إعلان

بعد ٦ أشهر.. كيف غيرت الحرب الأوكرانية شكل العالم؟

07:15 م الجمعة 19 أغسطس 2022

منطقة اوكرانية دمرها القصف الروسي- أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

يبدو وكأن الأمر حدث قبل سنوات طوال، غير أن الحرب التي غيرت شكل العالم، اندلعت قبل ستة أشهر فقط، عندما أعلنت روسيا تنفيذ ما أطلقت عليه "معركة عسكرية" في أوكرانيا، في ٢٤ فبراير الماضي.

استيقظ العالم في ذلك اليوم على حقيقة جديدة غيرت ملامحه، تقول مجلة " New Statesman" البريطانية إنه ظهرت تقارير تنقل توقعات مسؤولين أمريكيين، بأن العاصمة الأوكرانية كييف ستسقط في فترة تتراوح ما بين يوم إلى أربعة أيام، وكان من المتوقع أن يعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تنصيب حكومة موالية للكرملين، وأن يعمل على تقسيم أوكرانيا.

غير أن التصميم الأوكراني الواضح على المقاومة منع حدوث ذلك. تقول المجلة البريطانية إنه بعد مرور نصف عام تقريبًا، ورغم أن مساحات شاسعة من البلاد باتت مدمرة بالكامل وتعاني من حالة خراب، إلا أن روسيا لم تحقق أهدافها المرجوة، رغم أعمال العنف التي قام بها الروس في الأسابيع الأولى من الحرب في المدن الجنوبية والشرقية خلال فصلي الربيع والصيف، والتي وصفها البعض بأنها أسوأ من الإبادة الجماعية في حروب البلقان والحرب العالمية الثانية.

خلال هذه الفترة، اتضح، حسب المجلة البريطانية، أن القوات الروسية ليست على مستوى القوة المطلوب، وغير متحفزة، ولم تتمكن من السيطرة على كييف في الأسابيع الأولى من الحرب، وانسحبت من المنطقة في نهاية مارس.

وبينما تمكنت روسيا من تحقيق مكاسب في شرق دونباس، وعلى طول ممر جنوب البحر الأسود إلى جزيرة القرم، التي استولت عليها القوات الروسية في هجومها الأول على الأراضي الأوكرانية في ٢٠١٤، يبدو أن موسكو أحرزت تقدمًا بطيئًا للسيطرة على منطقة دونباس بأكملها.

وخلال هذه الفترة، أشارت التقديرات الأمريكية إلى أن عدد القتلى أو الجرحى الروس وصل إلى ٨٠ ألفا، ما تجاوز عدد الضحايا في صفوف الاتحاد السوفيتي خلال حرب ١٩٧٩- ١٩٨٩بأفغانستان.

قالت المجلة البريطانية، في تقرير على موقعها الإلكتروني، إن الحرب إذا سارت كما خطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكان قطع أوكرانيا إلى أجزاء عقابًا لها على تقربها من الغرب، غير أن الشهور الست الماضية شهدت أحداث تسببت في تغيير موازين القوى، وأظهرت مواطن الضعف والقوة لدى العديد من الدول العظمى.

وفيما يلي استعرضت المجلة البريطانية بعض الآثار التي نتجت عن الحرب الروسية في أوكرانيا..

تغير المشهد الجيوسياسي

١_2غيرت الحرب كذلك المشهد الجيوسياسي، خلال فترة الحرب لم يعتمد الدفاع الأوكراني على تصميمه وعزيمته المثيرة للإعجاب وحسب، ولكن أيضًا على عمليات نقل ضخمة للأسلحة والمساعدات العسكرية والاقتصادية الغربية.

أعاد الصراع، حسب المجلة، انتباه أمريكا إلى أوروبا وأعاد تنشيط الناتو، الذي يرسل الآن تعزيزات كبيرة إلى جناحه الشرقي ويعترف بالسويد وفنلندا كعضوين جديدين.

في الوقت نفسه، تسببت الحرب في تعطل عمليات نقل السلع الأساسية، النفط والحبوب والأسمدة، وساهم في ارتفاع التضخم والركود العالمي الذي يلوح في الأفق، وفاقم الأزمات الإنسانية في البلدان الفقيرة. وغيرت الحرب الطريقة التي تنظر بها القوى العالمية، لاسيما الصين، إلى المناطق المتنازع عليها.

اعتماد الغرب المفرط على الولايات المتحدة

٢

برغم بؤسها الشديد، إلا أن الحرب الأوكرانية لا تزال تذكرة بقوة الولايات المتحدة. خلال هذه الفترة، مدت واشنطن كييف بالموارد الاستخباراتية، العسكرية، الاقتصادية، ما مكن البلاد إلى حد كبير من مواجه معتدى مسلح نوويًا بميزانية عسكرية عشرة أضعاف ميزانيتها.

في الفترة ما بين ٢٤ فبراير وحتى ١ يوليو من هذا العام، خصصت الولايات المتحدة ٢٣.٨ مليار يورو كمساعدات عسكرية لأوكرانيا، فيما التزمت كل من بريطانيا وبولندا، وهما أكبر المانحين الأوروبيين، بتقديم ٤.٤ مليار يورو و١.٨ مليار يورو على التوالي.

وبفضل قاذفات الصواريخ المتعددة الأمريكية، تمكنت القوات الأوكرانية، حسب المجلة، من التصدي للتقدم الروسي في دونباس.

وأعلنت إدارة بايدن، خلال الأشهر الأخيرة، التزامها بإنشاء مقر عسكري دائم جديد للناتو في بولندا، وزيادة عدد قوة الرد السريع للحلف الأطلسي إلى ٣٠٠ ألف جندي.

تقول المجلة إن الحرب أظهرت اعتماد الغرب المفرط على القوة الأمريكية، لأنه إذا تُرك دعم أوكرانيا للأوروبيين، لكانت كييف الآن في أيدي الروس.

تغير شكل العولمة

٣_3هناك اعتقاد في المعسكر الغربي المتشائم بانتهاء العولمة، بالنظر إلى ما فعلته الحرب الأوكرانية، بعد فرض عقوبات غربية شديدة على روسيا، ودفع موسكو إلى التقارب من بكين، وإخراج مستثمرين غربيين من الأسواق الصينية، وبالنظر إلى التشابه بين حرب بوتين في أوكرانيا، والغزو الصيني المحتمل لتايوان.

غير أن الآراء الأكثر تفاؤلاٍ ترى أن العولمة لم تنتهي، ولكن شكلها تغير، إذ اُستبدلت التجارة الغربية مع روسيا بالتجارة مع دول أخرى، مثل عقد صفقات غاز مع أذربيجان، الجزائر، ودول الخليج، حسب المجلة البريطانية.

الكشف عن حدود الأنظمة الاستبدادية

٤_1كشفت مرونة أوكرانيا ودور القوة الأمريكية والتكنولوجيا حدود الأنظمة الاستبدادية، قالت المجلة البريطانية إن النزاع أظهر أن القيادة في روسيا مركزية لأقصى درجة، وأن قواتها غير محفزة ونظامها يتعامل مع الأخطاء ببطء، وفي نفس الوقت، اتضحت نقاط ضعف النظام الصيني، إذ اندمجت استراتيجية مكافحة كوفيد-١٩ مع أزمات الديون وغيرها من المشاكل التي تواجهها بكين، ما أثار تساؤل هل تستطيع الأخيرة التفوق على الولايات المتحدة باعتبارها أقوى دولة في العالم.

لا يغير هذا حقيقة التراجع الغربي، ولكنه في الوقت نفسه- حسب المجلة البريطانية- يشير إلى حقيقة جديدة خطيرة وهي أن الدول الاستبدادية قوية بما يكفي للحصول على المزيد من القوة داخل النظام العالمي، ولكنها ليست قوية بما يكفي للعثور على أقطاب جديدة للاستقرار.

فيديو قد يعجبك: