لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كارثة بيئية مُكلفة.. لماذا تثير قناة إسطنبول "المجنونة" مخاوف الأتراك؟

03:44 م السبت 26 يونيو 2021

صورة مُلتقطة بطائرة بدون طيار تظهر منظرًا جويًا لل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

يستعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، لافتتاح أحد أضخم وأجرأ مشاريع البناء العملاقة التي ترسم ملامح عقدين من حكمه، قناة إسطنبول "المجنونة".

تبلغ تكلفة المشروع الرسمية المُعلنة 15 مليار دولار، بيد أن الرقم الحقيقي قُدّر في مؤتمر عُقد بفرنسا مؤخرًا بـ65 مليار دولار. وفي مجتمع شديد الاستقطاب مثل تركيا، فإن بناء قناة تربط البحر الأسود ببحر مرمرة أمر "نادر الحدوث" وثمة شبه إجماع على أنه "فكرة مجنونة"، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية.

ومع ذلك، يبدو أن الرئيس التركي يتعمّد السير عكس التيار، فكلما علت الأصوات المعارضة للمشروع، يظهر أردوغان أكثر تصميمًا على المضي قدمًا. وأخبر أعضاء حزبه الحاكم مؤخرًا أنه سيتم طرح العطاءات قريبًا ووضع الأسس خلال الصيف "سواء قبلها (المنتقدون) أم رفضوها".

"مشروع خيالي"

قال يورك إيشيك، الباحث التركي، غير المقيم، في معهد الشرق الأوسط بواشنطن: "أعتقد أن فكرة القناة، وليست القناة نفسها، هي ما نتحدث عنه حقًا، لأن بناءها من الناحية الفعلية أمر مستحيل".

وتابع: "حتى بالنسبة لحكومة مثل هذه (حكومة أردوغان)، ورغم أنها تعكُف بجنون على بناء القناة، فإنها لا تستطيع إنجاز المشروع قبل 20 عامًا، وفي هذه العملية سيُدمّر حوض مياه مرمرة تمامًا".

علاوة على ذلك، أشار إيشيك إلى عدم وجود تمويل، فالبنوك التركية لن تموّل المشروع بحجة الاستدامة والمخاوف البيئية.

وأضاف: "إنه بمثابة مشروع خيالي كبير يعود إلى القرن الـ19 ولا يمكن تنفيذه في الوقت الحاضر".

كان أردوغان كشف النقاب لأول مرة عن المشروع في عام 2011، مُعلنًا عن إنشاء قناة شحن بطول 45 كيلومترًا، موازية لمضيق البوسفور، الذي يخترق قلب إسطنبول.

ويعد مضيق البوسفور من أهم القنوات البحرية التجارية والعسكرية في العالم، بموجب اتفاقية مونترو لعام 1936، تسيطر أنقرة على المضيق، لكن يجب أن تسمح للسفن التابعة لروسيا وجيرانها الآخرين في البحر الأسود بالوصول إلى البحر الأبيض المتوسط.

عندما طُرِحت الفكرة لأول مرة قبل عقد من الزمن، قالت الحكومة التركية إن القناة ستخفف الازدحام وخطر الحوادث على الممر المائي الطبيعي، وتسمح لتركيا بتجاوز الاتفاقية، وإنشاء مناطق سكنية عالية القيمة على كلا الجانبين.

منذ ذلك الحين، أدى زيادة حجم الناقلات الفردية وبناء خطوط أنابيب الهيدروكربونات إلى انخفاض بنسبة 10% في حركة المرور عبر المضيق.

كارثة بيئية مُكلفة

وبالنظر إلى الصراعات الاقتصادية في تركيا، ينظر كثيرون إلى "قناة إسطنبول" الآن على أنها، غير ضرورية لاحتياجات المدينة، كارثة بيئية فلكية مكلفة، مع تداعيات جيوسياسية محتملة، وفق الجارديان.

قال، رئيس بلدية إسطنبول المعارض، أكرم أوغلو، خلال مؤتمر صحفي في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لا أستطيع النوم ليلًا عندما أفكر في هذا المشروع. تراودني كوابيس"، وذلك في محاولة لدحض الادعاء بأن وضع حجر الأساس اليوم السبت لجسر جديد كان جزءًا من مشروع القناة.

وأضاف: "إذا اكتمل المشروع، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو حق الأجيال القادمة في العيش في بيئة صحية". وصرّح للجارديان في وقت لاحق: "لا يمكن لأي مبلغ من المال إصلاح ذلك".

ويتردد صدى مخاوف عمدة إسطنبول في المجتمع العلمي والبيئي في تركيا أيضًا، وفقًا للدكتورة أكغون إيلهان، خبيرة إدارة المياه في مركز إسطنبول للسياسات، تم تجاهل الأثر البيئي الهائل للمشروع في المسوحات والتقييمات الرسمية.

وحذّرت من أن "القناة ستخلق آثارًا سلبية هائلة لا رجعة فيها على النظام البيئي والمجتمع ليس فقط في إسطنبول، ولكن في منطقة مرمرة بأكملها".

وأوضحت أن ثمة "خسارة في المياه العذبة تصل إلى 13 % من المياه المتاحة حاليًا للاستخدام البشري"، وسط مخاوف من "تملّح التربة والمياه الجوفية وتلوثها، لأن القناة ستنقل المياه المالحة من البحر الأسود إلى بحر مرمرة".

كما ستجعل القناة إسطنبول أكثر عُرضة للزلازل والظواهر الجوية الشديدة، مثل الجفاف والفيضانات. قالت إيلهان "مشروع بهذا الحجم الكبير يربط بين بحرين مختلفين لا يمكن اعتباره آمنًا".

فيديو قد يعجبك: