لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ماكرون والصراع مع اليسار.. من يتفوق في الجولة الحاسمة في الانتخابات البرلمانية؟

08:40 م السبت 18 يونيو 2022

إيمانويل ماكرون

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(دويتشه فيله)

من سيفوز في جولة الحسم من الانتخابات البرلمانية الفرنسية؟ تحالف اليسار قد يصنع مفاجأة وينتزع الأغلبية من حزب الرئيس ماكرون، ما يضعه في مأزق في البرلمان الجديد. لماذا تراجعت شعبية حزب ماكرون؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟

أسفرت الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في فرنسا، التي أجريت الأحد الماضي، عن تعادل بين مرشحي الحزب الحاكم وخصومهم السياسيين من اليسار الموحد. وهكذا تكبد حزب الرئيس ماكرون خسائر كبيرة. والآن ستقام جولة الحسم، هذا الأحد. الإثارة ارتفعت بشكل غير متوقع، لأن مسألة تحقيق ماكرون للأغلبية في الجمعية الوطنية (البرلمان)، تبدو أمرا غير مؤكد.

تغير في المشهد السياسي

أظهرت الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان وكأن فرنسا أمام خيارين: إما الوسط أو اليمين المتطرف. فلقداحتلت مارين لوبان المرتبة الثانية وأعلنت الحرب على ماكرون. لكن المشهد تغيّر عقب إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون. وهكذا احتل متطرفو "التجمع الوطني" (حزب لوبان) اليمينيون المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية. إنهم لا يتمتعون بشعبية في الأقاليم، مقارنة بالأحزاب الأخرى، ولكن التجمع الوطني سيكون لديه هذه المرة عدد أكبر بكثير من النواب، مقارنة بالسابق.

من جانب آخر استطاع التحالف اليساري الجديد،الذي تم تشكيله من الاشتراكيين والخضر وحزب اليسار، تضييق الخناق على الحكومة. الحملة الانتخابية، التي بدت لأسابيع وكأنها شيء جانبي محدود التأثير، تسارعت بشكل غير متوقع. وذلك بعد نجاح جان لوك ميلينشون، زعيم التكتل اليساري الموحد، عبر خطاباته الحماسية، في استقطاب الناخبين، وخاصة الشباب منهم.

وفجأة وجد أنصار ماكرون أنفسهم مجبرين على الكفاح. ورغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أنهم سيكونون مرة أخرى أقوى مجموعة في الجمعية الوطنية، إلا أنهم غير واثقين من تحقيق أغلبية حكومية بأكثر من 289 مقعدا. وضعفَ معسكر الرئيس بسبب عدة أمور، مثل أداء الشرطة الكارثي في مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا في "استاد فرنسا" أو مزاعم التحرش المنسوبة لأحد الوزراء.

لماذا تراجع أداء حزب ماكرون؟

أعيد انتخاب إيمانويل ماكرون في أبريل/نيسان الماضي بفارق واضح، حيث حقق نسبة 58 بالمئة. فلماذا تراجع أداء حزبه في الانتخابات البرلمانية، وفاز بربع الأصوات فقط؟ يرى أوليفييه روزينتسفايغ، وهو أستاذ العلوم السياسية في معهد العلوم السياسية في باريس، في حديثه لـDW، أنه "لم يكن هناك حماس في الانتخابات الرئاسية"، ويضيف: "لقد تم انتخاب ماكرون لعدم توفر البديل. حيث كان على الجمهور الاختيار بينه واليمينية المتطرفة مارين لوبان"، فكثير من الناس لم يرغبوا به حقا، ولكنهم اختاروه كي لا يصعد اليمين.

إضافة إلى ذلك، لم يخض حزبه حملة نتخابية حقيقية في الأسابيع التي سبقت الانتخابات النيابية. حيث تأخر تشكيل الحكومة، وتأخرت أيضا تسمية المرشحين. بالمقابل، ركز اليسار، الذي طالما كان مجزأ في العادة، على مرشح واحد لكل دائرة انتخابية، وأعلن عن ذلك في وقت مبكر. وهو ما يفسر نجاحه.

ويمكن لماكرون أن يستمر، كما يقول الخبير السياسي روزينتسفايغ، حتى ولو لم يحقق حزبه، الذي غير اسمه مؤخرا إلى "النهضة"، الأغلبية المطلقة. لأن "البرلمان في فرنسا لا يعين الحكومة"، ولهذا فإن حكومات الأقليات ممكنة أيضا. ولكن سيكون عليه تقديم تنازلات لأحزاب المعارضة إذا أراد تمرير قانون معين. إنه "وضع معقد إلى حد السخرية في فرنسا". فقد يدفع الثقل الذي اكتسبه اليسار مؤخرا ماكرون إلى السعي للتوافق مع اليمين، لتنحرف إصلاحات ماكرون نحو اليمين مرة أخرى.

الأمتار الأخيرة من السباق الانتخابي

ناشد إيمانويل ماكرون الناخبين، خلال بضع تجمعات نُظمت على نحو مستعجل، كي ينتخبوا من أجل حصول البلاد على "الأغلبية الصلبة"، وحذر من "الفوضى" السياسية التي قد تأتي بها خطط اليسار. فيما وصفت رئيسة وزرائه الجديدة إليزابيث بورن، زعيم اليسار ميلينشون بـ"الكاذب الفائق". وترى وزيرة البيئة أميلي دي مونتشالين أن اليسار يمثل "خطرا" على فرنسا وتهديدا بالخضوع لروسيا.

فيما أعلن وزير المالية برونو لو مير أن التحالف اليساري يسعى إلى مشروع اقتصادي من شأنه أن يؤدي إلى "الإفلاس مباشرة".

زعيم اليسار ميلينشون اعتبر أن ماكرون يمثل "الفوضى"، وأنه يجعل من فرنسا دولة "لا يمكن العيش فيها". يدافع ميلينشون عن برنامجه ويتهم خصومه بلعب "ورقة الخوف". ولكن بعض الاقتصاديين، من مركز الأبحاث"مونتاين" مثلا، يشككون في إمكانية تمويل مشاريعه. ويقولون إن خططه باهظة الثمن؛ فمثلا موضوع التقاعد عند سن 60 عاما سيكلف 85 مليار يورو. كما سيتم دفع مليارات أخرى من أجل الرعاية الصحية، ورفع الحد الأدنى للأجور، ومزايا اجتماعية أخرى. باختصار، ستؤدي وعود جان لوك ميلينشون إلى ارتفاع الدين العام في فرنسا بشكل خطير.

ماذا يمكن أن يحدث؟

الاحتمال الأول: لو فاز تحالف اليسار بالأغلبية، على عكس التوقعات، فيمكن لماكرون أن يودع خططه الإصلاحية، لا سيما إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل. وسيكون للرئيس الكلمة فقط في السياسة الخارجية والدفاعية. أما في بقية القضايا فسيتعين عليه أن يتفاهم مع التحالف اليساري. ويتوعد ميلينشون بأنه سيطالب بمنصب رئيس الوزراء لنفسه، أو سيطالب على الأقل بمناصب وزارية مهمة لليسار. مثل هذا التعايش حصل آخر مرة في عام 2002 بين الرئيس المحافظ جاك شيراك ورئيس وزرائه الاشتراكي ليونيل جوسبان، وعادة ما يؤدي ذلك إلى مأزق سياسي.

الاحتمال الثاني: إذا لم تتمكن أي من المجموعات الكبيرة، لا حزب الوسط الذي ينتمي إليه ماكرون ولا تحالف اليسار، من تحقيق الأغلبية، فسيكون ذلك صعبا أيضا. إذ لا يوجد لدى النظام السياسي في فرنسا آليات لبناء التحالفات، وسيتعين على الرئيس إيجاد الأغلبية في كل مرة، ومحاولة كسب كل صوت أو إقناع النواب المستقلين بتبديل مواقفهم. وضع يبدو صعبا للغاية.

الاحتمال الثالث: أن يحقق حزب ماكرون الأغلبية مرة أخرى. حينها يمكن للرئيس الاستمرار في متابعة خططه السياسية. وبغض النظر عن النتيجة يمكن القول إن الهدوء في الجمعية الوطنية قد انتهى - فكتلة يسارية كبيرة يمكن أن تهدده دائما باحتجاجات في الشوارع. ومن ناحية ثانية، سيضعه المتطرفون اليمينيون تحت ضغط موضوعي الهجرة والجريمة.

لذلك وبغض النظر عن شكل النتيجة مساء الأحد، ستكون الولاية الثانية لإيمانويل ماكرون أصعب من الأولى بالتأكيد.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: