لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كهربائيون وممرضات وقساوسة.. جيش من المدنيين يستعد لمواجهة الغزو الروسي

07:44 م الإثنين 31 يناير 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كييف - (ا ف ب)

كهربائيون وممرضات ومحامون وحتى قساوسة أرثوذكس، هؤلاء هم المجندون الجدد لقوات الدفاع الإقليمي الأوكرانية، وهو احتياطي من المتطوعين يهدف إلى دعم الجيش النظامي في حالة الغزو الروسي. زارت فرانس24 إحدى القواعد في خاركيف، على بعد 40 كيلومترا من الحدود الروسية، لمقابلة هؤلاء الجنود المواطنين المتطوعين. ريبورتاج مهدي شبيل.

"لا تستهدفوا الرأس بل إلى المناطق الحساسة بين الساقين. بهذه الطريقة، ستكونون متأكدين من إصابة الهدف حتى لو انحنى في آخر لحظة"، هكذا كان يصيح المدرب الأوكراني في تلك المجموعة الصغيرة من المجندين الذين يرتدون الزي العسكري أمامه.

حاملين مدفعًا رشاشًا من الكلاشنيكوف، يتعلم هؤلاء المجندون المدنيون كيفية التحرك في مجموعات صغيرة بدون أن يكونوا في مرمى إطلاق النيران من رفاقهم الآخرين. ولكن من هم الذين يستهدفهم هؤلاء المجندون في قوات الدفاع الإقليمي الأوكرانية بمدينة خاركيف بتدريبهم هذا؟ إن هدفهم بالطبع هو عشرات آلاف الجنود الروس الذين احتشدوا على الحدود المشتركة بين البلدين.

فمؤخرًا، ازداد عدد لوحات الدعاية التي تحث متطوعين جددا على الانضمام إلى هذا الكتيبة من الجيش الأوكراني في جميع أنحاء مدينة خاركيف التي يبلغ عدد سكانها 1,5 مليون نسمة وتقع شمال شرقي البلاد. في يوم السبت هذا 29 يناير، تجمع ما يقرب من مئة مجند متطوع في مدرسة مهجورة لمتابعة دروس في أساسيات الحياة العسكرية: التعامل مع الأسلحة، والتوجيه، والتحركات العملية، ودروس نظرية عن المواد المتفجرة. وتجري هذه التدريبات للمتطوعين أيام السبت من كل أسبوع.

"الحرب مع روسيا محتملة جدًا، لأنه بلد يمكن فيه لعدة أشخاص فقط اتخاذ قرار بهذا الشأن. وأسوأ شيء يمكن حدوثه لي في هذه الحالة هو أن أجد نفسي متحصنا في ملجأ بدون معرفة ما يجب القيام به"، هكذا أخبر فرانس24 أليكساي سوس، مهندس كهربائي يبلغ من العمر 36 عاما منخرط في قوات الدفاع عن الأراضي الأوكرانية منذ ستة أشهر.

وأنفق جندي الاحتياط الشاب هذا ما يقرب من 10 آلاف هريفنيا (نحو 300 يورو) على شراء معداته الخاصة – الزي العسكري، وحقيبة الإسعافات الأولية، السترة الواقية، وقناع الغاز. كما يحمل في حقيبته حتى عداد غايغر (لقياس درجات الإشعاع النووي - المحرر) حصل عليه عام 2014 بعد وقت قصير من التدخل الروسي إلى جانب الانفصاليين في إقليم دونباس. "كنا في صراع مفتوح آنذاك مع جيش يمتلك سلاحًا نوويًا، لذا أردت أن أكون في كامل الاستعداد لأي احتمال"، يشرح سوس وهو يخرج صندوقًا أبيض صغيرًا لقياس مستوى النشاط الإشعاعي في الهواء.

"إنني جد آمل ألا نضطر إلى تطبيق كل ما نتعلمه هنا على أرض المعركة"

كل المواطنين-الجنود من عناصر الدفاع الإقليمي- يتجهزون جميعهم على نفقتهم الخاصة. كما يجب أن تبقى رشاشات الكلاشنيكوف القديمة التي يتسلمونها للتدريب عليها في القاعدة بعد الانتهاء من إجراء التمرينات.

"لن يتم توزيع الأسلحة إلا في حالة حدوث الغزو. وحتى ذلك الوقت، يمكننا فقط الاحتفاظ بسلاح صيد في المنزل وذلك بعد الحصول على تصريح"، يفسر لنا أليكساي سوس. ولأن ذلك غير كاف من وجهة نظرهم للدفاع عن أنفسهم، يقوم هؤلاء الجنود المتطوعون منذ فترة ليست بالقصيرة بتوفير النقود اللازمة لشراء سلاح أحلامهم: بندقية هجومية أمريكية من نوع كيل تيك آر إف بي 308 (KelTec RFB 308).

يمثل أليكساي صورة نموذجية لمجندي الدفاع الإقليمي: رجال وطنيون منجذبون للحياة العسكرية، لكنهم لا يريدون ترك وظائفهم وحياتهم المدنية للانضمام إلى الجيش النظامي. كما إنه ثمة 20 ٪ من النساء بين هؤلاء المجندين، حسبما يقول الرقيب المدرب ميخائيل سوكولوف، ولكن للأسف لم يكن هناك سوى عدد قليل من أولئك النسوة الأوكرانيات المجندات حاضرات في اليوم الذي شهدت فيه فرانس24 التدريب.

من بينهن، تشارك أليسا بولوتسكايا البالغة من العمر 52 عامًا في ممارسة تدريبات التحرك في مجموعات في فناء تلك المدرسة. ويحث المدرب المجندين على القيام بحركات سريعة ودقيقة رافعين بندقيتهم أمام أجسادهم "حتى يصبح قيامهم بذلك الوضع أمرًا تلقائيًا وآليًا". وهذا ما تفعله أليسا بالضبط وهي تتقدم للأمام على أطراف أصابعها، ويقوم بتغطيتها رفيق لها، جندي احتياطي أيضا، يرتدي بزة تمويه.

أنا ممرضة مدنية، وبالنسبة لي كان فرضًا عليَّ الانضمام إلى قوات الدفاع الإقليمي بوصفي مقدمة رعاية طبية. فأنا أريد وضع خبرتي المهنية في خدمة أكبر عدد ممكن من الناس لإنقاذ حياتهم إن تدهورت الأوضاع"، تقول أليسا لفرانس24. "إن الوضع غير مستقر حقا، لكننا نأمل ألا نضطر إلى تطبيق كل ما نتعلمه هنا".

جيش من المتطوعين؟

ووفقا لما أخبرنا به الرقيب المدرب ميخائيل سوكولوف، فقد ارتفع عدد المنضمين الجدد منذ بداية شهر يناير الجاري. وعلم الرغم من أن أرقام المتطوعين الدقيقة ليست منشورة على العلن، فإن حملة التجنيد تستفيد بلا شك من عودة التوتر على الأرض مع الجارة روسيا. كما لا تخفي الحكومة الأوكرانية رغبتها الشديدة في الإسراع بتطوير قوات الدفاع الإقليمي من أجل أن يصل عدد المتطوعين بها إلى نحو 130 ألف جندي يتمركزون في 25 إقليمًا من أقاليم البلاد.

وقد أثارت الجهود الكبيرة المبذولة في حملات التجنيد هذه التكهنات بشأن إنشاء "جيش من المتطوعين" يحارب القوات الروسية ويواجهها في حالة احتلالها أوكرانيا. ومع أن بعض المجندين مثل أليكساي سوس قد انضموا بالفعل لهذا السبب، فإن التدريب الذي تتلقاه قوات الدفاع الإقليمي يبلغ درجة كبيرة من القصر حتى يكون فعالًا في تدريب مقاتلي مقاومة أكفاء.

"إننا نمنحهم هنا تدريبًا عسكريًا أساسيًا لا يكفي مطلقًا للقتال خلف خطوط العدو. فهؤلاء المتطوعون بحاجة شديدة لتعلم كيفية تصنيع المتفجرات وإخفاء هوياتهم والعمل كجواسيس بين الأعداء. وهذا يتطلب مهارات نفسية خاصة"، يشرح لفرانس24 أوليغ، أحد مدربي جنود الاحتياط في خاركيف.

ويقدر هذا المتخصص في الجيولوجيا البالغ من العمر 45 عامًا، والذي اشتبك بالفعل مع الوحدات الروسية خلال الصراع في دونباس، نسبة أفراد قوات الدفاع الإقليمي القادرين على العمل بفعالية خلف الخطوط الروسية بنحو 10 ٪ بالمئة.

وفي المساء، تـُنحِّي هذه الممرضة الاحتياطية أليسا بولوتسكايا مخاوفها جانبًا وتخرج للاستمتاع مع رفيقها، فيذهبان إلى سيرك مدينة خاركيف. ويخلع الرفيقان زي التدريبات العسكري ويرتديان مرة أخرى زيهما المدني المعتاد، زي المدينة. ومساء ذلك اليوم، 29 يناير، انضما في صف طويل لمئات الأشخاص الذين ينتظرون دورهم لحضور العرض الأول من "أرض الماء" (Waterland). في محاولة لنسيان وقع أصوات الأحذية العسكرية الثقيلة على الحدود. وذلك حتى موعد التدريب التالي.

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك: