كيف سترد طهران على اغتيال إسماعيل هنية؟
كتبت- سلمى سمير:
عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، إسماعيل هنية، فجر اليوم الأربعاء، تسود حالة من الترقب لطبيعة الرد الذي ستخرج به إيران للرد على اغتيال ضيف كبير بثقل هنية على أراضيها وداخل منزله، خاصة مع تركيز الرد على جانب واحد وهو إسرائيل التي وضعت القيادي سابقًا على قوائم اغتيالاتها.
جاء اغتيال هنية، في توقيت حرج للغاية سواء في مسألة مفاوضات وقف الحرب التي لم يتم البت فيها حتى الآن، أو مسألة التخوف من جر المنطقة لصراع إقليمي يجر معه عدة دول أخرى للحرب وفي هذا الشأن يقول مدير مركز النور للدراسات السياسية محمود جابر، إن عملية اغتيال هنية جاءت كنوع من الإلحاح الإسرائيلي على توسيع جبهة الصراع في المنطقة وتفجير الأوضاع في إطار عدم حرصها على فكرة الحرب المنضبطة.
هل سترد إيران؟
وقال جابر في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إن الرد الإيراني على إسرائيل قادم لا محالة مع تمثيل عملية اغتيال هنية إهانة كبيرة لإيران كونه ضيف كبير على أراضيها، مشيرًا لتمثيل استهداف هنية إهانة لإيران أكثر من مسألة استهداف رئيسها نفسه.
وأضاف جابر أن إيران لا تستطيع على المستوى السياسي ولا الشعبي ولا الأمني ابتلاع هذه الضربة، خاصة بعد قدوم الهجوم عقب سويعات من شن الهجوم على الضاحية الجنوبية لبيروت، وفي نفس يوم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد الذي تم تنصيبه عقب مقتل الرئيس السابق.
ومن جانبه أكد رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية دكتور محمد محسن أبو النور، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إن القيادات الإيرانية سترد بكل تأكيد على عملية اغتيال إسماعيل هنية، لما يمثله ذلك الاستهداف من نيل من سمعة إيران أكثر من حماس نفسها، لأنه "يهز الصورة الذهنية لإيران بعنف أمام داعميها ومناصريها بالداخل والخارج".
كيف سيكون الرد الإيراني؟
أفاد محمود جابر، أن الرد الإيراني على إسرائيل لن تتصرف فيه إيران بحالة من الانضباط مع الضغط المتزايد عليها، حيث سيكون الرد عبر الساحات المتعددة من خلال وكلائها وجبهاتها المتعددة في العراق أو اليمن أو لبنان من خلال رفعها شعار "وحدة ساحات المقاومة" أو من خلالها بشكل مباشر.
وعن طبيعة الرد المحتمل، قال جابر إن الرد الإيراني من الممكن أن يكون بشكل كبير داخل مدينة تل أبيب، من خلال استهداف هدفًا كبيرًا سواء أحد المطارات خاصة الحربية أو أحد الأماكن الحيوية الإسرائيلية، أو منشأة ذات طبيعة استراتيجية.
وعما إذا كان بالإمكان أن يصل الرد للمسؤوليين، استبعد جابر ذلك، قائلًا إن مقتل هنية وعملية بيروت لم تكونا جهدًا إسرائيليًا منفردًا، مشيرًا إلى أن الهجومين جاءا من خلال تعاون أجهزة مخابرات عالمية تستطيع تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة للغاية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وبحسب جابر فلا تمتلك إيران نفس القدرات الاستخباراتية التي تتمتع بها إسرائيل والدول الغربية، لكنها تمتلك في المقابل قدرة إيلام الطرف الآخر من خلال استهداف بعض المنشآت، مرجحًا أن لا يصل الأمر إلى المسؤولين الإسرائيليين.
ويقول عبد النور، إن استهداف هنية، كشف عن ثغرة في أعلى المستويات الأمنية الإيرانية، مشيرًا إلى طهران باتت مجبرة على فتح تحقيق على أعلى المستويات للعثور على الثغرات الاستخباراتية ومعرفة من يكون الـ"إيلي كوهين" في مؤسسات الدولة، خاصة مع إعدامها سابقًا مسؤولا في الحرس الثوري لتعاونه مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في اغتيال قاسم سليماني.
هل يمكن ألا ترد إيران؟
جاء استهداف هنية، خلال زيارته إلى إيران الحليف لحركة المقاومة، وفي نفس يوم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، خلفًا للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، وتقلده المنصب رسميًا بمباركة المرشد الإيراني علي خامنئي في مناسبة حضرها قائد حماس شخصيًا، وهو ما يراه دكتور محمد محسن أبو النور، نثرًا للأشواك على طريق بزشكيان أثناء طريقه لإصلاح علاقات إيران مع الخارج.
ويقول دكتور محمد، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إن إيران سترد بكل تأكيد على حادث اغتيال هنية، مشيرًا إلى أن السلطات الإيرانية لن تتسامح مع العملية أو تكتمها في كبدها تحت أي ظرف عملًا بمبدأ "حماية الضيف من حماية أصحاب البيت".
وعلى جانب آخر، أكد دكتور محمود أيضًا، على أن إيران لا تمتلك سببًا يحجمها عن الرد، خاصة مع امتلاكها قرار الهجوم من البداية حتى النهاية، قائلًا إن إيران لا تستطيع على المستوى السياسي ولا الشعبي ولا الأمني ابتلاع هذه الضربة لما يمثله لمكانة إيران في المنطقة.
هل الرواية ينقصها شيء ما؟
قال دكتور محمود جابر إن إيران لم تصدر الرواية كاملة بشأن مقتل هنية، مشيرًا إلى أن إيران كانت يجب أن تحدد في إعلانها المكان الذي انطلقت منه الطائرات المحملة بالصواريخ التي استهدفت هنية داخل منزله الساعة الثانية فجرًا.
وأضاف جابر، أن إيران إذا ذكرت ذلك فإنها ستكون مجبرة على الرد على المكان الذي انطلقت منه الطائرات، مشيرًا لوجود قواعد أمريكية في مختلف دول المنطقة وهو ما ستضطر إيران للرد عليه واستهداف تلك القاعدة التي انطلقت منها الضربة حال ذكرها.
وأفاد جابر، أن رد إيران باستهداف أحد القواعد الأمريكية في المنطقة، من شأنها إشعال المنطقة بشكل كبير وهو ما لا ترغب فيه طهران، مؤكدًا على رغبة جميع الفاعلين في المنطقة في تهدئة التوترات باستثناء إسرائيل.
فيديو قد يعجبك: