إعلان

الحرب في إثيوبيا.. لماذا تعقد الصراع في 2021؟

10:37 م السبت 01 يناير 2022

الجيش الاثيوبي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد صفوت:

يبدو أن الحرب في إثيوبيا التي بدأت في نوفمبر 2020، لم تقترب من وضع أوزارها بعد، رغم إعلان الجيش الإثيوبي انتهاء المرحلة الأولى من العمليات العسكرية، وإصدار الأوامر لقواته بعدم التقدم نحو إقليم تيجراي شمالي البلاد.

انعكاسات على الأرض وتحولات دراماتيكية شهدتها المعارك منذ بداية الحرب، من تقدم لقوات الجيش الإثيوبي والسيطرة على ميكيلي عاصمة تيجراي، ثم انسحاب وتقدم سريع لقوات تيجراي لاستعادة الأرض وتوسع بعد تحالف مع 9 جماعات متمردة تمكنت عبره من الاستيلاء على مدن استراتيجية عدة، والزحف نحو أبواب أديس أبابا، قبل أن يشن الجيش الإثيوبي هجومًا جديدًا ويتحول من الدفاع إلى الهجوم بهدف استعادة السيطرة على البلاد.

شهدت المعارك جرائم بحق المدنيين من اغتصاب للنساء وقتل خارج إطار القانون فضلاً عن الجوع الذي تسببته به بعد حصار قوات إثيوبيا إقليم تيجراي. في ثاني أكبر بلد أفريقي من حيث تعداد السكان لا يبدو أن المعارك ستنتهي بسهولة بعد تحولها إلى حرب أهلية يتقاتل فيها أبناء البلد الواحد.

في هذا السياق نشرت مجلة "فورين بوليسي" تحليلاً عن المشهد المعقد في إثيوبيا وأسباب تعقد الأزمة خلال العام الماضي، مستندة إلى عدة تحاليل سابقة وتغطيتها للصراع.

الاغتصاب أصبح سلاحًا في الحرب

وثقت مئات الإثيوبيات شهادتهن عن تعرضهن للاغتصاب والعنف الجسدي منذ بداية الحرب على يد القوات الإثيوبية ونظيرتها الإريترية الحليفة لها، وأصدرت المنظمات الأممية وجمعيات الإغاثة الدولية تحذيرات من انتشار الاغتصاب في المناطق التي تشهد معارك، وفي التقارير التي صدرت في 2021، وثقت شهادات لأخريات تعرض للاغتصاب على يد قوات تيجراي ما رآه البعض أنه انتقامًا لما حدث لنساء تيجراي.

تقول "فورين بوليسي" إن الاغتصاب بقدر ما هو جريمة فإن توابعه صعبة خاصة انتشار الخوف بين النساء في البلاد ما دفعهن إلى البقاء في المنازل أو الهروب خوفًا من التعرض للاغتصاب، وتشير إلى أن تقارير دولية حذرت من تضور الأطفال جوعًا بسبب خوف النساء من الخروج من المنازل بحثًا عن لقمة العيش أو للتوجه إلى مراكز توزيع الطعام.

وذكرت التقارير أن حالات الاغتصاب الموثقة جزءا بسيطًا من العدد الفعلي، إذ أن أغلب النساء الاتي وثقن شهادتن يعلمن أنهن أصبحن عرضة للانتقام، وتشير التقارير إلى أن النساء اخترن البقاء في المنازل وأصبحن غير قادرات على رعاية أبنائهن.

استمرار القوات الإريترية في الحرب

رغم إعلان إثيوبيا في أبريل الماضي، بدء انسحاب القوات الإريترية من جبهات القتال في شمال البلاد، إلا أن الأدلة تؤكد تواجدها حتى اليوم في الصراع، وقبل نحو شهرًا أصدرت 6 دول غربية هي: "الولايات المتحدة، وبريطانيا، وأستراليا، والدنمارك، وهولندا، كندا" بيانًا يطالب بانسحاب القوات الإريترية من إثيوبيا.

ونشرت "فورين بوليسي" في تحليل سابق، تصريحًا لوزير الدفاع الإثيوبي السابق أبرها هاجوس، أكد خلال أن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ليس لديه أي حافز لسحب قواته من الأراضي الإثيوبية، على الرغم من تأكيدات رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد.

وأكد وزير الدفاع الإثيوبي السابق، أن إريتريا ستستمر في السعي وراء مصالحها الاقتصادية على حساب السيادة الإثيوبية.

يشار إلى أن جبهة تحرير شعب تيجراي شنت حربًا طاحنة ضد إريتريا بين عامي 1998 و2000، وهو ما يفسر تحالف إريتريا مع الحكومة الإثيوبية ضدها.

معضلة السلام في إثيوبيا

الحروب الأهلية ليست جديدة في إثيوبيا التي تتعدد الأعراق بها، ويرى كل فصيل أنه أحق بحكم إقليمه وفقًا لقوانينه، وهي أحد الأسباب التي فجرت الصراع في تيجراي شمالي إثيوبيا.

ويرى خبير القانون الدستوري، أديم أبيبي، أن هناك عقبات تقف في طريق السلام الدائم في إثيوبيا، موضحًا أن بعض المناطق التي شهدت نزاعًا خلال الحرب، كانت مصدر صراع مستمر بين الأقاليم والعرقيات المختلفة.

ويشير إلى أن إنشاء إدارة سياسية مشتركة في بعض المناطق المتنازع عليها ربما يكون الحل، كما أن إطلاق حوار وطني لمعالجة القضايا الشائكة بدءا من تسريح جميع الجيوش الإقليمية التي يعتبرها آبي مصدر إزعاج، ستكون حلاً.

يشار إلى أن البرلمان الإثيوبي صدق على تشكيل لجنة لإطلاق حوار وطني، لكنه استبعد تيجراي وأورومو من الحوار الذي يهدف إلى حل الأزمة.

زيادة الضغط الدولي بهدف حل الأزمة

ترى "فورين بوليسي" أن على الولايات المتحدة زيادة الضغط على حكومة آبي بهدف حل الأزمة ودفعها نحو تسوية سياسية بدلاً من الحرب التي انهكت إثيوبيا، وتحذير أديس أبابا من خطر تفكك البلاد بسبب استمرار الحرب.

وتقول الأستاذة المساعدة في جامعة ماكماستر الكندية أديسو لاشيتو، إن على واشنطن ممارسة الضغط على كافة أطراف الصراع في إثيوبيا، موضحةً أن دور واشنطن يجب أن دعوة كافة أطراف الصراع إلى وقف إطلاق النار.

وتضيف، أن على واشنطن بمجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار، تقديم اقتراح للأطراف المتصارعة بالاعتراف المتبادل لبعضها البعض، موضحة أن على الحكومة الإثيوبية إزالة قوات تيجراي من قوائم الإرهاب وعدم وصفهم بتلك العبارات والاعتراف بالانتخابات التي جرت بالإقليم وكانت ذريعة للهجوم، بالمقابل على تيجراي الاعتراف الاعتراف بالانتخابات التي جرت في 2021 والتي فاز بها حزب آبي أحمد.

خيارات التفكك في إثيوبيا

لعل أبرز أسباب الأزمة التناقضات التي يعيشها سكان إثيوبيا والاختلاف في الأعراق، وتشير "فورين بوليسي" في تحليلها، إلى مقال سابق لكاتبان يدعوان إلى تفكيك إثيوبيا بشكل سلمي ويحذران من التفكك الدموي مثلما حدث في يوغوسلافيا.

يؤكد الكاتبان، أن فكرة الدولة الموحدة في إثيوبيا محطمة بشكل لا رجعة فيه، ويدعوان إلى استفتاءات إقليمية تمكن الأقاليم المضطهدة في إثيوبيا من تقرير رغباتها السياسية كوسيلة لإنهاء الأزمة وتجنب هذا السيناريو التفكك الدموي.

ويرى الكاتبان، أن إثيوبيا أمام خيارين هما المسار الدموي ليوغسلافيا أو النموذج المزدهر للاتحاد الأوروبي، وأعربا عن أن النزاعات الداخلية على تقاسم السلطة بين العرقيات المختلفة كانت سببًا في الصراعات الداخلية التي شهدتها إثيوبيا طوال تاريخها. ودعا الكاتبان المجتمع الدولي لتركيز جهوده للسلام في إثيوبيا على معالجة مشكلة الالتزام الكامنة وراء النزاعات وثني إريتريا والأطراف الخارجية عن لعب دورًا مدمرًا في الحرب.

فيديو قد يعجبك: