ما نعرفه عن التوتر بين روسيا وأوكرانيا حتى الآن
كتبت- هدى الشيمي:
وصلت التوترات بين أوكرانيا وروسيا إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات، لاسيما بعدما أثار تعزيز روسيا لقواتها بالقرب من حدود البلدين مخاوف من احتمال قيام موسكو بغزو.
حذرت أوكرانيا من أن روسيا قد تحاول زعزعة استقرارها قبل أي غزو عسكري مخطط، وحذرت القوى الغربية والولايات المتحدة روسيا من اتخاذ المزيد من الإجراءات العدوانية ضد أوكرانيا.
ومن جانبها، ينفي الكرملين تخطيطه لشن هجوم ويقول إن دعم الناتو لأوكرانيا، بما في ذلك زيادة إمداداتها بالأسلحة والتدريب العسكري، يشكل تهديدًا متزايدًا لروسيا.
وفيما يلي نستعرض أبرز ما نعرفه عن التصعيد على الحدود الأوكرانية الروسية..
ما هو الوضع على الحدود؟
وصفت الولايات المتحدة والناتو التحركات وزيادة عدد القوات على الحدود بين روسيا وأوكرانيا بغير العادية.
وحشدت موسكو ما يصل إلى ١٠٠ ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية، برغم تحذيرات الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة أوروبا من العواقب الوخيمة إذا حاولت موسكو أن تغزو كييف.
وتتوقع أجهزة الاستخبارات الروسية أن تشن روسيا غزوا على أوكرانيا في وقت مبكر من ٢٠٢٢.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، أمس الأربعاء، إن روسيا صعدت من تهديداتها وحشدت ما يقرب من ١٠٠ ألف جندي على الحدود الأوكرانية، وقد يتضاعف عدد الجنود خلال فترة قصيرة.
وفي أواخر عام ٢٠٢١، أظهرت صور أقمار صناعية معدات روسية، بما في ذلك بنادق ذاتية الدفع ودبابات قتال ومركبات حربية، أثناء تحركها في ساحة تدريب تبعد حوالي ٣٠٠ كيلومتر عن الحدود.
ووفق أحدث تقييم استخباراتي لوزارة الدفاع الأوكرانية فإن روسيا نشرت حتى الآن أكثر من ١٢٧ ألف جندي بالقرب من أوكرانيا، بما في ذلك حوالي ٢١ ألف جندي جوي وبحري، ونقلت المزيد من الصواريخ إلى الحدود.
ويتوقع مسؤولون أمريكيون حدوث الغزو الروسي لأوكرانيا في أي وقت خلال الشهر أو الشهرين المقبلين.
ماذا تقول روسيا؟
أكد الكرملين مرارًا وتكرارًا أن روسيا لا تخطط لغزو أوكرانيا، مصرة على أن موسكو لا تشكل أي تحديد لأي جهة وأن البلاد تحرك قواتها داخل أراضيها.
ترى موسكو أن دعم حلف الناتو لأوكرانيا بما في ذلك الأسلحة والتدريب للأفراد يشكل تهديدًا لأمنها. كما اتهمت كييف بزيادة عدد قواتها استعدادًا لمحاولة استعادة منطقة دونباس، وهو ما تنفيه أوكرانيا.
كما قال بوتين إن نشر الناتو لأسلحة متطورة في أوكرانيا مثل أنظمة الصواريخ سيكون تجاوز للخط الأحمر بالنسبة لأوكرانيا.
وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، في نوفمبر الماضي إن الولايات المتحدة ودول أخرى في حلف الناتو تزود كييف بالأسلحة والاستشارات العسكرية، وأكد "كل ذلك سيؤدي إلى تفاقم الوضع على الحدود".
ماذا تقول أوكرانيا؟
تصر الحكومة الأوكرانية على أن موسكو لا تستطيع منع كييف من تأسيس علاقات قوية مع الناتو إذا رغبت في فعل ذلك.
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية، في بيان لشبكة سي إن إن، ردًا على دعوات روسيا لحلف الناتو بإيقاف توسعها شرقًا، إن روسيا لا تستطيع منع أوكرانيا من الاقتراب من حلف شمال الأطلسي، وليس لها رأي في أي مناقشات متصلة بالموضوع".
وفي الوقت نفسه، تصر كييف على أن موسكو تسعى لزعزعة استقرار البلاد، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي إنه تم الكشف عن مؤامرة انقلابية يخطط لها أوكرانيين وروس.
وحسب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا فإن المحاولة الانقلابية قد يكون جزءًا من خطة روسيا قبل الغزو العسكري. وقال:"إن الضغط العسكري الخارجي يسير جنبًا إلى جنب مع محاولة زعزعة الاستقرار الداخلي.
في الوقت نفسه، تواجه حكومة زيلنسكي الكثير من التحديات على جبهات عديدة، فقد تراجعت شعبية الحكومة وسط تحديات والحالة الاقتصادية المتردية.
علاوة على ذلك، أصاب الشعب الأوكراني بالإحباط لأن الحكومة لم تنفذ وعودها ولم تتمكن من انهاء الصراع في شرق البلاد.
ماذا يقول الناتو؟
قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرج:"روسيا ستدفع ثمنًا باهظًا" إذا اجتاحت أوكرانيا مرة أخرى.
وأوضح ستولتنبرج في مقابلة مع سي إن إن، في ديسمبر الماضي،:"لدينا مجموعة واسعة من الخيارات، العقوبات الاقتصادية والعقوبات المالية والقيود السياسية".
بعد غزو روسيا لأوكرانيا في ٢٠١٤، زاد الناتو من دفاعاته "بمجموعات قتالية جاهزة للقتال في الجزء الشرقي من الحلف، دول البلطيق، لاتفيا، والبحر الأسود".
أوكرانيا ليست عضوًا في الناتو، وبالتالي لا تتمتع بنفس المزايا الأمنية التي يتمتع بها أعضائه.
ولكن ستولتنبرج ترك إمكانية أن تصبح أوكرانيا عضوًا في الناتو.
ماذا قالت الولايات المتحدة؟
أكد الرئيس جو بايدن لنظيره الأوكراني في وقت مبكر هذا الشهر إن الولايات المتحدة وحلفائها سيردون على روسيا بشكل حاسم إذا حاولت غزو أوكرانيا، وجدد تحذيره اليوم.
ولكن على ما يبدو- حسب سي إن إن- أن بايدن تراجع عن موقفه، لاسيما بعد إشارته خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض إلى أنه إذا قامت موسكو بتوغل طفيف فإن استجابة واشنطن لن تكون قوية.
وبينما تعهد بايدن بفرض عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا حال أرسل بوتين قواته عبر الحدود، بما في ذلك تقييد تحويلاتها المالية بالدولار الأمريكي، أشار إلى أن الدول الغربية لم تتفق بعد على رد الفعل المناسب حال حدوث انتهاك أقل.
ولفت بايدن إلى الخلافات بين دول حلف الناتو بشأن رد فعلها إزاء الغزو الروسي، وقال:"هذا يتوقف على ما سيحدث".
وقالت جين باساكي، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض في بيان:"الرئيس بايدن كان واضحًا مع الرئيس الروسي، إذا تحركت أي قوات عسكرية روسية عبر الحدود الأوكرانية، فهذا غزو، وسوف يقابله رد سريع وحاد وموحد من الولايات المتحدة وحلفائها".
تفاجئت إدارة أوباما عندما غزت أوكرانيا شبه جزيرة القرم في عام ٢٠١٤، ودعمت المتمردين في منطقة دونباس، شرق البلاد.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم عازمون على ألا تفاجئهم روسيا بعملية عسكرية جديدة.
وتابع بايدن أن الرد الاقتصاد المُشار إليه "تم تفسيره بوضوح شديد للرئيس بوتين".
وشدد الرئيس الأمريكي على أن روسيا سوف تدفع "ثمناً باهظاً إذا ما قرر بوتين الغزو".
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية اليوم الخميس فرض عقوبات على أربعة أوكرانيين قالت إنهم متورطون في عمليات لجهاز الاستخبارات الفيدرالية الروسي بهدف تقويض الحكومة الأوكرانية والاقتصاد، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
واثنان من بين الأربعة أعضاء حاليين في البرلمان والاثنان الآخران مسؤولان سابقان "تصرفوا بتعليمات من جهاز الأمن الفدرالي الروسي (إف إس بي)" وهم "ضالعون في أنشطة تأثير من الحكومة الروسية لزعزعة أوكرانيا".
ما هي العوامل الأخرى؟
كانت التوترات التي شهدتها كازاخستان، الدولة السوفيتية السابقة، بمثابة نبأ غير سار لبوتين في مطلع ٢٠٢٢.
شهدت كازاخستان، في أوائل يناير الجاري، احتجاجات تخللتها أعمال عنف طالبت الحكومة الكازاخستانية بالاستقالة، ما دفع السلطات إلى إعلان حالة الطوارئ ونشر قوات من تحالف عسكري تقوده روسيا للمساعدة في احتواء الاضطرابات.
وحذر الخبراء من أن التدخل الروسي لم يكون نهاية القصة قال بلينكين إنه "بمجرد دخول الروس إلى منزلك من الصعب اقناعهم بالمغادرة".
ولا يمكن إغفال امدادات الطاقة، إذ تعتبر أوكرانيا خط أنابيب ستريم ٢ الذي يربط إمدادات الغاز الروسية مباشرة بألمانيا تهديدًا لأمنها.
نورد ستريم ٢ هو أحد خطي أنابيب مدتهما روسيا تحت الماء في بحر البلطيق إلى شبكة خطوط الأنابيب الأرضية التقليدية التي تمر عبر أوروبا الشرقية بما في ذلك أوكرانيا.
تتعامل كييف مع خطوط الأنابيب باعتبارها عنصر حماية ضد الغز، الروسي، لاسيما وأن أي عمل عسكري ربما يعطل التدفق الحيوي للغاز في أوروبا.
أثار محللون ومشروعون أمريكيون مخاوف من أن خط نورد ستريم ٢ سيزيد الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي وقد يسمح لموسكو باستهداف بلدان بشكل تلقائي مثل أوكرانيا وتهديدها بقطع الطاقة.
في مايو ٢٠٢١، تنازلت إدارة بايدن عن العقوبات المفروضة على الشركة التي تقف وراء نورد ستريم ٢، ما أعطاها الضوء الأخضر لفعل كل شيء، ويقول مسؤولون أمريكيون إن هذه الخطوة تصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي لأنها تسعى إلى إعادة بناء العلاقات المتوترة مع ألمانيا.
وفي نوفمبر الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على كيان مرتبط بروسيا وسفينة مرتبطة بنورد ستريم ٢، وفي الوقت نفسه دعا بعض أعضاء مجلس الشيوخ إلى فرض مزيد من العقوبات لمنع روسيا من استخدام خط الأنابيب كسلاح، كما دعت أوكرانيا كذلك إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
فيديو قد يعجبك: