لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تأثير فرنسا في لبنان ـ هل تستطيع باريس إنقاذ بلاد الأرز؟

01:11 ص الأربعاء 02 سبتمبر 2020

(دويتشه فيله)
رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون يزور بيروت المدمرة. وهو يتطلع إلى المساهمة في تغيير الوضع السياسي في لبنان، الذي تتحكم به المحاصصة الطائفية. فباريس لها ارتباطات قديمة مع لبنان، لكن ما هو تاثيرها في السياسة اللبنانية حاليا؟

بعد نحو أربعة أسابيع على الانفجار في مرفأ بيروت الذي كلف حياة أكثر من 180 شخصا، يزور رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون مجددا لبنان. إنها الزيارة الثانية عقب الكارثة. والبلاد لا تكافح فقط ضد أزمة اقتصادية، بل تعيش أيضا وضعا سياسيا متأزما. ولذلك طالب رئيس الحكومة الفرنسية منذ زيارته الأولى بتنفيذ إصلاحات عميقة، وإلا ستبقى الأموال لإعادة البناء محجوزة. وعلى هذا النحو طالب ـ على غرار المتظاهرين في البلاد ـ بوضع نهاية للنظام النسبي السياسي الطائفي. فإلى حد الآن ظلت المناصب السياسية موزعة حسب الانتماء الطائفي. وعلى هذا النحو ظل الرئيس إلى حد الآن من الطائفة المسيحية ورئيس الحكومة سنيا ورئيس البرلمان شيعيا. وتلقى الدعوة الفرنسية هذه الترحيب من قبل الكثير من اللبنانين، إذ استُقبل ماكرون خلال زيارته لأوى بهتافات "تحيا فرنسا".

تجاوب مع فرنسا

ويبدو أن دعوات الدولة الاستعمارية السابقة وجدت آذانا صاغية. وعليه فقد شدد رئيس لبنان ميشيل عون، الذي هو في الحقيقة شخصية مكروهة لدى الكثير من اللبنانيين، على ضرورة إصلاح جديد لنظام الحكم. وقال في كلمة متلفزة بأنه يجب على لبنان أن يصبح "دولة علمانية".

وحتى زعيم مليشيا حزب الله الشيعية المدعومة من إيران، القوة الأكبر عسكريا وسياسيا في لبنان، أبدى انفتاحا. "استوعبنا نداء الرئيس الفرنسي كميثاق سياسي جديد"، كما قال حسن نصر الله الذي أوضح أن منظمته منفتحة على كل نقاش بناء حول الموضوع ـ "لكن بشرط أن يتعلق الأمر بحوار لبناني يتناسب مع إرادة جميع الأحزاب اللبنانية"، كما تابع نصر الله.

واستبقت القوى السياسية اللبنانية وصول ماكرون بساعات بتكليف مصطفى أديب، السفير اللبناني السابق في ألمانيا، مصطفى أديب ليحل محل حسن دياب الذي استقال ببضعة أيام بعد الانفجار في بيروت. وكان ماكرون قبلها قد أثار هذا النوع من التغيير. فقط من خلال تغييرات حاسمة يمكن تجاوز " قيود النظام الطائفي" التي أدت إلى وضع "لم يعد معه تقريبا أي تجديد سياسي ولا إصلاحات ممكنة".

"ارتباط تاريخي وعاطفي قوي"

والتصريحات والتطورات السياسية في مستهل زيارة ماكرون توحي بأن فرنسا لها تأثير كبير على لبنان، كما يقول كريم اميل بيتار، مدير معهد العلوم السياسية بجامعة سانت يوسف ببيروت" إذا لم تنخرط فرنسا في لبنان، فإن هناك خطر أن يتفكك"، كما يقول بيتار لإذاعة فرانس أنفو الفرنسية.

"وهناك خطر جدي بأن تنتقل الحروب بالوكالة إلى العديد من بلدان المنطقة في سوريا واليمن وأماكن أخرى إلى لبنان"، كما أوضح بيتار في كلامه الإذاعي، مشيرا إلى "الارتباط التاريخي والعاطفي القوي" بين لبنان وفرنسا.

وبالفعل تلعب فرنسا في لبنان منذ قرون دورا هاما. ففي عام 1860 زادت التوترات الدينية في جبل لبنان المنتمي حينها للإمبراطورية العثمانية، وانتهت في الأخير إلى أعمال عنف مفتوحة بين المسيحيين والدروز. وفي هذا الوضع تدخلت فرنسا وفرضت لدى العثمانيين وضعا مستقلا للمنطقة، وتحولت فرنسا إثرها إلى قوة الحماية للمسيحيين. وفي عام 1920 أعلنت فرنسا قيام لبنان الكبير، الذي سبق لبنان المعاصر الذي نال استقلاله في 1943.

ومذ ذلك الحين نشأ تأثير فرنسا السياسي في لبنان، والذي يمكن لباريس أن تستغله في الأزمة الحالية، كما يقول بيتار. ففرنسا تتمتع بنفوذ يمكنها من التوسط بين الفاعلين الوطنيين وحلفائهم الدوليين. وفقط من خلال هذا الأسلوب يمكن تفادي أن يتحول لبنان إلى أرض صراع بين القوى الخارجية.

لكن السؤال هو هل فرنسا هي المحرك الذي لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة إلى لبنان؟ "اللبنانيون بسبب لا مبالاة السياسيين مدفوعين إلى الانتفاضة لم يحتاجوا إلى زيارة ايمانويل ماكرون للتعبير عن غضبهم من الكارثة في الـ 4 أغسطس"، كما ورد في تحليل لمجلة اكسبريس الفرنسية.

ومن الوارد أن تكون زيارة الرئيس الفرنسي قد دعمت الحركة الاحتجاجية معنويا، فأدى احتجاجها إلى استقالة الحكومة. ماكرون أنصت إلى الناس وتحدث عن "الفساد الممنهج" إضافة إلى انعدام الثقة. وبهذا يكون قد ساند قضية المتظاهرين. وقد تقتصر الأمور على كلمات، كما يعبر عن هذا القلق المؤرخ يان بويرات في مجلة "نوفيل أوبسيرفاتور".

سيناريوهات مهددة

وقد تكون العواصم الأوروبية على بينة من أمرها حول صعوبة الوضع حاليا في لبنان. فالدولة الصغيرة مهددة وقد تفشل، علما أن دولا أكبر كثيرة في المنطقة تحاول ممارسة التأثير على لبنان: إيران من خلال حزب الله، السعودية من خلال عائلة الحريري أقامت علاقات وطيدة مع لبنان. وتركيا تحت حكم اردوغان تتحول مثلا في سوريا وليبيا إلى قوة عسكرية كبيرة. وحتى جوار لبنان المباشر، سوريا، التي دمرتها الحرب القائمة منذ عشر سنوات تقريبا، لا تساهم في استقرار البلاد.

وإذا ما انهار لبنان، فإن ذلك ستكون له عواقب لا يمكن التنبؤ بها بالنسبة إلى أوروبا بالنظر إلى اللاجئين والثقافة السياسية للمنطقة بشكل عام التي قد تسير لصالح الأنظمة الاستبدادية المهيمنة في المنطقة. وهذا كله يدفع إلى الافتراض أن دور فرنسا وباقي الدول الأوروبية لن يبقى في إطار التصريحات.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان