لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لفيف الأوكرانية.. الخوف والربيع وديناميكية الحياة في ظل الحرب

08:36 م الأحد 24 أبريل 2022

الحياة في مدينة لفيف الأوكرانية خلال زمن الحرب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(دويتشه فيله)

لم تعان مدينة لفيف من عمليات عسكرية كبيرة وتظهر الحياة فيها من الأعلى عادية. لكن التجوال في أزقتها يبين أنها هي الأخرى متأثرة بالحرب، خصوصا عند زيارة محطة القطار الرئيسية. ربورتاج من عين المكان.

إنه فضل الربيع في مدينة لفيف، الواقعة في غرب أوكرانيا، على بعد 100 كلم من العاصمة كييف. شهدت المدينة قصفاً جزئياً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن حاليا من السهل جدا على من يزروها أن ينسى فكرة وجود حرب في أوكرانيا، خصوصا في منطقة دونباس أو في مدينة ماريوبول.

مركز لفيف يوجد في لائحة اليونسكو للتراث الإنساني. كعادته كل ربيع يظهر من بعيد مزدحماً بالناس. تتناثر المقاهي والمطاعم في شوارعه وأزقته، وموسيقيو الشارع يبثون الأنغام في جنباته، فيما تبيع نساء كبيرات في السن، معروفات باسم الجدات أو باللغة المحلية بابوسياس، أزهار النرجس البري الجميلة.

لا تُظهر رفوف محلات التسوق وبيع المواد الغذائية أيّ أثر لعمليات خصاص كبيرة كتلك التي وقعت في عدة مدن أوكرانية شهدت أزمات تموينية انتقل تأثيرها إلى بعض البلدان المجاورة منذ بدء الحرب. الطعام متوفر بشكل عادي هنا.

القلق مستمر

حتى الأشجار لم يظهر عليها أيّ تغيير، فهي تزهر كعادتها في كل شهر ربيع. السكان هنا يقضون حياتهم بشكل معتاد مع فارق بسيط يظهر في ملامحهم عندما تقترب منهم، فلا زال القلق مما هو قادم يسيطر على الحياة هنا. عدد قليل منهم من يتجولون حول المآثر التاريخية للمدينة. يراقبون بكثير من الاهتمام كيف تحيط بها أكياس من الرمل وأعمدة الحديد والخشب درءاً لتأثرها في حال هجوم روسي جديد.

هذا المنظر هو ما يؤكد وجود حرب في هذا البلد، لكن سكانا محليين يؤكدون على ضرورة استمرار الحياة. منهم يوري، رجل في عقده السادس، يقول: "خلال الأسبوعين الأولين، كنت في حالة من الصدمة، لكن بعد ذلك عدت إلى الحياة الطبيعية. أحس بالأمان هنا، ولست خائفاً لأنني أدرك أن قواتنا المسلحة قادرة على الصد. المجد لأوكرانيا".

طريقة يوري في الحديث تؤكد ما توجد عليه المدينة منذ بدء الحرب: حماس وطني كبير. الأعلام الأوكرانية توجد في كل مكان، ومن الصعب أن تقضي بضع دقائق وأنت تتجول دون أن تسمع النشيد الوطني الأوكراني وهو يعزف عبر أجهزة الراديو المنتشرة في المحلات والسيارات ومكبرات الصوت في عدد من الشوارع.

لم تسلم من الغارات

شنّ الطيران الروسي هجمات على لفيف و مدن في الغرب الأوكراني، ومنها سلسلة غارات جوية يوم 18 أبريل، زعمت روسيا أنها استهدفت منشآة عسكرية، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص وجرح 11، لكن عموما لم يشهد الغرب الأوكراني عمليات عسكرية واسعة وتم استثناؤه إلى حد كبير.

الطفل أرتيم كان ضمن الجرحى في تلك الغارات. يبلغ من العمر ثلاث سنوات، والديه فرّا من مدينة خاركيف في الشرق، بحثا عن غد أفضل لابنهما. يوم الاثنين الماضي، صفارات الإنذار دوّت في لفيف خمس مرات، مذكرة الجميع بأن الحرب لا تزال مستمرة، ومن نتائجها هذه الغارات.

لكن السكان هنا يظهرون قد تعوّدوا على إجراءات الاختباء من القصف، يساعدهم في ذلك تطبيق على الهواتف الذكية يعلن عن هجمات جوية محتملة، ما يدفعهم إلى التوجه إلى الملاجئ بسرعة.

لا يوجد مترو أنفاق للاحتماء بمحطاته هنا، لكن المخابئ غير معدومة. وفرت السلطات هنا مباني مجهزة تتوفر على دور تحت الأرض. تتوفر هذه البنايات على مقاعد وحتى على مطابخ، وبمجرد ما يُعلن عن غارة جوية يتجه إليها السكان على شكل مجموعات أو أفراد، ومنهم من بات يسكن فيها.

خلال مدة الاختباء التي قد تدوم لعدة ساعات وأحيانًا لا تتجاوز دقائق، يبحث السكان عن طريقة لشغل أنفسهم، وإذا تصادفت صفارات الإنذار مع الليل، هناك منهم من يجلب أغطية للنوم، فيما يجلب آخرون وعاء "ترموس" لحفظ قهوتهم وآخرون يجلب الكتب.

أكثر ما يحاول السكان هنا التأقلم معه هو أعداد الفارين من المدن التي تشهد الحرب. محطة القطار هنا لا تتوقف، وباتت تعد رمزاً لمئات الآلاف من الفارين من الحرب، خصوصا أن لفيف غير بعيدة عن الحدود البولندية التي استقبلت حوالي 3 ملايين لاجئ من أوكرانيا.

يحاول الناس التعود على الحياة رغم الحرب

خلف البوابات العصرية والجميلة لمحطة القطارات، يكتشف من يدخل واقعا آخر. تحولت جنبات المحطة إلى حضن للألم والبكاء والأحلام المنكسرة. سواء ليلاً أو نهاراً، تستقبل المحطة الكثير من الوافدين: أطفال ونساء وكبار في السن. كل قطار يحمل الكثير من القصص عن منازل وحياة تُركت بالكامل في مدن غارقة في الحرب.

شهدت لفيف ارتفاعا كبيرا في عدد سكانها بعد هذه الموجة الكبيرة من الوافدين لينضافوا إلى 700 ألف نسمة كانوا يقطنونها قبل بدء الحرب، وهناك تقديرات بأن هذا الرقم تضاعف خلال شهرين ثلاث مرات. ما وقع فيها هو صورة مصغرة من النزوح الداخلي الذي تشهده أوكرانيا، إذ تشير تقارير أممية إلى نزوح 7.1 مليون أوكراني، بينهم حوالي 5 ملايين خرجوا من البلاد.

بين النازحين، توجد فيرا، سيدة طاعنة في السن. جاءت للتو من مدينة ليمان في منطقة دونباس المشتعلة. تحكي باكية: "قبل يومين، كانت قريتنا تتعرض للقصف، فلم نجد بداً من الرحيل". تضيف: "لا أعرف ماذا أقول غير هذا: اتركوا الأوكرانيين يعيشون. لا أحد بين السكان يدعم هذه الحرب. كل أطفالنا يعيشون في القبو طوال النهار، لا توجد أضواء ولا انترنت، ولا أحد منهم يدري شيئا عما يجب فعله".

رغم حزنها، تبقى فيرا بين المحظوظين، فهي ستعيش عند ابنتها التي تقطن قريباً من لفيف، عكس الكثير من الواصلين إلى لفيف، الذين يحسون بالضياع لأنهم لا يعرفون شخصا هنا. كلهم يتمنون العودة سريعا إلى منازلهم، خصوصاً أن أوكرانيا بشكل عام لم تعد بالنسبة لهم ولا حتى لسكان لفيف، مكاناً آمناً بشكل تام.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: