لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فراس أبيض طبيب نجح بكسب ثقة مفقودة بمرفق عام في لبنان بمواجهة كوفيد-19

11:42 ص الإثنين 03 أغسطس 2020

مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض خلال مق

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بيروت- (أ ف ب):

حتى أشهر قليلة خلت، كان فراس أبيض، طبيب وأستاذ جامعي، بعيداً عن الأضواء، إلى أن دفعته أزمة كوفيد-19 إلى الواجهة، فبات مدير المستشفى الحكومي الذي يقود جهود التصدي للوباء مرجعاً موثوقاً به للبنانيين كثر فقدوا ثقتهم بالقطاع العام ومؤسساته.

في مستشفى رفيق الحريري الجامعي الذي لطالما ارتبط اسمه لدى اللبنانيين بمنشأة طبية يقصدها الفقراء من غير المحظيين بتأمين صحي وبإضرابات موظفيها المطالبين برواتبهم، يدير أبيض (52 عاماً) طاقما إداريا وطبيا يعمل كخلية نحل منذ تم استقبال أول المصابين بفيروس كورونا المستجد في شباط/فبراير الماضي.

يحضر أبيض في أيام عمله باكرا إلى المستشفى الواقع عند أطراف بيروت الجنوبية. في مكتبه، يتابع المراجعات كافة. يوقّع أوراقاً ومستندات. ينتقل إلى قاعة أخرى ليجتمع عبر تقنية الفيديو مع المشرفين على قسم كورونا، يسأل عن احتياجاتهم والعوائق. يجول على المستودعات وينسّق مع المعنيين والمستشفيات الحكومية الأخرى.

منذ 2015، أصبح أبيض، وهو جراح في الجهاز الهضمي والبدانة، وخريج الجامعة الأميركية في بيروت ومن الأساتذة المحاضرين فيها، وحامل ديبلوم في الإدارة منها، رئيس مجلس إدارة ومديرا عاما للمستشفى. ويحظى عمله بتقدير في أوساط المنظمات الإنسانية وشريحة واسعة من المواطنين.

ففي خضمّ أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان، وفي ظل عجز السلطة عن تقديم أي حلول، لا يقتصر عمله على الشقّ الإداري فحسب.

في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، كان عليه أن يحذّر من تأجيل جراحات وإقفال غرفتي عمليات وإطفاء التكييف في الأقسام الإدارية بسبب قرب نفاد مادة المازوت التي تستخدمها المولدات لتأمين التغذية بالكهرباء فيما كانت ساعات التقنين تجاوزت 15 ساعة. فكانت تغريدة واحدة منه كفيلة بإغداق التبرعات لتوفير احتياجات المشفى.

وبعد انتشار مقاطع فيديو منتصف الشهر الحالي تظهر اكتظاظاً أمام قسم إجراء فحوص الكشف عن الفيروس في المستشفى من دون احترام التباعد الاجتماعي، سارع إلى الاعتراف بالخلل وفي اليوم الثاني كان بربطة عنقه وقميصه الأبيض في طليعة منظمي صفوف الانتظار الطويلة.

المصلحة العامة

ورغم انشغالاته، يشارك أبيض على "تويتر" ما يتوفّر لديه من معطيات حول الوباء وتطور الإصابات. ولا يتردّد، بدبلوماسية لافتة، في تصويب النقاش الرسمي حين يضلّ طريقه، أو تقديم النصح إزاء الوسائل المتاحة لتجنّب السيناريوهات الأسوأ مع ازدياد الإصابات.

وتلقى تغريداته، بالانكليزية إجمالاً، تفاعلاً ومشاركة. وتسارع وسائل إعلام محلية إلى ترجمتها ونشرها بوصفه مرجعاً موثوقاً يفنّد الوقائع ويقدم النصح بلا تهويل أو مبالغة.

في بلد كلبنان، تثقل الطائفية ومنطق المحاصصة كاهله، يقدّم أبيض صورة يجدها كثيرون "مشرقة" عن مسؤول في قطاع عام قائم على المحسوبيات والزبائنية.

وتقول دونا معلاوي (29 عاماً)، الناشطة في التظاهرات التي عمت لبنان مؤخراً احتجاجا على فساد الطبقة السياسية، لفرانس برس، إن أبيض يقدم "نموذجاً فريداً"، فهو "يتوجّه برسائل شبه يومية حول الواقع بلا تجميل، ولكن مع إلمام واضح بالتفاصيل والمستجدات".

ويصفه رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان كريستوفر مارتن برجل "استثنائي".

ويقول لفرانس برس إن أبيض بات خلال الأشهر الماضية "شخصية مؤثرة. يكفي أن يقرأ الفرد سلسلة تغريداته لإدراك مقدار الذكاء والتفكير" الذي يتمتع به.

وانطلاقاً من تعاونهما المشترك منذ ثلاث سنوات، يعتبر أن أبيض "من بين اللبنانيين القلائل العاملين في القطاع العام الذين يعملون بصدق من أجل المصلحة العامة".

لكن ما يحصل عليه من إطراء يترك شعورا ب"الانزعاج" لدى أبيض، لأنه يظهر "كم بات مستوى التوقعات من المسؤولين متدنياً"، على حد قوله.

ويتابع الطبيب بنبرة جدية "ما أقوم به هو ما يفترض أن نتوقعه من كل المسؤولين"، معتبراً أن "تركيز الضوء لا ينبغي أن ينصبّ على شخص إنما على فريق ومؤسسة في بلد نفتقد فيه إلى المؤسسات".

ويتصدّى لبنان للوباء في خضم انهيار اقتصادي دفع الكثيرين إلى إعطاء الأولوية لتأمين قوتهم اليومي بعدما فقدوا وظائفهم أو جزءاً من مداخليهم.

وأعادت الحكومة قبل أيام فرض إغلاق على مرحلتين في محاولة للتخفيف من عدد الإصابات التي بلغت 4885 بينها 62 وفاة، وبعد تسجيل ارتفاع فيها خلال الأسبوعين الأخيرين.

ويعتبر أبيض أنّ "تحدياً كبيراً" يواجه السلطات وهو "كيف ستخط مساراً بين معالجة الأزمتين"، خصوصاً أن إيلاء إحداها اهتماماً على حساب الأخرى ستكون عواقبه مكلفة.

انتصارات صغيرة

ورغم إيمانه بأن تجنّب سيناريو كارثي في أزمة كورونا ممكن، يبدي أبيض، الأب لثلاثة أولاد، تخوّفه من "ضغط أكبر على القطاع الصحي" بحلول الخريف، وهو موسم تبدأ فيه عادة عوارض الانفلونزا.

وما يقلقه أكثر هو تقاعس المستشفيات الخاصة، الأكبر والأكثر تجهيزاً والتي تشكّل أكثر من ثمانين في المئة من قطاع الاستشفاء، عن المشاركة في تحمّل العبء بالشكل المطلوب. ولا يتردد في دعوتها، رغم أن لديها مستحقات مالية لدى الدولة، إلى تحمّل مسؤولياتها، بعيداً عن "حسابات الربح والخسارة" انطلاقاً من حجم الأزمة.

قبل سنوات، لم يكن انتقال أبيض من مستشفى الجامعة الأميركية المرموق حيث عمل لسنوات، إلى مرفق حكومي يعاني من اضطراب مالي وأزمات عدة، خياراً سهلاً. لكنه قبل التحدي، ورأى فيه "واجباً" باعتباره "المستشفى الأساسي الذي يطبّب الطبقة الكادحة".

بعد سنوات، يجد نفسه أمام تحد جديد في مستشفى تحوّل خط الدفاع الأول في مواجهة الوباء. ولا يمنعه ذلك من رؤية جوانب إيجابية رغم التعب. إذ يقول "التضحية والمساعدة والتشارك.. هذه اللحظات الجميلة أو الانتصارات الصغيرة.. تعوّض".

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك: