لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من الصحراء الأفغانية إلى إيران هروبا من البؤس في رحلة محفوفة بالمخاطر

03:33 م الأربعاء 09 مارس 2022

ارشيفيه

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كابول- (أ ف ب):

وسط الغبار وهدير المحركات يصعد ستار أميري مع زوجته وطفله الرضيع إلى شاحنة صغيرة تستعد للانطلاق في الصحراء الأفغانية، فعلى غرار مئات من المهاجرين اليائسين حوله يتمثل هدفه الوحيد ب"الوصول إلى إيران".

ويقول ستار (25 عاما) "لا خيار لي، فلا مستقبل لنا في أفغانستان".

في مدينة زرنج الحدودية في جنوب غرب أفغانستان، يتدفق خمسة آلاف إلى ستة آلاف شخص يوميا يرغبون بالهجرة، بمعدل يزيد أربع مرات تقربيا عما كان عليه العدد قبل عودة حركة طالبان إلى السلطة في أغسطس الماضي، على ما يفيد مهربون متمرسون عدة.

يحاول المقدامون منهم ليلا، تسلق جدار مرتفع يفصل بين هذه المدينة القاحلة، وإيران القريبة رغم نيران حرس الحدود.

وخلال النهار، يتكدس آلاف الرجال والنساء والأطفال في سيارات رباعية الدفع قديمة استعداد لرحلة طويلة في الصحراء والجبال للالتفاف على الجدار والوصول إلى الأراضي الإيرانية مرورا بباكستان.

غالبية هؤلاء الأشخاص مستعدون لمواجهة كل الأخطار هربا من انهيار الاقتصاد الأفغاني الناجم عن تجميد أصول أفغانية بمليارات الدولارات في الخارج والوقف المباغت للمساعدات الدولية التي كان يعتمد عليها هذا البلد بشكل كبير منذ عشرين عاما.

فقد ستار عمله كميكاني في الجيش الأفغاني قبل ستة أشهر. وتعذر عليه إيجاد عمل آخر في بلد يشهد ارتفاعا هائلا في معدلات البطالة.

فباع منزل في مزار الشريف في شمال البلاد لتمويل عملية فرار عائلته إلى إيران حيث ينوي "تولي أي عمل يجده".

على غراره، غادر نحو 990 ألف أفغاني دياره بين اغسطس وديسمبر 2021 في محاولة للانتقال خصوصا إلى إيران وباكستان على ما جاء في تقرير حديث للمنظمة الدولية للهجرة.

بؤس

مع موجة الهجرة هذه استحالت زرنج وهي معقل معروف للمهربين، إلى بؤرة بؤس.

ففي الفنادق المتداعية في وسطها حيث ينام الساعون إلى الفرار على السجاد، يمتزج اليأس المعيشي بالرعب الذي ينتاب بعضهم من حكم حركة طالبان الجديد.

يحاول الشرطي السابق محمد هو أيضا الوصول إلى إيران بعدما تعرض للضرب مرتين على يد مقاتلين إسلاميين أتوا ليطلبوا منه إعادة سلاحه الأميري الذي سبق له أن سلمه.

ويروي الرجل الشاب البالغ 25 عاما الذي أتى من ولاية ديامندي في وسط البلاد "في حال أتوا مرة ثالثة فهم سيتقلونني بالتأكيد" وهو يرفض الادلاء باسمه كاملا.

وتفيد الأمم المتحدة أن حركة طالبان قتلت أكثر من مئة عنصر في القوى الأمنية السابقة منذ اغسطس.

أما المهربون فهم مرتاحون جدا للفرص المتاحة لهم مع تدفق هذا العدد الكبير من الأشخاص.

وضاعف حميد الله الذي يقود سيارة رباعية الدفع قديمة، أسعاره لنقل المهاجرين عبر الصحراء.

ويوضح الشاب البالغ 22 عاما الذي يعمل بموافقة حركة طالبان "بات السعر الآن ستة ملايين" تومان (نحو 220 يورو بالعملة الإيرانية) في مقابل ثلاثة ملايين قبل استيلاء حركة طالبان على الحكم.

ويحتشد السائقون يوميا في مرآب في زرنج يعلوه علم حركة طالبان تحت حراسة مقاتلين مسلحين.

ويصعد الرجال إلى مؤخر الشاحنة فيما يتكدس الأطفال والنساء في مقصورة السائق. وفي مقابل دفع رسم قدره ألف أفغاني أي ما يعادل عشرة يوروهات عن السيارة الواحدة، يضع المقاتلون الإسلاميون ختما على ورقة تسمح بعبور الحاجز المنصوب عند مخرج المدينة.

في منتصف فبراير رصدت وكالة فرانس برس مرور 300 شاحنة صغيرة تحمل نحو عشرين شخصا أي نحو ستة آلاف شخص في يوم واحد.

إلا أن حركة طلبان تدحض هذه الأرقام.

وقال نائب وزير اللاجئين محمد ارسالا خاروتاي "القول إن ستة آلاف أفغاني يغادرون عبر حدود واحدة في يوم واحد يصب في إطار الدعاية".

وأكد ردا على وكالة فرانس برس خلال مؤتمر صحافي في كابول "لا يغادر هذا العدد من الأفغان. لا يمكن لأحد إعطاء عدد محدد".

على دروب الصحراء الفوضوية، تسير السيارات الرباعية الدفع مدة ثماني ساعات مع سرعة قد تصل احيانا إلى 120 كيلومترا في الساعة مع ما يرافق ذلك من حوادث. فقد قتل أحد زبائن حميد الله أخيرا بعدما سقط من الشاحنة.

وعند الوصول إلى الحدود الباكستانية، يسلم المهربون المهاجرين إلى "شركاء" آخرين مكلفين تمريرهم مشيا عبر منطقة جبلية للوصول إلى إيران.

عشرات القتلى

لكن ميهان رضائي لا يفكر أبدا بسلوك هذه الطريق. فهذا الطالب البالغ 20 عاما الذي ينتمي إلى اقلية الهزارة الشيعية يشكل هدفا سهلا لمقاتلي جماعة جندالله السنية المتطرفة المسؤولة عن عمليات خطف في مناطق صحراوية نائية في باكستان.

ويوضح "يلحقون بنا ويعذبوننا لأننا شيعة. في السابق كانوا يعمدون إلى قطع الرؤوس أما الآن فيحتجزون الأفراد ويطالبون بفدية".

ويحاول هو واصدقاؤه تسلق الجدار الحدودي مع إيران الممتد على مسافة طويلة عند مخرج زرنج.

وعبور الجدار الاسمنتي البالغ ارتفاعه خمسة أمتار وتعلوه أسلاك شائكة يتم عادة ليلا مع احتمال كبير للتعرض لنيران حرس الحدود الإيرانيين. ويرشي المهربون عادة الجندي المسؤول عن برج المراقبة الرئيسي من دون أن يتمكنوا من الشيء نفسه مع كل الجنود في أبراج المراقبة المجاورة.

ويقول مايهان الذي قام بمحاولات عدة غير مجدية مع نحو 200 شخص آخر إن المهربين "يكذبون بقولهم إنهم ينسقون مع حراس الحدود الذين يطلقون النار علينا".

وقتل ما لا يقل عن 70 شخصا في الأشهر الستة الأخيرة برصاص القوات الإيرانية على ما أكد مقاتلون عدة من حركة طالبان في المنطقة لوكالة فرناس برس طالبين عدم الكشف عن هويتهم.

وحتى في حال النجاح غالبا ما تتلاشى الحماسة سريعا. فمنذ ستة أشهر تطرد إيران هؤلاء باعداد كبيرة. وكان عدد اللاجئين الأفغان في إيران خلال 2020 نحو 3,4 ملايين شخص.

وتفيد حكومة حركة طالبان أن أكثر من ألفي مهاجر يعودون أو هم بصدد الطرد من إيران باتجاه أفغانستان يوميا.

لكن ذلك لا يثبط عزيمة سادات كتال ووحيد أحمد اللذان يقبعان في غرفة متواضعة مع أطفالهما الأربعة. ومنذ شهرين يقتصر طعام العائلة على الشاي والخبز بعدما فقد وحيد عمله في مجال البناء في هرات (غرب).

وقد تبخرت الأموال التي حققها الزوجان من بيع ممتلكاتهما من خلال دفع الإيجار فيما لا يملكان أي مدخرات.

ووصل الزوجان إلى زرنج للتو ولم يبتا بعد بالطريق الذي سيسلكانه.

ونجح شقيق وحيد في عبور الجدار في يناير. ويقول الرجل الثلاثيني مرتجفا "قال لي إن الكثير قضوا خلال عملية العبور وإن ثلاثة او أربعة أشخاص من أصل ثمانين تمكنوا من المرور".

وتهمس سادات قائلة "ينتباني القلق والتوتر. يدفعنا إلى ذلك الجوع (..) لو كان لدينا أي أمل لما غادرنا أبدا البلاد".

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك: