سد النهضة| كيف تراوغ إثيوبيا وتحاول الالتفاف على تحركات مصر والسودان؟
كتبت- رنا أسامة:
تحاول إثيوبيا شد حبال دبلوماسية "حُسن النية"- كلامًا فقط- مع مصر والسودان فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، في محاولة للالتفاف على التحركات المصرية السودانية الحثيثة التي تفضح خُبث النوايا الإثيوبية.
ورغم تعثر المفاوضات بسبب التصلب الإثيوبي والتحركات الأحادية التي تكشف "سوء نية" أديس أبابا، كما قال سامح شكري وزير الخارجية في كلمته بمجلس الأمن، أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان، الثلاثاء، أن "المحادثات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا جارية".
واعتبرت أن طرح القضية على مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة "كان ولايزال غير مُفيد وبعيدًا عن تخصصاته"، مجددة تأكيدها بالتزامها الواهي "بالتفاوض برعاية أفريقية للوصول إلى نتيجة مقبولة بشكل متبادل".
.@mfaethiopia Press Statement on resuming the trilateral #AU-led negotiations on the #GERD pic.twitter.com/zjCjJgDKwv
— MFA Ethiopia🇪🇹 (@mfaethiopia) July 13, 2021
كان أعضاء جلسة مجلس الأمن التي عُقدت بطلب من مصر والسودان يوم الخميس، أيّدوا جهود الوساطة الأفريقية لحل الخلاف. الأمر الذي عدّته إثيوبيا "نجاحًا دبلوماسيًا وإنجازًا عظيمًا لها ولشعبها".
فيما حذر سامح شكري وزير الخارجية، في خطابه بجلسة مجلس الأمن، من أن مصر "ستحمي حقها في الحياة" إذا أصرت إثيوبيا على عملية ملء السد المثير للخلاف، وطلب من المجلس "تحمل مسؤوليته"، عازيًا الجمود الراهن إلى ما وصفه بـ "التصلب الإثيوبي".
كما عبرت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، في خطابها أمام مجلس الأمن، عن مخاوف بلادها من "الآثار السلبية للسد في حال تم ملؤه وتشغيله دون التوصل إلى اتفاق ملزم"، داعية المجلس إلى تحمل مسؤولياته في حماية الأمن والسلام الإقليميين" من خلال إجراء مفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي وبمشاركة مراقبين ووسطاء دوليين لتسهيل عملية التفاوض بين الدول الثلاث.
وتزامنًا مع زيارتيّ شكري في بروكسل، ومريم الصادق المهدي في موسكو، زعمت إثيوبيا استعدادها للتفاوض للوصول إلى "حل عادل ومُربح" لجميع الأطراف بشأن أزمة سد النهضة.
وأبدى وزير الري والطاقة الإثيوبي سيلشي بيكيلي استعداد بلاده "للانخراط مع جميع الأطراف للتفاوض ووضع اللمسات الأخيرة على صفقة مُربحة للجميع".
وفي تناقض صارخ لأيدلوجية إثيوبيا المراوغة التي لا تفوّت فرصة لهدر الوقت والتملّص من توقيع اتفاق قانوني مُلزم مع مصر والسودان، قال الوزير الإثيوبي في سلسلة تغريدات بالإنجليزية عبر تويتر: "نعتقد أن حل أزمة سد النهضة يكمن في التفاوض الصادق برعاية الاتحاد الأفريقي".
وتابع: "أفريقيا قادرة على مواجهة تحدياتها مع مراعاة أفضل الممارسات الدولية بشأن المياه العابرة للحدود".
The solution rests on faithful negotiation, taking into account African wisdom and seeking African Solution to African Problems. Africa is capable of solving its challenges taking into account international best practices on transboundary waters. @AbiyAhmedAli @DemekeHasen 📷UN pic.twitter.com/AX39mI8eZj
— Dr Eng Seleshi Bekele (@seleshi_b_a) July 12, 2021
يأتي ذلك فيما تواصل إثيوبيا المتعنتة فرض سياسة الأمر الواقع على دولتي المصب وانتهاك القوانين الدولية، لاسيّما إعلان المبادئ الموقّع مع مصر والسودان عام 2015، بتحركاتها أحادية الأجانب فيما يتعلق بملء وتشغيل السد رغم عدم التوصل لاتفاق يحفظ الحقوق المائية لدولتي المصب.
في تلك الأثناء، تتواصل الجهود الدبلوماسية في مصر والسودان لكشف سوء نية إثيوبيا أمام المجتمع الدولي.
وأجرى شكري مباحثات مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، وعدد من نظرائه الأوروبيين، وكبار المسؤولين بالمفوضية الأوروبية، حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها ملف سد النهضة، خلال زيارته الحالية في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وأوضح شكري أن الاتحاد الأوربي من مراقبي المسار الأفريقي وأبدى استعداده لتكثيف تعاونه لتيسير الأمر وتجاوز ما وصفها بحالة "التصلب الحالي" في مفاوضات سد النهضة.
وذكر شكري أن "مفوضي الاتحاد الأوروبي أكدوا عدالة الموقف المصري وحقنا في مياه النيل".
وتابع: "هناك استعداد لأن يتحول دور الاتحاد الأوروبي من مراقب لدور أكبر وهذا يتوقف على المسار الإفريقي والرئاسة الأفريقية".
ولفت أيضًا إلى أن مشروع القرار الخاص بالسد سيطرح للتصويت في مجلس الأمن "في حالة حدوث توافق بين الأعضاء"، مُضيفًا: "ننتظر الأطروحات التي ستقدم من الاتحاد الإفريقي لحل أزمة سد النهضة".
بالتوازي، أكدت وزيرة خارجية السودان مريم الصادق المهدي، خلال زيارتها الحالية للعاصمة الروسية موسكو، أن التحركات الإثيوبية الأحادية "يجب أن تلقى الشجب".
وأعربت الوزيرة السودانية عن ثقتها في أن "تستطيع روسيا إقناع إثيوبيا بتحكيم صوت العقل"، فيما يخص أزمة سد النهضة في ظل تعثر المفاوضات.
كما عقد مجلس الأمن والدفاع السوداني أمس الاثنين جلسة طارئة، ناقش خلالها من بين عدة قضايا هامة وملحة تتعلق بالأمن والسلم المحلي والإقليمي، أزمة سد النهضة.
وأشاد المجلس بالجهود التي بذلتها اللجنة العليا لسد النهضة ووفد التفاوض السوداني وصولاً إلى مجلس الأمن الدولي. وقرر عقد اجتماع عاجل للجنة العليا لسد النهضة، بمدينة الروصيرص، تعقبه جلسة خاصة لمجلس الأمن والدفاع السوداني، بحسب وكالة الأنباء السودانية (سونا).
وتخوض إثيوبيا ومصر والسودان نزاعًا منذ مدة طويلة حول السد الإثيوبي، الذي تتخوف مصر والسودان من أن يؤدي إلى تخفيض حصتهما من مياه نهر النيل.
وتقول إثيوبيا إن السد مشروع تنموي وإن من حقها الاستفادة من مياه النيل الذي ينبع من أراضيها.
وفشلت عدة مفاوضات ووساطات، عقدت بين الدول الثلاث بشأن السد، حتى الآن في التوصل إلى اتفاق.
فيديو قد يعجبك: