تفجير إسطنبول.. هل هو ذريعة لعملية جديدة في سوريا؟
(دويتشه فيله)
من المرجح أن يكون للهجوم الذي شهدته تركيا في قلب إسطنبول النابض بالحركة والحيوية، عواقب على السياسة الداخلية والخارجية للبلاد. وخبراء يحذرون من فرض قيود على حرية الاتصال على المواطنين الأتراك عشية الانتخابات القادمة.
منذ سنوات، لم تهتز تركيا كما حدث يوم الأحد، حيث انفجرت قنبلة وسط شارع الاستقلال الأكثر ازدحاما وحركة وحيوية في اسطنبول. التفجير أسقط ستة قتلى على الأقل و 81 جريحا من المارة.
أثار التفجير مخاوف أمنية لدى الأتراك من جديد وأعاد صور أحداث عامي 2015 و2016 إلى أذهانهم، حيث وقعت سلسلة تفجيرات في تركيا أةدت بحياة 826 شخصا خلالا 146 يوما. في منتصف وأواخر عام 2015 ، أجرت تركيا انتخابات برلمانية مرتين، وفي عام 2016 كانت محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة. وإن وقوع هجوم آخر قبل سبعة أشهر من الانتخابات في الصيف القادم تثير قلق الأتراك.
تم تعليق المئات من الأعلام التركية في شارع الاستقلال وسط اسطنبول، كرمز للوحدة ضد الإرهاب. غير أنه من الصعب التحدث عن الوحدة في المجتمع التركي، بل إن تركيا منقسمة بشكل كبير. وسيتوجه الأتراك إلى صناديق الإقتراع الـ 18 من يونيو القادم لاختيار رئيسهم المقبل وكذلك البرلمان الجديد.
وبحسب استطلاعات الرأي، لن يكون الأمر سهلاً على الرئيس التركي الحالي، رجب طيب أردوغان. ففي استطلاع أجراه معهد أبحاث الرأي التركي يونيليم Yöneylem، ذكر 58 بالمائة من المشاركين أنهم "في أي حال من الأحوال" لن يصوتوا لأردوغان.
قلق من ليلة الانتخابات
بعد وقت قصير من الهجوم، انتشرت الصور على مواقع التواصل الاجتماعي. فرضت السلطات في البداية حظرا على البث حول هذا الموضوع. كما تم تقييد الوصول إلى الإنترنت بهدف منع الناس من التحدث عن الهجوم على وسائل التواصل الاجتماعي.
في مقابلة مع DW، حذر خبراء من أن حرية الاتصال قد يتم تقييدها أيضاً ليلة الانتخابات. مستشار الاتصالات، محمد شفق ساري انتقدد القيود التعسفية، وقال "إذا قمت بتقييد شبكات التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الناس لأغراض الاتصال والمعلومات، فأنت تدفعهم في الواقع إلى خوف وذعر غير مفهومين". ويحذر مستشار الإتصالات التركي من إمكانية حدوث شيء مشابه ليلة الانتخابات ويوضح: "الناس يقولون إنهم إن لم يتمكنوا من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فسيكون شيئا سيئا قد حدث. تخيل أن حالة الذعر التي عشناها لمدة 6-7 ساعات، أن نعيشها ليلة الانتخابات".
من جهته أكد فاروق تشاير، المحامي وممثل جمعية تقنيات المعلومات البديلة، أن سياسة القمع يمكن أن تؤثر سلبًا على العملية الانتخابية. وانتقد ذلك قائلاً: "ليلة الانتخابات، وبناء على تعليمات لجنة الانتخابات، قد يتم تقييد الوصول إلى جميع قنوات التواصل الاجتماعي. وقد يتم حظر الإنترنت في جميع أنحاء تركيا. ليست هناك ضمانات قانونية ضد ذلك".
تركيا تلقي باللوم على حزب العمال الكردستاني
تم القبض على المرأة التي يشتبه بتنفيذها للهجوم ونشرت صورها على وسائل التواصل الاجتماعي. كما ألقي القبض على أكثر من 40 شخصاً آخر للاشتباه بتورطهم في التفجير. وتتهم تركيا المشتبه بها بدخول تركيا بشكل غير قانوني من مدينة عفرين السورية وتنفيذ الهجوم بأوامر من وحدات حماية الشعب التي تسيطر على مناطق في شمال سوريا. وذُكر أن المرأة قد اعترفت للسلطات التركية بتدريبها من قبل حزب العمال الكردستاني، الذي نفى بدوره أي صلة له بالهجوم.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، المصنف على أنه "منظمة إرهابية" من قبل الاتحاد الأوروبي وأمريكا. كما تتم مراقبة أنشطة الحزب في ألمانيا من قبل هيئة حماية الدستور الاتحادية (المخابرات الداخلية) التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية "المنظمة الشقيقة" لحزب العمال الكردستاني، وفي الوقت نفسه تصف حزب العمال الكردستاني بأنه "أقوى منظمة أجنبية متطرفة في ألمانيا"، على الرغم من الحظر.
انتقادات شديدة للولايات المتحدة الأمريكية
أشار وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إلى وقوف الولايات المتحدة الأمريكية وراء الهجوم. حيث تم تنفيذ الهجوم من قبل حزب العمال الكردستاني وهو حزب يتلقى الدعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حسب أنقرة. وقال صويلو "نرفض تعازي السفارة الأمريكية". يجب إعادة النظر فيما إن كانت الدولة التي يرسل مجلس الشيوخ فيها، الأموال إلى كوباني، حليفاً جيدأً. وأصبحت كوباني معروفة على الصعيد الدولي، عندما دافعت وحدات حماية الشعب عن المدينة ضد داعش.
وتشعر تركيا بالإحباط من تعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع الميليشيات الكردية في سوريا في القتال ضد داعش. ودعت الحكومة التركية بشكل متكرر حليفها الأمريكي في الناتو إلى إنهاء هذه العلاقة دون جدوى.
ذريعة لتنفيذ عملية عسكرية؟
يشهد الرأي العام التركي أيضاً نقاشا حول ما إن كان هذا التفجير في شارع الإستقلال سيتم استغلاله "كذريعة" للعملية العسكرية التركية في سوريا التي طال الحديث عنها. فقبل بضعة أشهر، كرر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأن تركيا "قد تأتي فجأة في ليلة" إلى سوريا. كما شدد على أن حكومته تريد "معالجة" مخاوف بلاده الأمنية عبر "عمليات جديدة". وتسيطر الآن ميليشيات مدعومة من تركيا على أجزاء من شمال سوريا.
تأثيرات محتملة على الإقتصاد
من المتوقع أيضاً أن يكون للهجوم الذي وقع في الـ 13 من نوفمبر، تداعيات على الاقتصاد التركي. وبينما يشعر المواطنون الأتراك بالقلق على سلامتهم، فإن الهجوم قد يمنع أيضاً السياح الأجانب من السفر إلى تركيا لقضاء إجازاتهم، تماماً كما حدث قبل بضع سنوات. ناهيك عن أن تركيا تمر حاليا بأزمة اقتصادية.
وبحسب الأرقام الرسمية، فإن معدل التضخم السنوي يتجاوز 85 بالمائة. ووفق مجموعة أبحاث التضخم المستقلة (ENAG) فإن معدل التضخم يتجاوز 185 بالمائة في الواقع. وقبل شهر كان اليورو الواحد يساوي 18,06 ليرة، واليوم يساوي 19,16 ليرة.
فيديو قد يعجبك: