هل تحاول أوروبا استغلال الأصول الروسية المجمدة لإعادة إعمار أوكرانيا؟
(وكالات)
قد تُدر الأصول الروسية المجمدة في الحسابات الأوروبية، مليارات الدولارات سنويا لإعادة بناء أوكرانيا. ولكن هل يمكن استخدام هذه الأموال دون انتهاك القانون الدولي أو الإضرار بالمكانة الدولية لليورو؟
تجادل زعماء الاتحاد الأوروبي بشأن هذا السؤال في بروكسل، الخميس.
وقال القادة الأوروبيون في بيان بعد الاجتماع إن "المجلس الأوروبي أجرى تقييما للعمل المنجز فيما يتعلق بأصول روسيا المجمدة"، وأضافوا أنهم سيواصلون العمل بشأن هذه القضية "وفقا لقانون الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي، وبالتنسيق مع الشركاء".
ويقدر البنك الدولي أن أوكرانيا ستحتاج إلى 411 مليار دولار على الأقل لإصلاح الأضرار التي سببتها الحرب. ويصمم الاتحاد الأوروبي وحلفاؤه على جعل روسيا جزءا من تلك الفاتورة.
وتتمثل إحدى الأفكار المطروحة في الاتحاد الأوروبي في سحب الفائدة على الدخل الناتج عن الأصول الروسية مع ترك الأصول نفسها كما هي.
ومن المحتمل أن يوفر هذا النهج حوالي 3 مليارات يورو (3.3 مليار دولار) سنويا، بحسب أندرس أهنليد، المدير العام للمجلس الوطني السويدي للتجارة رئيس مجموعة عمل الاتحاد الأوروبي التي تنظر في الأصول الروسية المجمدة.
وقال أهنليد لشبكة "سي إن إن": "إنها أفضل طريقة لاستخدام هذه الأصول وفقا لقانون الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي"، مشيرا إلى أن هذه كانت أيضا وجهة نظر المحامين في المفوضية الأوروبية، التي وعدت باقتراح طريقة للاستفادة من الأصول الروسية المجمدة، في غضون أسابيع".
لكن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والبنك المركزي الأوروبي "إي سي بي"، لديهم مخاوف من أنه قد يهز الثقة في اليورو باعتباره ثاني أكبر عملة احتياطي في العالم. ولقد عانى الاتحاد الأوروبي من صعوبة في مقارنة عدم شرعية الغزو الروسي، مع التزامه الصارم بسيادة القانون.
وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي طلب عدم ذكر اسمه: "علينا احترام مبادئ القانون الدولي، إنها مسألة سمعة واستقرار مالي وثقة".
ومن جانبه، رفض البنك المركزي الأوروبي التعليق.
وبعد الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير من العام الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى عقوبات غير مسبوقة على روسيا، وجمدوا ما يقرب من نصف احتياطاتها الأجنبية - حوالي 300 مليار يورو (327 مليار دولار) - من بين إجراءات أخرى.
ويوجد ما يقرب من ثلثي هذا المبلغ، أو 200 مليار يورو (218 مليار دولار)، في الاتحاد الأوروبي، معظمه في حسابات في مجموعة "يوروكلير" ومقرها بلجيكا، وهي إحدى أكبر غرف المقاصة المالية في العالم.
وتلعب "يوروكلير" دورا حاسما في الأسواق العالمية، وتعمل على تسوية الصفقات عبر الحدود والحفاظ على أصول بأكثر من 40 تريليون دولار.
وقالت المجموعة في أبريل الماضي، إن السيولة النقدية في ميزانيتها العمومية زادت بأكثر من الضعف على مدار العام المنتهي في مارس الماضي، لتصل إلى 140 مليار يورو (153 مليار دولار)، مدعومة بالمدفوعات المرتبطة بالأصول الروسية المجمدة، بما في ذلك السندات.
وفي العادة، كان من الممكن أن تُدفع هذه الأموال إلى حسابات بنكية روسية، لكن تم تجميدها نتيجة للعقوبات وهي الآن تدر مبالغ هائلة من الفوائد.
وتستثمر "يوروكلير" بشكل روتيني مثل هذه الأرصدة النقدية طويلة الأجل، وفي الربع الأول من 2023، سجلت 734 مليون يورو (802 مليون دولار) من الفوائد المكتسبة على الأرصدة النقدية من الأصول الروسية الخاضعة للعقوبات.
كما ستشمل الخطة التي اقترحتها مجموعة العمل التابعة للاتحاد الأوروبي، استخدام ضريبة خاصة لتحصيل إيرادات الفوائد غير المتوقعة التي حققتها "يورو كلير" من الأصول الروسية المجمدة، والتي سيتم ضخها بعد ذلك في ميزانية الاتحاد الأوروبي لإعادة إعمار أوكرانيا.
وقال رئيس وزراء لاتفيا أرتورس كريشانيس كاريش، على هامش اجتماع الاتحاد الأوروبي، الخميس، إن الأصول الروسية المجمدة "ثمار معلقة".
وأضاف: "نحن بحاجة إلى إيجاد أساس قانوني للاستفادة من هذه الأصول وضخها للمساعدة في دفع ثمن الضرر الذي تسببه روسيا في أوكرانيا".
لكن أحد كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي حذر من عواقب غير مقصودة، مثل التسبب في قلق دول أخرى أو المستثمرين بشأن سلامة أصولهم في أوروبا.
وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، بسبب خصوصية المناقشات، الأربعاء، إن "أولئك الذين لديهم المال قد يفكرون... ماذا لو كنت في يوم ما على القائمة".
وتتمثل إحدى طرق تقليل المخاطر التي يتعرض لها الاتحاد الأوروبي في تنسيق العمل مع مجموعة السبع. وأضاف المسؤول: "أعتقد أن النقاش في مجموعة السبع أمر أساسي للغاية".
وردد أهنليد ذلك، مشيرا إلى أن العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد شددت على أهمية اتخاذ التكتل خطوات "جنبا إلى جنب مع شركاء مجموعة السبع".
فيديو قد يعجبك: