هل تنجح مسيرات "بيرقدار" التركية في كسب تفوق جوي لأوكرانيا ضد روسيا؟
كتب - محمد عطايا - محمد صفوت:
يبدو أن "المنطقة الباردة" في شرق أوروبا ستزداد حرارة متأثرة بالتوتر الذي يتصاعد كل يوم بين روسيا من جهة، وقوى غربية على رأسها الولايات المتحدة ودول الناتو، التي تدعم أوكرانيا من جهة أخرى.
تسارعت الأحداث مؤخرًا، وتمكنت موسكو من حشد مئات الآلاف من قواتها على الحدود مع أوكرانيا، استعدادًا لأي تدخل عسكري محتمل في شرق أوكرانيا، للدفاع عما وصفته موسكو "بحماية رعاياها في تلك المنطقة"، في الوقت الذي تسعى فيه كييف للقضاء على الانفصاليين في دونباس، التي تعتبرهم مواليين لموسكو.
ووفقًا لوثيقة للاستخبارات الأمريكية تداولتها صحف غربية، فإن روسيا حشدت نحو 175 ألف من قواتها على حدود أوكرانيا، وقابله تسليح أوكراني استعدادًا لمعركة -ربما- تنشب خلال الأيام المقبلة.
وخلال معاركها مع الانفصاليين في دونباس، تمكنت أوكرانيا من استخدام مسيرات "بيرقدار" التركية، التي تُعد بين الأفضل عالميًا، والتي تسببت في انزعاج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه.
وأبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، استياءه من استخدام كييف مسيرات "بيرقدار"، لافتًا إلى أن استخدام تلك المسيرات في نزاع دونباس، يعني تعمّد تعطيل اتفاقات مينسك للتسوية هناك.
ويبدو أن استخدام أوكرانيا للمسيرات في معاركها ضد الانفصاليين في الشرق هو الاختيار الأفضل نظرًا للطبيعة الجغرافية والمناخية في المنطقة. وأكد المحلل السياسي الروسي، تيمور دويدار، أن "استخدام السلاح الجوي الثقيل يصعب في أوقات ديسمبر ويناير نظرًا لانخفاض مستوى الرؤية وأشياء أخرى تتعلق بالظروف المناخية".
وأضاف في تصريحات لـ"مصراوي" أنه "استخدام طائرات مسيرة قد يسهل توغل القوات الأوكرانية في معاركها".
"صفقة تركيا تزعج روسيا"
قالت وكالة بلومبرج الأمريكية، إن عدد الطائرات بدون طيار من طراز بيرقدار، التي اشترتها أوكرانيا من تركيا، أكبر بكثير مما تم الإعلان عنه سابقًا.
ونقلت الوكالة، عن مصادر في الوكالات الحكومية في أنقرة، أن الجانب التركي باع سلطات كييف منذ عام 2019، كمية كبيرة من هذه الطائرات بدون طيار، إلى جانب الصواريخ ومحطات التحكم والتوجيه اللازمة لها، ومن المتوقع أن يتم إبرام صفقات جديدة في المستقبل القريب.
وأضافت الوكالة أنه "في الوقت الراهن، تم قبول طلبية لشراء ما لا يقل عن دستتين إضافيتين من هذه المسيرات".
من جانبهم، امتنع مسؤولون في الحكومة التركية وفي الشركة المنتجة لهذه الدرونات، عن التعليق على هذه المعلومات.
في ذات الوقت، كشف أحد المصادر للوكالة، عن خطط لأنقرة وكييف لتنظيم عمليات إنتاج مشترك لصواريخ شبيهة بصاروخ "زينيت -2" الأوكراني، ونوه المصدر بأن تركيا تنفي وجود مثل هذه النوايا.
وفقًا للمعطيات المتوفرة مع حلول ديسمبر من العام الماضي، كان لدى كييف ست طائرات بدون طيار تركية هجومية من طراز "Bayraktar TB2" وعدة مئات من الصواريخ عالية الدقة تركب عليها. وأشارت الأنباء إلى أن أوكرانيا ستحصل في عام 2021 على حوالي 15 طائرة بدون طيار إضافية.
سلوك مدمر وورقة ابتزاز
في أكتوبر الماضي، استخدمت أوكرانيا، الطائرة التركية "بيرقدار" لضرب الانفصاليين الموالين لروسيا في منطقة دونباس، ما أثار انزعاج موسكو، على إثره أبلغ الرئيس الروسي نظيره التركي رجب طيب أردوغان، أن كييف تستخدم المسيرات التركية "بيرقدار" في نزاع دونباس، وتتعمّد تعطيل اتفاقات مينسك للتسوية هناك. ويرى محللون روس أن تركيا تسعى لاستخدام الأزمة كـ"ورقة ابتزاز" ضد روسيا.
وجاء في بيان صدر عن الكرملين، أن "الرئيس الروسي أطلع نظيره التركي على كيفية استخدام طائرات "بيرقدار"، معتبرًا أن ذلك إصرار من تركيا على اتباع سلوك "مدمر". بدوره ردت أنقرة، على لسان وزارة خارجيتها مؤكدة أنه لا يمكن تحميلها مسؤولية نشر كييف لطائرات تركية.
وأعربت روسيا مرارًا وتكرارًا عن قلقها من بيع تركيا طائرات "بيرقدار" إلى أوكرانيا.
هل تحقق بيرقدار تفوق جوي لأوكرانيا؟
أوضحت المحللة الأمنية الأمريكية، إيرينا تسوكرمان، أن الناتو والولايات المتحدة قدمتا مساعدات عسكرية كبيرة إلى أوكرانيا، لكنها ليست كافية لصد القوات الروسية التي قد تتحرك في أي لحظة، وفق التقارير الغربية.
وأضافت في تصريحات لمصراوي، أن "أوكرانيا لا تزال دولة فقيرة وواجهت سنوات من الصراع منخفض المستوى وهي الآن تخرج من مرحلة الوباء، التي أثرت عليها اقتصاديا، فضلا عن وجود أجزاء كبيرة من أوكرانيا توالي لروسيا، ما جعلها غير مؤهلة كليا للوقوف بمفردها ضد موسكو".
ولكن المحللة الأمنية الأمريكية، رجحت أن تقدم دول جوار أوكرانيا مساعداتها العسكرية إلى كييف، في حال حدوث غزو واسع النطاق ضدها.
وحول قدرات مسيرة بيرقدار التركية، أكدت تسوكرمان، أن تلك المسيرات أثبتت نجاحها الكبير في حرب أذربيجان الثانية ضد أرمينيا في قره باخ، وكذلك في قتال القوات المدعومة من تركيا في ليبيا، ما جعله سلاح لا يستهان به لدى أوكرانيا.
وتابعت أن "هذه الطائرات بدون طيار مفيدة لأوكرانيا ولكن بدون عوامل أخرى لا يمكن أن تكون الرادع الوحيد ضد روسيا".
وكانت وزارة الدفاع الأوكرانية أكدت استخدام قواتها لأول مرة طائرة "بيرقدار" في عمليات عسكرية في دونباس، وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، إن قوات بلاده استخدمت الطائرة المسيرة التركية ضد نظام مدفعية، ودمرت أحد مدافع الهاون للانفصاليين بقنبلة موجهة، مضيفًا: "يخشى جنود العدو استخدام هذه الأنظمة، لأنهم فهموا كيف يمكن أن ينتهي هذا".
من جهته، أكد المحلل السياسي الروسي، تيمور دويدار، أن التحركات العسكرية في تلك المنطقة (شرق أوكرانيا)، ممكن أن تكون عندما تتجمد الأرض، حتى تستطيع المركبات العسكرية استخدام كافة المساحات وليس الطرق فقط.
وأوضح أن "استخدام السلاح الجوي الثقيل يصعب في أوقات ديسمبر ويناير، وبالتالي استخدام طائرات مسيرة قد يسهل توغل القوات الأوكرانية في الجنوب، وهو ما جعل كييف تلجأ إلى استخدام بيرقدار التركية".
فيديو قد يعجبك: