة السودانية الخرطوم، ويحده من الشرق جسر النيل الأزرق الذي يربط المنطقة بوسط الخرطوم، كما يطل على الشوارع المؤدية إلى القيادة العامة للجيش السوداني.
ويشكل هذا الموقع أهمية كبيرة نظرًا لقربه من المعالم العسكرية والحيوية في المدينة، مما يجعله نقطة محورية في عمليات التواصل والاتصال العسكرية.
ما هي مصفاة "الجيلي"؟
تعد مصفاة "الجيلي" هي أكبر مصفاة لتكرير البترول في السودان، ووقعت تحت سيطرة قوات الدعم السريع التي اتخذت منها قاعدة عسكرية، لأكثر من 21 شهرًا.
وتمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على مصفاة الخرطوم للنفط بعد أيام قليلة من بدء الحرب في السودان أبريل 2023، لكن المصفاة ظلت تعمل حتى توقفت عن الإنتاج في أكتوبر 2023.
وتعد المصفاة إحدى المنشآت الحيوية في السودان، وتقع في منطقة الجيلي على بعد 70 كيلومترا شمال العاصمة الخرطوم، وتم تأسيسها في عام 1997 وتكلف بنائها أكثر من مليار دولار وبدأ تشغيلها في عام 2000 من خلال شراكة بين وزارة الطاقة السودانية والشركة الوطنية للبترول الصينية، ومع مرور الوقت، أصبحت المصفاة تحت إدارة وزارة الطاقة السودانية.
وتمتد مصفاة "الجيلي" على مساحة 40 كيلومتر مربع، في بقعة تتواجد فيها عدد من المناطق المهمة عسكريًا، كما أن استيلاء قوات الدعم السريع لم يأت بعد اشتباكات وإنما كانت ضمن المناطق التي تحرسها القوات قبيل الحرب، وبعد اندلاعها سيطرت على المصفاة بعد القضاء على العناصر الأخرى التي لم تكن موالية لهم في المنطقة.
وتشمل المنطقة المحيطة بالمصفاة منطقة "قري الحرة"، التي تعد مركزًا صناعيًا حيويًا، بالإضافة إلى التصنيع الحربي الذي يشمل منشآت تستخدم في تصنيع الأسلحة والذخيرة، كما تقع بالقرب من قاعدة هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات السودانية، التي تعد من أهم المواقع العسكرية في البلاد.
وتضم المنطقة أيضًا محطة قري الغازية لتوليد الكهرباء، التي تلعب دورًا محوريًا في تأمين إمدادات الطاقة للمنطقة، وعلاوة على ذلك، تحيط بالمصفاة تلال جبلية تعزز من موقعها الدفاعي وتساهم في تأمينها ضد أي تهديدات محتملة.
ووفرت مصفاة الجيلي لقوات الدعم السريع مزايا لوجستية حيوية، والتي استغلت المرافق المحصنة ومخازن الأسلحة، وأقامت قواعد إمداد وتموين لدعم عملياتها، إضافة لتطوير شبكة اتصالات وسيطرة، مكنتها من التنسيق بشكل أفضل بين وحداتها العسكرية، والتي قابلها صعوبة لدى الجيش السوداني الذي لم يتمكن من شن هجوم مباشر على المصفاة باستخدام الطيران واستعاض عن ذلك بحصارها بواسطة القوات.
علاوة على ذلك، استخدمت قوات الدعم السريع المصفاة كنقطة انطلاق لإنشاء مرصد للمراقبة، بالإضافة إلى منصة لإطلاق الطائرات المسيرة، التي استهدفت بها ولاية نهر النيل المتاخمة، مما يعكس استخدام المصفاة كموقع استراتيجي في إطار خططها العسكرية.
وتشهد العاصمة السودانية الخرطوم، معارك محتدمة في الآونة الحالية في 3 محاور في مدنها الثلاث وهم الخرطوم الواقعة جنوب شرق النيل ومدينة بحري شمال شرق النيل، وأم درمان غربي النيل.
فيديو قد يعجبك: