14 عامًا من العُزلة.. كيف غيّرت الرسومات المسيئة للنبي حياة لارس فيلكس؟
كتبت – إيمان محمود
أربعة عشر عامًا عاشها الرسام السويدي لارس فيلكس، بين الخوف والاختباء تحت مظلة الشرطة، دافعًا ثمن رسوماته الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد، قبل أن يلقى حتفه مع اثنين من حراسه من الشرطة في حادث سير.
وأعلنت الشرطة السويدية في وقت متأخر من مساء الأحد، أن سيارة مدنية تابعة للشرطة كانت تقل فيلكس وحارسيه الاثنين اصطدمت بشاحنة، ولقي الثلاثة حتفهم. وتم نقل سائق الشاحنة إلى المستشفى بسيارة إسعاف.
ووقع الحادث بالقرب من بلدة ماركاريد الصغيرة الواقعة جنوب السويد عندما اصطدمت السيارة بالشاحنة، حيث اشتعلت النار بالمركبتين لكن تم إنقاذ سائق الشاحنة الذي يخضع الآن للعلاج في المستشفى.
وحتى الآن لم يُعرف سبب الحادث، فيما قال متحدث باسم الشرطة: "يتم التحقيق بالحادث مثل أي حادث سير آخر. لكن لأن الأمر يتعلق أيضا بمقتل شرطيين، تم تكليف قسم خاص في مكتب المدعي العام بهذا التحقيق".
فيما قالت رئيسة الشرطة الإقليمية كارينا بيرسون: "الشخص الذي كنا نقدم له الحماية توفي مع اثنين من رجال الشرطة في هذه المأساة الحزينة التي لا يمكن تصورها".
بين الشهرة ومحاولات الاغتيال
قبل الرسومات المسيئة للنبي محمد، لم يكن فيلكس فنانًا مشهورًا خارج بلاده، وحتى داخل البلاد؛ عُرف من خلال معركة قضائية خاضها مع السلطات السويدية حول منحوتتين أقامهما عام 1980؛ الأولى تسمى "الكثير" وهي عبارة عن هيكل مصنوع من 75 طنًا من الخشب الطافي، والثانية تسمى "القلعة" وهي هيكل مصنوع من حجر.
المنحوتات من الصعب الوصول إليها لتطرف موقعه، ونتيجة لذلك لم تكتشف السلطات المحلية وجودهما لمدة عامين، وعندها قرر المجلس المحلي إزالتهما، لأنها مبنية على محمية طبيعية، والمحمية الطبيعية محرم البناء عليها.
خاض فيلكس معركة قضائية طويلة مع السلطات، ما دفعه لإعلان "قيام دولة مستقلة على هذه الأرض" وأسماها "لادونيا".
وبحسب "سي إن إن"، تشير المراجعات النقدية لأعمال فيلكس إلى أنه لم يتمكن خلال سنوات عمله من ترك بصمة فنية مستقلة، واعتبرت أعماله استكمالا لمدارس قائمة في الفن السويدي.
عُرف فيلكس المولود في عام هيلسينجبورج عام 1946، على مدى 4 عقود امتهن فيها الفن، بحبه للأعمال المثيرة للجدل الديني أيضًا، بتصويره للنبي محمد، وكذلك برسمه للمسيح ذات مرة بصورة رجل منحرف جنسيا يشتهي الأطفال.
حاول فيلكس أن ينشر رسوماته المسيئة في أكثر من معرض فني لكن طلبه كان يلقى رفضًا لـ"دواعي أمنية"، حتى نشرت صحيفة سويدية محلية رسوماته المسيئة للنبي محمد في عام 2007، وهو ما تسبب في موجة غضب دولية عارمة كان منفعها الوحيد لفيلكس "الشهرة".
لم يتوقع الرسام السويدي أن يلقى هذا القدر من التهديدات التي قابله في البداية بهدوء، إذ قال في تصريح لوكالة الأنباء السويدية: "لا يمكن القول بأنني ارتعد خوفًا.. لقد اتخذت بعض الاحتياط وأملك فأسا في حال نجح أحدهم بالدخول إلى شقتي من النافذة".
لكن الوضع ازداد سوءًا بعد إعلان تنظيم القاعدة إهدار دمه ومكافأة قدرها 100 ألف دولار على رأسه، أعقب الإعلان محاولة اغتيال فاشلة، ما اضطر فيلكس للتخلّي عن حريته ليظل تحت حماية الشرطة حتى لحظة موته.
وتكررت محاولات الاغتيال في الأعوام التالية، كان أبرزها محاولة وقعت في عام 2009 على يد 3 أمريكيين، وأسفرت عن سجن الأمريكية كولين لاروز المعروفة باسم "جهاد جاين" بالسجن عشر سنوات، بعدما اعترفت عام 2011 بالجريمة.
كما نجا فيلكس من محاولة اغتيال في عام 2015، خلال تواجده في مقهى والمشاركة في ندوة بكوبنهاجن، وقتل منفذ الحادث أثناء مواجهات مع الشرطة وهو شاب يدعى عمر عبد الحميد الحسين كان يبلغ من العمر 22 عامًا وهو من مواليد الدانمارك.
وفي عام 2014، حصل فيلكس على جائزة الحرية لمجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة، وذلك قبل ثلاثة أشهر من الهجوم الإرهابي على مكتبها في باريس.
وبعد هجوم شارلي إيبدو، قال فيلكس إنه لم يعد يتلقى سوى عدد قليل من الدعوات لحضور الندوات بالمنظمات لمخاوفهم الأمنية.
وبالإضافة إلى محاولات الاغتيال والتهديدات، شهدت محاضراته نوعًا مختلفًا من الهجوم، كان أبرزه حينما تعرّض فيلكس لـ"الرشق بالبيض" خلال محاضرة بجامعة كارلستاد السويدية.
كما تعرّض للضرب خلال محاضرة في كلية الفلسفة في جامعة أوبسالا السويدية، لكن فيلكس ظلّ يرى أن "المشكلة ليست أننا كفنانين استفزازيين جداً بل المشكلة أننا لسنا استفزازيين بما يكفي".
فيديو قد يعجبك: