إعلان

هروب وشتات ودماء مُهدرة.. ماذا جرى في غزة طيلة 15 شهرًا؟

11:46 م الأربعاء 15 يناير 2025

الدمار والشتات في قطاع غزة

القاهرة- مصراوي

بدأت إسرائيل قصف غزة في 7 أكتوبر 2023، عقب اجتياز حماس الحدود وقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز 251 آخرين كأسرى لديها. لكن عندما بدأت العمليات البرية بعد أسبوع، توقع معظم المراقبين أن يستمر القتال لأسابيع فقط، لكنه امتد لمدة 15 شهرًا حتى إعلان وقف إطلاق النار الأربعاء، لتصبح أطول حرب إسرائيلية منذ حرب 1948.

في أعقاب وقف إطلاق النار القصير في نوفمبر 2023، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة القتال لتحقيق "انتصار كامل" على حماس.

صورة 1

اتهامات بالإبادة الجماعية

أثار العدوان الإسرائيلي على غزة اتهامات بالإبادة الجماعية من جماعات حقوقية وعلماء وحكومات أجنبية. ورفعت جنوب إفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية.

وكتب المؤرخ الإسرائيلي وعالم الإبادة الجماعية حينها عمر بارتوف في مايو 2024: "لم يعد من الممكن إنكار تورط إسرائيل في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة جماعية".

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في نوفمبر 2024، أن بيانات الوفيات التي تم التحقق منها تشير إلى "عدم اكتراث واضح بحياة المدنيين"، مع استخدام أساليب حربية ذات تأثير مدمر.

صورة 2

ردود الفعل الدولية

حتى الولايات المتحدة، الحليف الأقوى لإسرائيل، فرضت قيودًا على بعض شحنات الأسلحة، بينما أوقفت المملكة المتحدة في سبتمبر 2024، بعض تراخيص تصدير الأسلحة بسبب سلوك إسرائيل في الحرب.

كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، إضافة إلى القائد العسكري لحماس محمد ضيف.

تكاليف الحرب على غزة وشعبها

الشهداء والجرحى

استشهد أكثر من 46 ألف فلسطيني في غزة جراء الهجمات الإسرائيلية، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع. معظم الشهداء كانوا مدنيين، ما يمثل حوالي 2% من سكان غزة قبل الحرب.

من بين الضحايا، تم التعرف على أكثر من 40 ألفًا، من بينهم 13,319 طفلًا، وأصغرهم رضيع عمره ساعتان فقط. كما شملت قائمة الشهداء مسنًا يبلغ من العمر 101 عامًا وأُصيب نحو 110 ألف آخرون، ويعيش أكثر من ربعهم الآن بإصابات دائمة تشمل بتر الأطراف وحروق خطيرة وإصابات في الرأس.

لكن هذه الأرقام لا تعكس القصة الكاملة؛ إذ يُعتقد أن حوالي 10 آلاف شخص دفنوا تحت أنقاض المباني التي دُمرت بسبب نقص المعدات الثقيلة والوقود اللازمين للتنقيب.

تشير دراسة نُشرت في مجلة لانسيت إلى أن الحصيلة الرسمية تقلل من تقدير الوفيات، حيث لم تُسجل اثنين من كل خمسة ضحايا، مما يرفع العدد الإجمالي للوفيات إلى أكثر من 70,000 بحلول أكتوبر 2024.

صورة 4

تأثيرات غير مباشرة

ساهمت عوامل مثل الجوع، ونقص المأوى، والانتشار السريع للأمراض المعدية، وانهيار النظام الصحي في وفاة العديد من الفلسطينيين الآخرين. وقال الدكتور مروان الهمز، مدير المستشفيات الميدانية، للجارديان البريطانية، إن السلطات تخطط لحصر الشهداء بعد توقف القتال.

وبالرغم من تشكيك المسؤولون الإسرائيليون في دقة أرقام الشهداء التي تصدرها السلطات في غزة. ومع ذلك، يُعد السجل التاريخي للأطباء وموظفي الخدمة المدنية في غزة موثوقًا، إذ طابقت تقارير الأمم المتحدة خلال صراعات سابقة قوائم الشهداء الصادرة عن غزة بشكل كبير.

صورة 5

وأسفرت حملة القصف الجوي المكثف والهدم الجماعي التي شنتها إسرائيل عن تدمير مساحات شاسعة من غزة، وترك أحياء بأكملها بالكاد مأهولة بالسكان. ووفقًا لأحدث أرقام الأمم المتحدة، دُمر أو تضرر تسعة من كل عشرة منازل في القطاع. كما تعرضت المدارس والمستشفيات والمساجد والمقابر والمتاجر والمكاتب لضربات متكررة.

الدمار واسع النطاق إلى درجة أن بعض الخبراء يعتبرونه جريمة حرب جديدة تُعرف بـ"القتل". حيث أدى التدمير المنهجي للبنية التحتية اليومية إلى ترك السكان دون أدنى مقومات الحياة.

حتى عندما كانت المنازل قائمة ولم تُهدم، أُجبر العديد من السكان على مغادرتها. فقد فُرضت أوامر إخلاء على 80% من أراضي غزة، واستمرت هذه الأوامر حتى أواخر ديسمبر.

صورة 6

نزح حوالي 1.9 مليون شخص، أي ما يعادل 90% من سكان غزة، واضطر العديد منهم إلى التنقل باستمرار. يعيش مئات الآلاف منهم الآن في مدن الخيام والملاجئ المكتظة، والتي تفتقر إلى أنظمة صرف صحي ملائمة ومياه نظيفة. للأسف، حتى تلك الملاجئ لم تكن بعيدة عن الخطر، إذ تعرض بعضها للهجوم، مما زاد من معاناة النازحين.

كما خلفت الحرب أكثر من 40 مليون طن من الحطام، تتخللها مواد متفجرة مثل الأفخاخ والقنابل غير المنفجرة. فيما حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة متخصص في إزالة الألغام، في الربيع الماضي، من أن إزالة هذا الحطام قد تستغرق أكثر من عقد.

مزاعم جيش الاحتلال دائما كانت عبارة عن أن عملياته تستهدف حماس فقط وليس المدنيين أو البنية التحتية في غزة. وأكد أن قصفه يتناسب مع التهديدات، وأنه يبذل أقصى الجهود لتحذير المدنيين قبل شن الهجمات.

صورة 7

وتعرضت جميع مدارس غزة تقريبًا لأضرار أو دُمرت بالكامل، ولم تعد أي منها قيد التشغيل. حُرم أكثر من 660 ألف طفل من التعليم الرسمي لأكثر من عام. وأظهرت دراسة مشتركة أجراها أكاديميون من جامعة كامبريدج والأمم المتحدة، أن الحرب ستؤخر التعليم في غزة لمدة تصل إلى خمس سنوات، مما يهدد بخلق جيل ضائع يعاني من صدمات نفسية دائمة.

كان هناك 564 مبنى مدرسي في غزة بتاريخ 7 أكتوبر 2023. تعرض 534 منها للدمار أو لأضرار جسيمة، بينما صنفت 12 مدرسة على أنها "معرضة للخطر المحتمل". في تقرير صدر عن اليونيسف في أكتوبر 2024، أُشير إلى أن حالة المدارس المتبقية البالغ عددها 18 مدرسة "غير معروفة حاليًا".

تحولت المدارس التي تديرها وكالة الأونروا إلى ملاجئ طوارئ تستوعب أعدادًا كبيرة من النازحين، وتحمل علامات واضحة على الخرائط. ومع ذلك، تعرض العديد منها للقصف، وبعضها استهدف مرات متعددة.

وادعت إسرائيل إن هذه الهجمات استهدفت مقاتلي حماس، متهمة إياهم باستخدام المباني كدروع بشرية.

صورة 8

المستشفيات والرعاية الصحية

تعرضت المستشفيات في غزة لقصف متكرر وحصار وهجمات طوال الحرب. استشهد وجُرح واحتُجز وعُذب العديد من العاملين في المجال الطبي.

وأفادت منظمة الصحة العالمية في يناير 2025 بتسجيل 654 هجومًا على منشآت صحية منذ بداية الحرب. فيما تضرر أكثر من 1050 عاملًا في مجال الرعاية الصحية، بما في ذلك الممرضات والمسعفون والأطباء. واعتُقل عشرات منهم، واستشهد ثلاثة على الأقل أثناء الاحتجاز الإسرائيلي.

وبحلول نهاية عام 2024، كانت 17 مستشفى فقط من أصل 36 تعمل جزئيًا. رغم إنشاء 11 مستشفى ميدانيًا، إلا أن القيود الإسرائيلية على دخول الإمدادات وعمال الإغاثة أعاقت قدرتها على العمل بكفاءة.

صورة 9

وخلصت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى أن الهجمات المستمرة على الطواقم والمنشآت الطبية تشكل جرائم حرب. كما وصفت لجنة التحقيق الدولية الأممية بشأن الأرض الفلسطينية المحتلة هذه الهجمات بأنها جزء من "سياسة منسقة لتدمير نظام الرعاية الصحية في غزة".

كما فاقمت الحرب نقص الأدوية والمرافق الطبية من معاناة المصابين، بينما أدت ظروف مثل نقص المأوى والمياه النظيفة إلى تفاقم الأمراض. وبحسب أرقام الأمم المتحدة، تم تسجيل أكثر من 1.2 مليون إصابة بالجهاز التنفسي و 570 ألف حالة إسهال حاد خلال عام 2024.

صورة 10

نقص الغذاء والمساعدات

وفرضت إسرائيل قيودًا صارمة على دخول المساعدات إلى غزة، ما أدى إلى انتشار الجوع وسوء التغذية. ففي نوفمبر 2024، ذكرت الأمم المتحدة أن شحنات المساعدات التجارية إلى غزة كانت في أدنى مستوياتها منذ أكتوبر 2023، محذرة من أن المجاعة قد تصبح "وشيكة" في شمال غزة.

وبحلول يناير 2025، أشارت تقارير إلى أن 96% من الأطفال دون سن الثانية والنساء في غزة يعانون من نقص حاد في التغذية. كما واجه 345,000 شخص نقصًا كارثيًا في الغذاء، بينما عانى 876,000 آخرون من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي.

أثر سوء التغذية خلال فترة الحمل والطفولة على النمو العقلي والجسدي للأطفال، ما يترك آثارًا طويلة الأمد على الناجين. واتهمت إسرائيل وكالات الإغاثة بالفشل في إدارة المساعدات، وألقت باللوم على حماس في سرقة الغذاء.

صورة 11

البيئة

تسببت الحرب في تدمير واسع للبيئة، بما في ذلك فقدان نصف الغطاء الشجري وتلوث التربة والمياه. أشارت تقارير بيئية إلى أن الأضرار لها آثار طويلة الأمد على النظم البيئية والتنوع البيولوجي وصحة السكان والأمن الغذائي.

تضررت الأراضي الزراعية بشكل كبير، حيث أظهر تحقيق أجرته Forensic Architecture تدمير ما يقرب من 40% من الأراضي المستخدمة سابقًا في إنتاج الغذاء. كما كشف تحليل صور الأقمار الصناعية عن إزالة وتدمير نصف الأشجار في المنطقة تقريبًا.

وجدت هيومن رايتس ووتش أن الجيش الإسرائيلي دمّر 31 على الأقل من أصل 54 خزانًا للمياه بحلول أواخر أغسطس. كما أدت المخلفات السامة الناتجة عن الذخائر والحرائق إلى تلويث كل من التربة وإمدادات المياه.

صورة 12

وكانت هناك أضرار غير مباشرة أيضًا، إذ قطعت إسرائيل الوقود والكهرباء والإمدادات الكيميائية خلال الأسبوع الأول من الحرب، ما أجبر جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومعظم محطات ضخها على التوقف عن العمل، مما تسبب في فيضان مياه الصرف الصحي في البحر والمياه الجوفية.

ووسط نقص حاد في المساعدات، لجأ سكان غزة الجائعون و المتجمدون إلى حرق المواد البلاستيكية السامة وقطع الأشجار للحصول على الوقود والطهي.

صورة 13

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان