وقف أمام اليمين المتطرف.. من هو اليساري جابريال بوريك أصغر رئيس في تاريخ تشيلي؟
سانتياجو - (ا ف ب)
فرحة عارمة غمرت شوارع عاصمة تشيلي سانتياجو بعد فوز المرشح اليساري جابريال بوريك (35 عاما) بالانتخابات الرئاسية، بنسبة 55,9 بالمائة مقابل 44,1 لمنافسه من أقصى اليمين، ليقطع الطريق أمام عودة المتطرفين إلى السلطة كما في حقبة بينوشيه الديكتاتورية بين 1973 و1990. وقد وعد بوريك بالعمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفجوة الاقتصادية بين الأغنياء والفقراء. فمن هو هذا الرجل الذي يعشق القراءة والمظاهرات؟
بعد صراع انتخابي ضروس، أعلنت اللجنة الانتخابية في تشيلي الإثنين فوز مرشح الائتلاف اليساري جابريال بوريك في الانتخابات الرئاسية بحصوله على 55.9 بالمائة من أصوات الناخبين في الجولة الثانية مقابل منافسه من اليمين المتطرف خوسيه أنطونيو كاست (44.1 بالمائة).
وبات جابريال بوريك، الذي لا يتعدى سنه 35 عاما، أصغر رئيس يتربع على عرش تشيلي، البلد الذي عانى خلال 17 عاما من حكم الرئيس بينوشيه الدكتاتوري (1973-1990). وفور فوزه بالانتخابات، اتصل بالرئيس المنتهية ولايته سيبستيان بينيرا الذي سيغادر منصبه في شهر مارس/ آذار المقبل، وقال له "سأكون رئيس جميع التشيليين". وسيؤدي بوريك اليمين الدستورية في 11 مارس/ آذار المقبل.
من جمعية الطلاب إلى رئاسة البلاد
وفي تغريدة نشرها على حسابه في موقع توتير، هنأ مرشح اليمين المتطرف خوسيه أنطونيو كاست الرئيس المنتخب لنجاحه "الكبير". وكتب: "تحدثت للتو مع جابريال بوريك وهنأته على نجاحه الكبير، من اليوم هو الرئيس المنتخب ويستحق كل الاحترام والتعاون البناء".
ولد جابريال بوريك في فبراير/شباط 1986 بمدينة بونتا أريناس، في أقصى جنوب البلاد. وهو سياسي شاب تزعم جمعية طلاب جامعة الحقوق بتشيلي قبل أن يقتحم عالم السياسة في 2013 ويشارك في الانتخابات البرلمانية كمرشح مستقل. ورغم صغر سنه، انتخب عضوا في مجلس النواب عن منطقة ماغالانيس والقطب الجنوبي التشيلي.
ويتوقع المتتبعون لشؤون أمريكا اللاتينية أن يسلك بوريك مسار بعض الزعماء اليسارين، على غرار رئيس فنزويلا الراحل هوغو تشافيز والزعيم الكوبي فيدل كاسترو. لكن رغم إعجابه بهؤلاء القادة، إلا أن الوضع الذي آلت إليه التجربة الكوبية والفنزويلية ستحتم عليه أن يكون متوازنا في سياساته الاقتصادية والاجتماعية.
فرض ضريبة على الثروات وتسهيل عملية الإجهاض
على المستوى الاقتصادي، يعد جابريال بوريك من أبرز المدافعين عن إتاوات التعدين في بلد يزخر بمناجم النحاس وبثروات باطنية أخرى. كما يخطط أيضا لفرض ضريبة على الثروات والطبقة الغنية إضافة إلى جعل التعليم مجانا في البلاد. فيما وعد بمنح المزيد من "الحقوق الاجتماعية" لسكان تشيلي مع الحرص في نفس الوقت على اتباع سياسة ضريبية متوازنة.
ومن بين الأهداف الاجتماعية التي يريد تجسيدها على الأرض، تقنين الإجهاض وتسهيله في بلد يحتل الدين فيه مكانة بارزة. ومن المتوقع أن يواجه انتقادات شديدة من اليمين واليمين المتطرف ومن ممثلي الديانة المسيحية الذين يدافعون على التركيبة العائلية التقليدية.
جدير بالذكر أن جابريال بوريك قال عندما رشح نفسه لخوض غمار الانتخابات الرئاسية: "إذا كانت تشيلي مهد النظام الليبرالي في أمريكا اللاتينية فهذه المرة ستكون مقبرته".
مناصر للقضية الفلسطينية
شارك جابريال بوريك في المظاهرات الشعبية التي اندلعت في 2019 والتي كانت تطالب بنظام اقتصادي "عادل" يمنح الحقوق الاجتماعية للجميع ويكون فيه التعليم حقا مشروعا لكل شخص وليس فقط للأغنياء، شأنه شأن الضمان الصحي الذي يجب ألا يكون حكرا على الطبقة الغنية.
يتقاسم الرئيس التشيلي المنتخب حياته مع أستاذة في العلاقات الدولية لكنهما غير متزوجين وليس لديهما أولاد. ترعرع برفقة إخوانه الاثنين في عائلة يسارية كانت تصوت دائما لصالح الحزب الاشتراكي. وزاول دراسته في جامعة بمسقط رأسه قبل أن ينتقل إلى كلية الحقوق في العاصمة سانتياجو.
ينعم جابريال بوريك على حد قول شقيقه سيمون بوريك بخصال جيدة. فهو رجل "صادق وشفاف ومنفتح على النقاش وتبادل الآراء".
وكان يعشق الكتب حيث كان يقرأ بشكل مفرط. وفي هذا الخصوص، قال لوكالة الأنباء الفرنسية: "أشعر بالراحة عندما أقرأ الكتب. أنا ينحدر من منطقة باتاغونيا حيث يبدأ العالم وتلتقي جميع الحكايات والقصص الخيالية في مضيق ماجلان الذي ألهم العديد من الكتاب".
على صعيد السياسة الخارجية، يعتبر جابريال بوريك من مناصري القضية الفلسطينية ومعاد للسياسة الإسرائيلية. فقد زار الضفة الغربية في 2018 برفقة نائبين آخرين والتقى آنذاك بالرئيس محمود عباس.
ويعيش في تشيلي نحو 300 ألف مغترب فلسطيني.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: