ذا ديبلومات: جائحة كورونا أبرزت تفوق النفوذ الصيني على أمريكا بجنوب شرق آسيا
بكين- (أ ش أ):
رأت مجلة "ذا ديبلومات"، المتخصصة في الشئون الآسيوية، أن جائحة فيروس كورونا المستجد كادت تضرب النفوذ الصيني الإقليمي بمنطقة جنوب شرق آسيا في مقتل، إلا أن المارد الصيني يبدو وقد نجح في تحويل المحنة إلى منحة، فمنذ بداية الجائحة بدت بكين مهتمة بتلبية احتياجات دول المنطقة بالدعم المادي والدبلوماسي، بينما انغلقت الولايات المتحدة وحلفاؤها على أنفسهم.
وأوضحت المجلة- في مقال- أن تدخل الصين المبكر للحفاظ على تدفقاتها التجارية مع هذه الدول وتقديم الدعم المباشر لها كان له بالغ الأثر في خلق انطباعات إيجابية عنها على المستوى الإقليمي، في حين بدت الولايات المتحدة وكأنها تحاول اللحاق بها، ويتضح ذلك في أربع نقاط.
أولا، كانت الصين أولى الدول التي أبدت استعدادها لتقديم المساعدات الطبية واللقاحات بكميات كبيرة، بينما وضعت الولايات المتحدة احتياجاتها الداخلية على رأس أولوياتها؛ فبعد أن قدمت بكين أكثر من 7 ملايين جرعة من لقاح كورونا لتسع دول بمنطقة جنوب شرق آسيا الأكثر تضررا من الجائحة، وصلت أولى تبرعات الولايات المتحدة إلى هذه الدول في يوليو 2021.
ثانيا، بالتوازي مع جهود المساعدات الطبية، أطلقت الصين حملة دعائية مكثفة جيدة التنسيق، مستفيدة من الوسائل التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي، للترويج لنفسها كقوة عظمى "مسئولة" تحارب جنبا إلى جنب مع دول جنوب شرق آسيا في معركة جائحة كورونا.
ثالثا، ساهم الاقتصاد الصيني في تخفيف حدة الركود الاقتصادي القاسي الناجم عن الوباء، والذي واجهته دول جنوب شرق آسيا، فبفضل نجاح الصين في إبقاء اقتصادها مفتوحًا أمام هذه الدول خلال عامي 2020 و2021 لتلبية الطلب المتزايد من جانب الولايات المتحدة ودول أوروبا، لاسيما على السلع الإلكترونية، شهدت هذه الدول نموا تجاريا قويا وضعها على طريق التعافي الاقتصادي من آثار الجائحة.
رابعا، بينما ظل وزراء الدول الأخرى في عزلة داخل بلادهم، جاب الوزراء وكبار المسؤولين الصينيون دول منطقة جنوب شرق آسيا، حيث عقدوا حوالي 32 اجتماعا وجها لوجه، كما استقبلت الصين وزراء من دول جنوب شرق آسيا في أكثر من 23 مناسبة؛ وفي ضوء هذه الدبلوماسية الصينية النشطة، بدت الولايات المتحدة وكأنها تقف موقف المتفرج.
لكن مجلة "ذا ديبلومات" ترى أنه بينما تعلمت دول جنوب شرق آسيا التعايش مع الجائحة، بدأت دبلوماسية بكين تفقد بريقها شيئًا فشيء، وخصوصا بعدما تبين انخفاض فاعلية اللقاحات الصينية المقدمة لهذه الدول، حيث أن 90 في المائة هذه اللقاحات كان مقدمًا على سبيل البيع لا التبرع؛ في حين تفوقت الولايات المتحدة على الصين في تبرعاتها باللقاح.
كذلك واجه النفوذ الصيني الإقليمي بعض العوائق خلال عامي 2020 و2021، ومن بينها التأكيد غير الدبلوماسي من جانب الصين على حقوقها في بحر الصين الجنوبي، ونزوعها إلى الإفراط في عروض مشاريع البنية التحتية والتأخر في تنفيذها، وتدني ثقة شعوب دول منطقة جنوب شرق آسيا حيال الصين، بالإضافة إلى المخاوف المتأصلة تجاه بكين لدى بعض المؤسسات الوطنية في تلك الدول.
وعلى الرغم من ذلك، تضيف المجلة أنه مع إيلاء دول جنوب شرق آسيا الأولوية القصوى لمسألة التعافي الاقتصادي، فإن الدخول في منافسة مع الصين على مشروعات البنية التحتية التقليدية ليس بالمنهج الفعال لتقويض نفوذ بكين الإقليمي.
واختتمت المجلة بتأكيد ضرورة ألا يكون الهجوم على الصين هو الهدف من انخراط الولايات المتحدة وحلفائها في المجال المعلوماتي داخل دول جنوب شرق آسيا، بل يجب أن يكون الهدف هو التصدي للمعلومات المضللة والترويج لأنشطة الدول الحليفة التي تستهدف تحقيق الرخاء والأمن الإقليمي والدعوة إلى تبني رؤية إيجابية عن النظام الإقليمي.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: