إعلان

هل تطال الطائفية في العراق ضحايا "داعش" في المقابر الجماعية؟

09:34 م الثلاثاء 17 مايو 2022

العراق

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

(دويتشه فيله)

بعد سنوات من دحر تنظيم "داعش" في العراق، لا يزال الكثير من ضحاياه في عداد المفقودين. ربما دفنوا في مقابر جماعية خلفها التنظيم. لكن منتقدين يقولون إن عمليات البحث عن الجثث بطيئة للغاية، فربما يخضع ذلك لحسابات سياسية.

يعيش عبد الله رمضان محمد في مدينة الحويجة وسط العراق وكان شقيقه يعمل لدى الحكومة العراقية، واتهمه تنظيم داعش، بالتجسس عندما سيطر على المدينة في أوائل صيف 2014.

يقول محمد لـDW: "اعتقل أخي من قبل داعش". لكن بعد الاعتقال الليلي اختفى شقيقه. حاول محمد طيلة أشهر الحصول على معلومات عنه، وقام بزيارة سجون مختلفة يديرها "تنظيم داعش"، لكنه لم يكتشف شيئًا.

بحلول نهاية عام 2017، طرد الجيش العراقي تنظيم "داعش" الإرهابي من الحويجة، لكن لم يتم العثور على شقيق محمد. يتنهد محمد ويقول: "والآن لم يبق هنا أحد يمكنني أن أسأله".. "لن أنساه أبدًا.. لكن ماذا أفعل؟"

آلاف القتلى والمفقودين

عبد الله رمضان محمد هو مجرد شخص واحد من آلاف الأشخاص في مدينة الحويجة، الذين ما زالوا يبحثون عن أحد أفراد أسرتهم الذين اقتادتهم الجماعة الإرهابية، خلال السنوات الثلاث التي تمكنت فيها من السيطرة على المنطقة. بحلول الوقت الذي غادر فيه تنظيم داعش الحويجة، كان عدد القتلى في المدينة حوالي 7000 قتيل و5000 مفقود.

لكن لسوء الحظ، يبدو من المرجح بشكل متزايد أن جثة شقيقه ترقد في إحدى المقابر الجماعية بالقرب من المدينة. إلا أنه سيتعين على محمد وعائلته الانتظار لمعرفة ما إذا كان الأمر كذلك أم لا.

في الوقت الحالي، حددت مديرية المقابر الجماعية التابعة للحكومة العراقية - أو MGD - والمكلفة بتحديد الرفاة التي تم العثور عليها في مواقع الدفن الكبيرة، موعداً لاستخراج الجثث من القبور في موقع عند سفح جبال حمرين في شمال شرق العراق. من المفترض أن هذا هو المكان الذي دفنت فيه النساء الأيزيديات اللائي حاولن الفرار من تنظيم "داعش" وقُتلن.

تقول الأمم المتحدة إنه تم العثور على أكثر من 200 مقبرة جماعية مرتبطة بداعش في العراق حتى الآن، والتي قد تحتوي على ما يصل إلى 12 ألف جثة.

تقدم بطيء في عمليات استخراج الجثث

أوضح ضياء كريم سعيدي، رئيس وحدة حماية المدنيين، أن فريقه لم ينجح حتى الآن إلا في استخراج الجثث من 29 موقعا من أصل 114 موقعاً للمقابر الجماعية يعتقد أن داعش دفن ضحاياه فيها. وأوضح السعيدي أن بعض المواقع فيها عدة مقابر جماعية. وفي 81 مقبرة جماعية تم العثور عليها في تلك المواقع الـ 29، تم جمع رفات حوالي 3000 شخص.

تعمل MGD أيضاً مع المحققين في UNITAD (فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش)، واللجنة الدولية للأشخاص المفقودين أو ICMP.

تحتوي معظم المقابر التي تم استخراج الرفاة منها على جثث لأيزيديين، وهي الأقلية العرقية والدينية التي التي يتهم تنظيم داعش بارتكاب إبادة جماعية بحقها. يقع معظم تلك المقابر في محافظة سنجار شمال العراق، موطن الأيزيديين التقليدي. تم التعرف على العديد من هذه الرفاة ودفن بعضها في مراسم احتفالية.

بالعودة إلى الحويجة، يشتكي أفراد عائلات المفقودين من إعطاء الأولوية في العمل لمقابر الإيزيديين. في هذا السياق، يلقى مدير MGD باللوم على المسائل المالية. إذ يتكون فريقه من 45 عضواً فقط ويفتقر إلى الموارد. ويقول: "نحن بحاجة إلى تمويل يونيتاد واللجنة الدولية لشؤون المفقودين حتى نتمكن من العمل"، مشيراً إلى أن منظمات الأمم المتحدة هي التي قررت أي من المقابر الجماعية يجب تحظى بالأولوية.

ومع ذلك، تنفي المتحدثة باسم اللجنة الدولية لشؤون المفقودين، ديما بابيلي، أن هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور. وتقول: "إن السلطات المحلية هي التي وضعت جدول أعمال الحفريات"، مضيفة: "هدفنا هو مساعدة العراق على إنشاء عملية مستدامة للعثور على جميع الأشخاص المفقودين، بغض النظر عن خلفيتهم الدينية والعرقية عندما اختفوا أو ظروف اختفائهم".

إرث من الدفن الجماعي

على العراقيين أيضاً في هذا الإطار التعامل مع إرث طويل الأمد. كان الديكتاتور العراقي السابق صدام حسين مسؤولاً عن مقابر جماعية اكتشفت في 98 موقعاً في البلاد، لم يتم استخراج الجثث من 22 منها حتى اليوم. وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر، يوجد في العراق أكبر عدد من الأشخاص المفقودين في العالم، برقم يقع ما بين ربع مليون ومليون شخص.

بالإضافة إلى ذلك، لا يستطيع فريق MGD في كثير من الأحيان القيام بالعمل المخطط له لأسباب مختلفة - على سبيل المثال سوء الأحوال الجوية أو أن الخلايا الصغيرة من أعضاء تنظيم داعش قد لا تزال نشطة في منطقة العمل ما يعد أمراً شديد الخطورة على حياة فرق العمل.

في منزل عائلته في الحويجة، يشرح الزعيم العشائري المحلي أحمد المهيري كيف أن عدم معرفة الناس لمصير أقاربهم المفقودين يشل حركتهم. ولا يزال والده وأعمامه هو شخصياً في عداد المفقودين. ويقول "ما زالت الأسرة تأمل في أن يعودوا". لكنه يعتقد أن فرصة حدوث ذلك تكاد تكون معدومة، "لذلك لا يمكننا مناقشة ما حدث معهم بشكل علني. لقد أصبح أمراً من المحرمات".

ولأن والده كان زعيماً عشائريا، فمن غير المرجح أن تكون جثته في مقبرة جماعية ويخشى المهيري من عدم العثور على أقاربه أبدًا. وقد قام المهيري بالسؤال بنفسه في العديد من الإدارات الحكومية، لكنه لا يعتقد أن هناك من يهتم كثيراً بالأمر. وقال: "إنهم يفضلون نسيان ما حدث". وأشار إلى أن ذلك يحدث على الرغم من حقيقة أن العديد من سكان الحويجة قد تعرضوا للخطف والقتل مثل الأيزيديين.

تحيز طائفي؟

وقال المهيري "بلدتنا كلها موصومة"، وأشار إلى حقيقة أن تنظيم "داعش" قد بنى قواعده وسلوكه على نسخة متطرفة من الإسلام السني. فقد كان معظم سكان الحويجة من المسلمين السنة، ورأى البعض في البداية أن صعود تنظيم داعش وسيلة ليصبحوا أكثر قوة. لكن سرعان ما أدرك الكثيرون أنهم مخطئون، إلا أنه بحلول ذلك الوقت لم يكن لديهم خيار سوى العيش تحت سيطرة المتطرفين. على الرغم من أنه نادراً ما يتم الاعتراف بذلك في العراق، إلا أن العديد من المسلمين السنة قد عوقبوا وقتلوا على يد تنظيم "داعش".

والعديد من المقابر الجماعية التي لم يتم التحقيق فيها، تقع في مناطق سنية كانت تحت سيطرة التنظيم. ويقول النقاد إن هذه الأمور لا تبدو ذات أولوية بالنسبة للحكومة العراقية التي كانت حتى وقت قريب تحت سيطرة السياسيين الشيعة.

في غضون ذلك، يقول المنتقدون إن المقابر الجماعية التي يُحتمل أن تحتوي على ضحايا "مسلمين شيعة" قد تم إخراجها من القبور، وأن الاستثناء هو مقبرة جماعية تضم أكثر من 200 من أفراد قبيلة البونمر السنية في محافظة الأنبار. واستخرجت جثثها في أكتوبر الماضي بمساعدة يونيتاد، حيث قتل تنظيم "داعش" أفراد القبيلة لمقاومتها له.

والانتظار الطويل للحصول على إجابة نهائية، له عواقب على عائلات الضحايا. على سبيل المثال، عادت أخت زوجة محمد إلى منزل والديها مع أطفالها، لكنها لا تزال تنتظر معاش الأرملة، وهو أمر لا تستطيع الحصول عليه من الحكومة حتى يكون لديها دليل على وفاة زوجها.

ومؤخراً، قال محافظ نينوى نجم الجبوري: "هناك المئات، إن لم يكن الآلاف، من العائلات المفقودة". وكانت الموصل، عاصمة محافظة نينوى، قاعدة لتنظيم "داعش" في العراق وفيها أيضاً مقابر جماعية. ويريد الجبوري المزيد من المساعدة الدولية للتحقيق في قضية المقابر الجماعية والكشف عن الجثث. واختتم حديثه بالقول: "إنهم (الناجون) ما زالوا قلقين، ولهذا السبب يجب أن نحدد بسرعة هويات جميع الجثث في تلك المقابر الجماعية".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: