الجزائر: نسبة مشاركة ضعيفة في الانتخابات وحركة مجتمع السلم الإسلامية تعلن الفوز
الجزائر- (أ ف ب):
أعلنت حركة "مجتمع السلم"، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، الأحد تصدّرها الانتخابات التشريعيّة التي جرت السبت وشهدت نسبة مشاركة ضعيفة تؤشّر إلى عدم اهتمام الجزائريّين بها، بعد أن قاطعها الحراك وجزء من أحزاب المعارضة.
وقالت الحركة في بيان "تؤكّد حركة مجتمع السلم أنّها تصدّرت النتائج في أغلب الولايات"، منبّهة إلى أنّ "ثمّة محاولات واسعة لتغيير النتائج (...) ستكون عواقبها سيّئة على البلاد". ودعت الرئيس الجزائري إلى "حماية الإرادة الشعبية المعبّر عنها فعليّاً وفق ما وعد به". لكنّ السلطة الوطنيّة المستقلّة للانتخابات نفت في بيان مساء الأحد التصريحات "التي لا أساس لها" لحركة "مجتمع السلم"، دون أن تُسمّيها.
ويمكن اعتبارًا من الأحد التعرّف بصفة عامّة إلى الكتل التي ستشكّل المجلس الشعبي الوطني المقبل. لكن بسبب العمليّة الحسابيّة "المعقّدة"، لا يمكن إعلان النتائج الرسمية قبل 96 ساعة، على ما أوضح رئيس السلطة الوطنية المستقلّة للانتخابات. ونسبة المشاركة التي كانت الرهان الرئيسيّ في هذا الاقتراع، لم تتعدّ الـ30,20%، حسب رئيس السلطة الوطنية المستقلّة للانتخابات محمد شرفي. وعلى سبيل المقارنة، فقد بلغت نسبة المشاركة 35,70% في الانتخابات التشريعيّة الأخيرة عام 2017 (42,90% في انتخابات عام 2012).
أما بالنسبة إلى تصويت الجزائريّين في الخارج فكانت "ضعيفة جدّاً، بأقلّ من 5%"، وفق ما أوضح شرفي. كما تراجعت المشاركة مقارنة بالانتخابات الرئاسيّة عام 2019، التي شهدت انتخاب عبد المجيد تبون بنسبة 40% فقط من الأصوات. وكما كان الحال في المواعيد الانتخابيّة السابقة، فإنّ الامتناع عن التصويت يكاد يكون كلّيًا في ولايات منطقة القبائل (شمال شرق)، في بجاية والبويرة وتيزي وزو، حيث لم تصل نسبة المشاركة إلى مستوى 1%.
وكتبت صحيفة "ليبرتي" الناطقة بالفرنسيّة في صفحتها الأولى "موجة مقاطعة واسعة". واعتبرت أنّه "كما كان متوقّعاً، قاطع غالبيّة الجزائريّين صناديق الاقتراع. وأكّدت نسبة المشاركة الضعيفة التوجّه العامّ لرفض الانتخابات". ومهما يكُن، فإنّ النظام سيتأقلم مع الوضع. واعتبر تبون بعد اقتراعه أنّ هذه النسبة "لا تهمّ"، موضحاً "سبق أن قلتُ إنّه بالنسبة لي، فإنّ نسبة المشاركة لا تهمّ. ما يهمّني أنّ من يصوّت عليهم الشعب لديهم الشرعيّة الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعيّة".
مستقلون وإسلاميون
جرت عمليات الاقتراع بشكل عام في هدوء كما في الجزائر العاصمة، حيث شارك عدد قليل من الناخبين في التصويت، وفي الولايات البعيدة، باستثناء منطقة القبائل الأمازيغية. وفي هذه المنطقة المتمردة تقليديا، لم تفتح معظم مراكز الاقتراع، واندلعت اشتباكات في بلديات عدة، مع تكسير صناديق الاقتراع، وفقا للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان واللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، اللتين تحدثتا عن اعتقال العشرات.
وقبل الانتخابات، ندّد الحراك الذي طالب بتغيير جذري في "نظام" الحكم القائم منذ الاستقلال (1962)، بـ "مهزلة انتخابيّة" و"اندفاع متهوّر" للنظام، علما بأنّ المعارضة العلمانيّة واليساريّة دعت إلى مقاطعة الاقتراع. وتبدو الحكومة عازمة على فرض "خارطة الطريق" الانتخابيّة، متجاهلة مطالب الحراك: سيادة القانون والانتقال الديموقراطي والسيادة الشعبية والعدالة المستقلة.
ودعي نحو 24 مليون ناخب لاختيار 407 نوّاب جدد في مجلس الشعب الوطني (مجلس النواب في البرلمان) لمدّة خمس سنوات. وكان عليهم الاختيار بين 2288 قائمة - أكثر من نصفها "مستقلّة" - أي أكثر من 22 ألف مرشّح. وهي أوّل مرّة يتقدّم فيها هذا العدد الكبير من المستقلّين ضدّ مرشّحين تؤيّدهم أحزاب سياسيّة فقدت صدقيّتها إلى حدّ كبير وحُمّلت مسؤوليّة الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تمرّ بها الجزائر. وقد يكونون المستفيدين من الانتخابات، إلى جانب الأحزاب الإسلامية التي اختارت المشاركة وتقول إنها "جاهزة للحكم".
قمع واعتقالات
أما الفائزون في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2017 أي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي، الشريكان في التحالف الرئاسي الذي دعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، فقد فقدوا صدقيّتهم اليوم. وقبل بداية العملية الانتخابيّة، حذّر رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة من "أيّ خطة أو عمل يهدف إلى تعطيل سير" الاقتراع. وبذلت الحكومة جهوداً في الأشهر الأخيرة لقمع الاحتجاجات وحظر التظاهرات وزيادة الاعتقالات والملاحقات القضائية التي تستهدف المعارضين ونشطاء الحراك والصحافيين والمحامين.
وتعتبر الحكومة أنها استجابت للمطالب الرئيسية للحراك ولم تَعد له أيّ شرعية، متّهمة النشطاء بأنهم في خدمة "أطراف أجنبية" معادية للجزائر. وقررت السلطات سحب اعتماد "فرانس 24" بسبب "التحامل المتكرر" لهذه القناة الإخباريّة "على الجزائر ومؤسّساتها"، بحسب ما أعلنت وزارة الاتّصال الأحد. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن وزير الاتّصال والمتحدّث باسم الحكومة عمار بلحيمر أنّ سحب الاعتماد يعود أيضاً إلى "تحيز صارخ للقناة وكذلك أعمال تقترب من نشاطات تحريضية وأعمال غير مهنية معادية للبلاد". وقالت القناة في بيان الأحد إنّها "فوجئت بعدم تلقّي أيّ توضيح" لهذا القرار، مؤكّدةً "أنّنا نقوم بتغطية أخبار الجزائر في شكل شفاف ومستقل وصادق".
ورفضت الخارجية الفرنسية لدى سؤالها عن القضيّة الإدلاء بتعليق. ويقبع ما لا يقلّ عن 214 من سجناء الرأي خلف القضبان في الجزائر بسبب نشاطهم في الحراك أو الدفاع عن الحرّيات الفرديّة، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين. وهذه أوّل انتخابات تشريعية منذ انطلاق الحراك في 22 فبراير 2019 على خلفية رفض ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وقد نجح في دفعه إلى الاستقالة بعد 20 سنة في الحكم.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: