"أنا صهيوني".. بايدن والهولوكوست وقصة الولاء لإسرائيل
كتب- محمد صفوت:
منذ اللحظات الأولى للحرب الدائرة بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية، دعم الرئيس الأمريكي دولة الاحتلال وتبنى روايتها في شتى الأحداث حتى أن البيت الأبيض نفى بعضها لكن بايدن أصر على مواصلة مواقفه الراعية لإسرائيل.
بايدن الذي تبنى الروايات الإسرائيلية المختلفة خلال الحرب دون التحقق منها على سبيل المثال لا الحصر، أكذوبة قطع حماس رؤوس الأطفال خلال عملية طوفان الأقصى، واتهام الفصائل الفلسطينية بقصف مستشفى المعمداني على الرغم من معرفة الجميع أن ترسانة الفصائل لا تحتوي على صواريخ تسبب حجم الدمار الذي أوقع مئات الشهداء خلال لحظات.
"أنا صهيوني"
"لا أعتقد أنه يتعين عليك أن تكون يهوديا لكي تكون صهيونيا، وأنا صهيوني"، استهل بايدن لقاءه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومة الطوارئ خلال زيارته لإسرائيل وهي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس أمريكي دولة الاحتلال خلال حالة الحرب.
الزيارة جاءت تأكيدًا دعم واشنطن لإسرائيل، وفق تصريحات وزارة الخارجية الأمريكية.
الدعم الهائل الذي أبداه الرئيس الأمريكي لإسرائيل، لم يكن وليد اللحظة، فعلى مدار 5 عقود دعم بايدن دولة الاحتلال وسياستها رغم انتقاده لبعض السياسات لكنه لم يغير قناعته المطلقة منها.
وفي تأكيد على دعمه المطلق للدولة العبرية الذي قد يفوق أي رئيس أمريكي، قال بايدن لزعماء اليهود الأمريكيين هذا الأسبوع: "أعتقد حقاً أنه لو لم تكن هناك إسرائيل، فلن يكون هناك أي يهودي في العالم آمناً في نهاية المطاف. إنها الضمان النهائي الوحيد".
بايدن منح إسرائيل الضوء الأخضر في غزة
منذ الشرارة الأولى للحرب الدائرة، منح بايدن الضوء الأخضر للاحتلال الإسرائيلي للتصرف كيفما يشاء، متجاهلاً قتل المدنيين الأبرياء لا سيما الأطفال، واعتبر أن رد الدولة العبرية "حق مكفول لها للدفاع عن نفسها لضمان أمنها".
لم يتوقف الدعم الأمريكي الذي قدمه بايدن لإسرائيل عند التصريحات والضوء الأخضر لقتل المدنيين، بل تخطى ذلك بكثير حيث حرك حاملة طائرات ومجموعة قتالية مصاحبة لها في شرق البحر المتوسط، وسوف ترسل حاملة طائرات أخرى إلى المنطقة خلال الأيام المقبلة، فضلاً عن ذخائر وصواريخ، وصولاً إلى نشر بطاريات الدفاع الجوي للارتفاعات العالية "ثاد" بالإضافة إلى كتائب باتريوت، بهدف حماية القوات الأمريكية في المنطقة وضمان عدم تدخل أطراف أخرى في الصراع.
ارتباط متجذر في حمضه النووي السياسي
تاريخيًا، كان التأييد الأعمى لإسرائيل سمة للأمريكيين البروتستانت المؤسسين للولايات المتحدة، ورغم أن بايدن كاثوليكي والكاثوليك الأمريكيون عادة ليسوا داعمين للدولة العبرية بنفس مقدار البروتستانت، إلا أنه تخطى ذلك بكثير، فاعترف أنه صهيوني.
"ارتباط بايدن بإسرائيل متجذر بعمق في حمضه النووي السياسي، سواء أحب ذلك أم لا، فهو في خضم أزمة سيتعين عليه إدارتها"، هذا وصف المفاوض السابق في شؤون الشرق الأوسط والذي عمل مع 6 وزراء للخارجية الأمريكية خلال فترات ولاية رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين آرون ديفيد ميلر، علاقة بايدن بإسرائيل.
وبعد دخوله معترك السياسة الأمريكية في عام 1973، أمضى بايدن العقود الخمسة التالية في صياغة مواقفه السياسية، الداعمة بشدة لأمن إسرائيل لكن بالتوازي مع دعم الخطوات نحو إقامة دولة فلسطينية، حتى صار عضوا بمجلس الشيوخ ثم نائبا للرئيس باراك أوباما ثم رئيسا.
عقود من صياغة مواقف سياسية داعمة لإسرائيل
منذ دخول بايدن معترك السياسة في عام 1973، عمل على مدار 5 عقود على صياغة مواقفه السياسية الداعمة لدولة الاحتلال حتى صار رئيسًا للولايات المتحدة.
بايدن، الذي كان مشرعًا صغيرًا في 1973، التقى برئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، التي أبلغته أن سلاح إسرائيل السري أنه ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه، منذ تلك اللحظات أظهر بايدن دعمه لدولة الاحتلال، بعدما كان ينسب وجهة نظره العالمية المؤيدة لإسرائيل إلى والده، الذي اعتقد أن من العدالة أن يكون هناك وطن لليهود.
36 عامًا قضاها بايدن عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي، تلقى 4.2 مليون دولار من اللوبيات المؤيدة لدولة الاحتلال، ليصبح أكبر متلق للتبرعات من تلك الجمعيات، بحسب ما ذكرته "أوبن سيكرتس".
نشأة على ذكرى الهولوكوست
بايدن الذي بدأ طفولته تزامنًا مع نشأة دولة الاحتلال، يعتقد أن اليهود تعرضوا لمحرقة وإبادة وأنه لا بد من عدم تكرار الأمر، وزارة معسكر "داخاو"، سيئ السمعة في ألمانيا، أكثر من مرة طوال الخمسين عامًا التي قضاها في أروقة السياسة الأمريكية، لكنه كان أكثر تأثرًا عندما اصطحب حفيدته إلى زيارة المعسكر الألماني حيث يعتقد أنه تم اعتقال وإحراق يهود به في عهد هتلر.
بعد عامين من تلك الزيارة يتذكر بايدن في مذكراته التي نُشرت في 2015: "يبدو الأمر كما لو أن الأمور قد أعيد ترتيبها لجعل الزوار أقل انزعاجًا، لقد خففوا من حدة الحواف القاسية على مر السنين"، وقال، إنه من المهم إظهار ليس فقط قسوة المحرقة ولكن اللامبالاة التي سمحت بحدوثها.
بعد وصول بايدن إلى إسرائيل في زيارته الأخيرة توجه إلى "ياد فاشيم" وهو النصب التذكاري للمحرقة، معلقًا: "ذلك حتى نتمكن من تجديد تعهدنا بعدم تكرار ذلك أبدًا".
اللامبالاة التي تحدث عنها بايدن، يبدو أنه يمارسها حاليًا بحق الفلسطينيين، بعد منح إسرائيل الضوء الأخضر لقصف كل مناطق غزة بما فيها المستشفيات والمساجد والكنائس حيث يحتمي الناس هربًا من صواريخ الاحتلال.
بكى بايدن وهو يتحدث عن معاناة الإسرائيليين، وقال إن الهجوم الأخير أظهر على السطح ذكريات مؤلمة، والندبات التي خلفتها آلاف السنين من معاداة السامية والإبادة الجماعية للشعب اليهودي.
لا أمل لدفع عملية السلام
رغم أن دولته من المفترض أنها وسيط للتسوية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، اعترف بايدن العام الماضي خلال زيارة إلى بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة، أنه لا يوجد أمل فوري يذكر في دفع عملية السلام.
ويقول فرانك جانوزي، الذي عمل مع بايدن عندما كان رئيسًا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إنه أعطى توجيهات صريحة بضرورة التعامل مع أية خلافات مع إسرائيل بهدوء، وأنه من الضروري أن تقف الولايات المتحدة جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
وجاءت زيارة بايدن الأخيرة إلى إسرائيل بعد مذبحة المستشفى المعمداني التي راح ضحيتها نحو 500 شهيدًا، ليؤكد دعم واشنطن لإسرائيل ويمنحها المزيد من الضوء الأخضر على عملياتها العسكرية في غزة.
فيديو قد يعجبك: