مدينة كالينينجراد الروسية.. بوابة جديدة للمهاجرين نحو أوروبا؟
(دويتشه فيله)
مع تصاعد التوتر بسبب الحرب في أوكرانيا تخشى بولندا من استخدام روسيا ورقة جيب "كالينينجراد" الواقع في قلب القارة الأوروبية لتسهيل عبور المهاجرين نحو أوروبا. فهل يمكن أن يصبح هذا الجيب الروسي بوابة عبور جديدة للمهاجرين؟
"كالينينجراد" الروسية.. بوابة جديدة للمهاجرين نحو أوروبا؟
جيب "كالينينجراد الروسي" هو مقاطعة إدارية تابعة لروسيا تقع في القارة الأوروبية لا تربطه أي حدود برية بها، وتحده من الشمال والشرق ليتوانيا ويطل على بحر البلطيق من الغرب ومن الجنوب بولندا. وتعتبر كالينينجراد من المناطق المهمة لروسيا عسكريا وجغرافيا وسياسيا.
سياسة "الأجواء المفتوحة"
في شهر أكتوبر الماضي، أعلنت روسيا عن فتح مطار كالينينجراد أمام شركات الطيران الأجنبية كجزء من سياسة "الأجواء المفتوحة". لكن هذا القرار أثار مخاوف السلطات في بولندا ورأت أن موسكو تسعى لاستخدام جيبها الاستراتيجي لتسهيل مرور المهاجرين من آسيا وأفريقيا إلى الاتحاد الأوروبي. وفي نوفمبر من العام الحالي، ردت وارسو على هذا الإعلان الروسي ببناء جدار يزيد ارتفاعه عن مترين على طول حدودها مع روسيا في كالينينجراد بهدف تأمين المنطقة، و أوضح وزير الدفاع البولندي ماريوس بلاشتشاك عندما أعلن عن بناء هذا السياج الحدودي الجديد قائلا "نريد أن نجعل هذه الحدود مانعة لتدفق جديد".
طريق كالينينجراد
وفقا للسلطات البولندية، لم يكن هناك أي عبورغير قانوني لمهاجرين بشكل مباشر عبر كالينينجراد في شهر أكتوبر الماضي. لكن التحقيق الذي أجراه صحافيين يعملون في الإذاعة العامة الألمانية "SWR" كشف أن المهربين ساعدوا مهاجرين من الشرق الأوسط في الحصول على تأشيرات روسية حتى يتمكنوا من الوصول إلى هذه الأراضي الروسية الصغيرة.
إضافة إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية الألمانية إلى "SWR" أن مهاجرين قادمين من روسيا مازالوا يواصلون عبور بيلاروسيا في محاولتهم لدخول الاتحاد الأوروبي قائلة "منذ عدة أشهر، لاحظت الحكومة الألمانية وشركاؤها في الاتحاد الأوروبي زيادة في حركات الهجرة غير الشرعية عبر روسيا. وأبلغت لاتفيا وليتوانيا وبولندا عن حالات لأشخاص دخلوا بيلاروسيا بشكل غير قانوني مع تأشيرات روسية في جوازات سفرهم".
طريق محفوف بالمخاطر
منذ العام الماضي، أدى عبور مهاجرين بيلاروسيا لدخول الاتحاد الأوروبي إلى مقتل 21 شخصا على الأقل، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحواجز الفولاذية والأسلاك الشائكة التي أقامها جيران بيلاروسيا الأوروبيون على طول حدودهم تؤدي بانتظام إلى حدوث إصابات خطيرة.
هذا ما أكدته الطبيبة بولينا بوفنيك التي تعتني بالمهاجرين في تلك المنطقة الحدودية بين بيلاروسيا وبولندا والتي تحدثت لصحفي أجرى تحقيقا عن مخاطر عبور الحدود، حيث قالت إنه ومنذ بناء الجدار على الحدود البولندية، "شاهدت المزيد والمزيد من كسور في الساقين وإصابات في الرأس. كما يبدو أن العديد من المهاجرين الذين عبروا من بيلاروسيا قد عانوا من العنف". كما تحدثت عن حالات لأشخاص يعانون من سوء التغذية وآخرين يعانون من انخفاض حرارة الجسم في فصل الشتاء.
ووفقا للتحقيق الذي قامت به الإذاعة الألمانية SWR، فإن المهربين يقومون بطمأنة المهاجرين في شمال العراق، ويقولون لهم من أن تذكرة الذهاب إلى أوروبا عبر روسيا ستكلفهم 2500 دولار فقط. وقال أحد المهربين للإذاعة الألمانية: "إذا كانت أوراقك موجودة، فسوف يستغرق الأمر 10 أيام للذهاب من موسكو إلى ألمانيا". وقال إن الطريق عبر كالينينجراد أغلى، حوالي 14.500 دولار، لتغطية تكلفة الرشاوى المدفوعة للسلطات الروسية.
"إنهم لا يخبروننا بالحقيقة"
كما تمكن الصحافيون في الإذاعة الألمانية العاملون في التحقيق ذاته، من التحدث إلى مهاجر سوري يدعى آراس (اسم مستعار)، فر من شمال العراق إلى أوروبا عبر موسكو وبيلاروسيا. بحسب آراس، كان المهربون قد وعدوه برحلة سلسة، لكنه الآن عالق في مينسك العاصمة البيلاروسية. ويقول "لا نعرف ماذا نفعل، إنهم لا يخبروننا بالحقيقة. قالوا لنا أن نمشي لمدة ساعتين. في النهاية، مشينا لمدة 20 ساعة".
وفقا للتحقيق الذي نشرته الإذاعة الألمانية، فإن المهربين يقدمون أسعارا مخفضة للمهاجرين الذين يجندون المزيد من "العملاء"، حيث يقدمون حوافز للأشخاص الراغبين باللجوء عن طريقهم، وبحسب التحقيق أيضا يشير مصدر مجهول إلى مقاطع فيديو للمهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى وجهتهم، والتي يتم تداولها على طريق تطبيق تيلغرام. وبحسب وزارة الخارجية الألمانية فإنها لاحظت وجود إعلانات على الشبكات الخاصة بالطريق إلى أوروبا عبر روسيا وبيلاروسيا.
ويعتقد كاي أولاف لانغ، خبير أوروبا الشرقية في المؤسسة الألمانية للعلوم والسياسة متحدثا لـSWR، أن روسيا تصدر تأشيرات لمهاجرين من الشرق الأوسط للضغط على دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ويقول الخبير "والآن نرى أن كالينينجراد يمكن أن تكون شوكة في خاصرة الناتو". ويضيف "أعتقد أن النية الأساسية لموسكو هي زعزعة الاستقرار في هذه البلدان".
فيديو قد يعجبك: