إعلان

معادن بـ3 تريليون دولار.. هل تنجح طالبان في استغلال ثروات أفغانستان الحبيسة؟

06:37 م الثلاثاء 17 أغسطس 2021

طالبان في أفغانستان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

يُعتقد أن أفغانستان، التي مزقتها أربعة عقود من الحرب والفقر المدقع، واحدة من أغنى الدول في ثروات المعادن بالعالم، حيث قّدّرت قيمة هذه الموارد بالتقريب بين 1 و3 تريليون دولار.

تمتلك أفغانستان الحبيسة احتياطيات هائلة من الذهب، والبلاتين، والفضة، والنحاس، والحديد، والليثيوم، واليورانيوم، والألومنيوم. وها هي الآن تدخل في مفارقة كبيرة بعد استيلاء حركة طالبان على مقاليد الحكم، بين موارد وثروات هائلة يختزنها باطن الأرض، وفقر مُدقع يستشري بين أبنائها فوق الأرض ذاتها.

"أفغانستان: سعودية الليثيوم"

قبل عشر أعوام، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مذكرة داخلية لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، بعنوان "أفغانستان: سعودية الليثيوم"، في إشارة إلى أن ما تملكه أفغانستان من الليثيوم يُضاهي امتلاك السعودية للنفط.

أفادت المذكرة بأن فريقًا صغيرًا من مسؤولي البنتاجون وعلماء الجيولوجيا الأمريكيين، اكتشفوا ما يقرب من تريليون دولار من الرواسب المعدنية غير المُستغلة في أفغانستان.

الأمر الذي يتجاوز بكثير أي احتياطيات معروفة سابقًا وتكفي لتغيير الاقتصاد الأفغاني بشكل أساسي وربما الحرب الأفغانية نفسها، وفقًا لمسؤولين كبار في الحكومة الأمريكية. والليثيوم مادة فلزية معدنية كيميائية تستخدم بشكل أساسي في صناعة البطاريات خصوصًا بطاريات الكمبيوترات المحمولة.

ووصفت مذكرة البنتاجون، الرواسب غير المعروفة سابقًا، بما في ذلك الأوردة الضخمة من الحديد والنحاس والكوبالت والذهب والمعادن الصناعية الهامة مثل الليثيوم بأنها "ضخمة للغاية".

ووفق المذكرة، اعتقد المسؤولون الأمريكيون-وقتذاك-أن بإمكان المعادن الضرورية للصناعة الحديثة، تحويل أفغانستان في النهاية إلى أحد أهم مراكز التعدين في العالم.

وقالت المذكرة إن "أفغانستان يمكن أن تصبح مركزا عالميا لخام الليثيوم، وهي مادة خام رئيسية تستخدم في تصنيع بطاريات أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف وبطاريات السيارات الكهربائية".

ضربة قاصمة للاقتصاد الأمريكي

وبعد 10 أعوام، وبفضل الصراع والفساد والخلل البيروقراطي، ظلت هذه الموارد غير مستغلة بالكامل تقريبًا. وبينما تتطلع الولايات المتحدة إلى فصل سلاسل إمداد الطاقة النظيفة عن الصين، أكبر منتج لليثيوم في العالم، فإن وضع المعادن الأفغانية تحت سيطرة طالبان يشكل ضربة قاصمة للمصالح الاقتصادية الأمريكية، بحسب موقع "كوارتز".

قال رود شونوفر، رئيس برنامج الأمن البيئي في مركز المخاطر الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث في واشنطن لـ"كواترز" إن "طالبان تجلس الآن على بعض أهم المعادن الاستراتيجية في العالم".

وتابع: السؤال المهم الآن هو ما إذا كان بإمكانهم (قادة طالبان) أو هل سيستفيدون من هذه المعادن مُستقبلًا؟".

وقدّرت مديرة ديون الأسواق الناشئة في شركة أليانس بيرنشتاين، شمايلة خان، قيمة الثروات المعدنية في أفغانستان بتريليونات الدولارات من المعادن النادرة، وقالت إن دولًا - مثل الصين – والتي قد تتطلع للانقضاض على أفغانستان يجب أن تتبع الشروط الدولية.

وأضافت خان أن متمردي طالبان ظهروا بموارد تمثل "عرضًا خطيرًا للغاية للعالم"، مع وجود معادن في أفغانستان "يمكن استغلالها"، بحسب شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية.

وناشدت خان المجتمع الدولي بالضغط على الصين، على سبيل المثال، إذا كانت تسعى للتحالف مع طالبان. وقالت: "يجب أن تكون مبادرة دولية للتأكد من أنه إذا وافقت أي دولة على استغلال معادنها نيابة عن طالبان، فإن القيام بذلك فقط في ظل ظروف إنسانية صارمة حيث يتم الحفاظ على حقوق الإنسان وحقوق المرأة في هذا الوضع".

كانت الصين أبدت استعدادها "لتعاون ودي مع أفغانستان" بعد ساعات فقط من اجتياح طالبان للدولة الحبيسة.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، هوا تشونينج، في مؤتمر صحافي يوم الاثنين: "على أساس الاحترام الكامل لسيادة أفغانستان وإرادة جميع الفصائل في البلاد، حافظت الصين على الاتصال والتواصل مع حركة طالبان الأفغانية ولعبت دوراً بناء في تعزيز التسوية السياسية للقضية الأفغانية".

وأضافت: "نحن مستعدون لمواصلة تطوير علاقات حسن الجوار والتعاون الودي مع أفغانستان ولعب دور بناء في السلام وإعادة الإعمار في أفغانستان".

المعادن "سيف ذو حدين" لأفغانستان

في غضون ذلك، يُتوقع ارتفاع الطلب العالمي على الليثيوم 40 ضعفًا فوق مستويات 2020 بحلول عام 2040، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، إلى جانب العناصر الأرضية النادرة، والنحاس، والكوبالت، والمعادن الأخرى التي تحظى بها أفغانستان بشكل طبيعي.

تتركز هذه المعادن في عدد صغير من الجيوب حول العالم، وبالتالي فإن التحول إلى الطاقة النظيفة من شأنه أن يُدر ربحًا كبيرًا لأفغانستان، وفق موقع "كوارتز" الذي يتخذ من نيويورك مقرًا له.

في الماضي، لمّح مسؤولون في الحكومة الأفغانية إلى احتمال طرح "عقود تعدين" مربحة أمام نظرائهم الأمريكيين كإغراء لإطالة أمد الوجود العسكري الأمريكي في البلاد. لكن مع استيلاء طالبان على مقاليد الحكم، قد يُستبعد هذا الخيار.

بيد أن الرئيس الأفغاني الفار، أشرف غني، كان ينظر إلى معادن أفغانستان على أنها "لعنة" مُحتملة. ويتفق معه معظم خبراء الاقتصاد انطلاقًا من أن الثروات المعدنية تولد الفساد والعنف، لا سيما في البلدان النامية، وغالبًا غالبًا تفشل في تحقيق الفوائد للمواطنين العاديين.

في الوقت نفسه، لطالما استغلت طالبان بشكل غير قانوني المعادن في البلاد (خاصة حجر اللازورد) كمصدر يُدر ما يصل إلى 300 مليون دولار من العائدات السنوية للبلاد.

كيف ستتعامل طالبان مع "معادن" أفغانستان؟

قال رود شونوفر، رئيس برنامج الأمن البيئي في مركز المخاطر الاستراتيجية، إن طالبان لا يمكنها ببساطة أن تضغط على مفتاح وتغوص في تجارة الليثيوم العالمية، مُعللًا ذلك بتردّي البنية التحتية المادية لأفغانستان، من طرق ومحطات طاقة وسكك حديد، بفعل سنوات من الصراع.

وفي الوقت الحالي، يكافح مقاتلو طالبان حتى للحفاظ على توفير الخدمات والمرافق العامة الأساسية في المدن التي استولوا عليها، علاوة على انشغالهم بتنفيذ السياسات الاقتصادية التي يمكن أن تجتذب المستثمرين الدوليين، بحسب شونوفر.

ورأى نيك كروفورد، وهو باحث اقتصادي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن الفصائل المتناحرة داخل طالبان ستجعل من الصعب للغاية على أي شركة التفاوض مع الحركة بشأن صفقات التعدين.

واستبعد أن تموّل الصين، طالبان، وتمنحها قروض البنية التحتية التي ستكون مطلوبة من أجل إجراء أي صفقة تعدين عبر الإنترنت.

وقال شونوفر: "طالما أن هناك مصادر أكثر أمانًا وموثوقية، يُرجح أن يظل الاستخدام الكامل للمعادن الأفغانية بطيئًا". ومع ذلك أشار إلى أن الصين وروسيا تحتفظان بعلاقات دبلوماسية مع طالبان، و"من شبه المؤكد أن تدخلا في شراكات ومعاملات تجارية مع الحركة الإرهابية".

الصين "آلة تعدين"

تهيمن الصين على سوق العناصر الأرضية النادرة على مستوى العالم. حيث يوجد حوالي 35 بالمائة من احتياطيات العناصر النادرة في الصين، وهي الأعلى في العالم، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.

وقالت إن الدولة هي أيضاً آلة تعدين، أنتجت 120 ألف طن متري أو 70 بالمائة من إجمالي العناصر الأرضية النادرة في عام 2018، مقارنة بالولايات المتحدة التي استخرجت 15 ألف طن متري من التربة النادرة في نفس العام.

كما أن الاحتياطيات الأمريكية تتضاءل مقارنة بالصين؛ إذ تمتلك الولايات المتحدة إجمالي 1.4 مليون طن متري من الاحتياطيات، مقابل 44 مليون طن متري من الاحتياطيات في الصين، بحسب شبكة "سي إن بي سي".

واستخدمت الصين التربة النادرة كتهديد خلال حربها التجارية مع الولايات المتحدة في عام 2019، عندما هددت بكين بقطع الإمدادات عن الولايات المتحدة، وتستخدم المعادن الأرضية النادرة بشكل شائع في الأجهزة عالية التقنية والسيارات والطاقة النظيفة والدفاع.

وكانت الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الصين للأتربة النادرة في عام 2019، عندما كانت الدولة الآسيوية تصدر 80 بالمائة من احتياجات الولايات المتحدة، بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان