لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف مات ملايين الهنود جوعاً بسبب سياسات تشرشل؟

10:20 ص الجمعة 24 يوليو 2020

شبه تشرشل الهنود بالارانب ورفض إغاثة الجوعى

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

نيودلهي- (بي بي سي):

تعرفت على ونستون تشرشل أول مرة حين كنت طفلة. إحدى الشخصيات في رواية كنت أقرأها للكاتبة إنيد بلايتون كانت تحتفظ بصورة له في منزلها من "فرط إعجابها بهذا الرجل العظيم" كما تصفه.

وحين كبرت وانخرطت في المزيد من المناقشات بشأن ماضي الهند خلال المرحلة الاستعمارية، وجدت أن غالبية الناس في بلدي يحملون وجهة نظر مختلفة تماماً بشأن رئيس الوزراء بريطانيا خلال فترة الحرب.

تضاربت وجهات النظر بشأن الحكم الاستعماري كذلك.

البعض رأى أن البريطانيين فعلوا أشياء عظيمة للهند، أقاموا سككاً حديدية، أسسوا نظاماً بريديا. والرد الحتمي على هذا الادعاء سيكون: "لقد فعلوا هذه الأشياء لخدمة أغراضهم الخاصة، وتركوا الهند بلداً فقيراً منهوبا".

وكانت جدتي دوماً تحكي بحماس عن مشاركتها في الاحتجاجات ضد "هؤلاء البريطانيين الظالمين".

لكن بالرغم من هذا الغضب، ففي الهند حيث نشأت، ظل يُنظر إلى كل ما هو غربي، إلى كل ما تم أو قيل من جانب ذوي البشرة البيضاء على أنه أعلى شأنا. لقد تآكلت ثقة الناس بأنفسهم بفعل عقود من الحكم الاستعماري.

وبعد ثلاثة وسبعين عاماً من الاستقلال، تغير الكثير. جيل جديد من الهنود يتمتع بالثقة في النفس بشأن وضعنا في العالم، يتساءل عن السبب وراء عدم انتشار المعرفة وعدم إدانة الكثير من الحقب المظلمة من الحكم الاستعماري، مثل مجاعة البنغال عام 1943.

ثلاثة ملايين شخص على الأقل لقوا حتفهم من الجوع، وهو ما يزيد عن أكثر من ستة أضعاف خسائر الإمبراطورية البريطانية في الحرب العالمية الثانية. ورغم أنه يتم إحياء ذكرى انتصارات وضحايا الحرب سنويا، إلا أن الكارثة التي وقعت في البنغال إبان الحكم البريطاني في نفس الوقت قد نُسيت إلى حد كبير.

يروي شهود عيان كيف تُركت الجثث في الحقول وبجانب الأنهار لتأكلها الكلاب والصقور لأن أحداً لم يمتلك القوة لأداء الطقوس الأخيرة لكثير من الموتى.

وهؤلاء الذين لم يموتوا في القرى، سافروا إلى البلدات والمدن بحثاً عن الطعام.

"بدا الجميع كهياكل عظمية يغطيها فقط الجلد"، هكذا قال سوميترا تشاترجي الممثل البنغالي المخضرم والذي كان في الثامنة من عمره حيث حدثت المجاعة.

وأضاف "كان الناس يبكون بصورة يُرثى لها طلباً لماء الأرز، لأنهم كانوا يعلمون أن لا أحداً لديه ما يعطيه من الأرز. لا يمكن لأحد سمع هذا البكاء أن ينساه طيلة حياته. لقد دمعت عيناي الآن وأنا أتحدث. لا يمكنني التحكم في مشاعري".

وكانت المجاعة قد حدثت نتيجة إعصار وفيضانات في البنغال عام 1942، غير أن سياسات ونستون تشرشل حُملت مسئولية زيادة الوضع سوءا.

تصف ياسمين خان المؤرخة في جامعة أوكسفورد "سياسة حرمان العدو" التي طُبقت آنذاك خشية وقوع غزو ياباني من بورما، قائلة " جوهر الفكرة كان تدمير كل شيء وتسويته بالأرض بما في ذلك المحاصيل والقوارب التي تُستخدم لنقلها. وبالتالي عندما جاء اليابانيون، لم يجدوا الموارد الكافية لتوسيع غزوهم. إن تأثير هذه السياسة على المجاعة واضح".

هل يجب أن يعتذر الأبناء عن جرائم آبائهم؟

تظهر المذكرات التي كتبها الجنود البريطانيون المسؤولون عن الإدارة الهندية أن حكومة تشرشل رفضت لأشهر مناشدات عاجلة بتصدير الغذاء للهند، خشية أن يؤثر ذلك على المخزون في المملكة المتحدة، وأن يشغل السفن عن المجهود الحربي.

كان تشرشل يشعر أن الساسة المحليين يستطيعون القيام بجهد أكبر لمواجهة الجوع.

وتكشف المذكرات أيضاً عن موقف رئيس الوزراء البريطاني من الهند. فقد نقل ليوبولد أميري وزير الدولة لشئون الهند عن تشرشل قوله خلال مناقشة حكومية بشأن المجاعة إن أي مساعدات يتم إرسالها لن تكون كافية لأن "الهنود يتكاثرون كالأرانب".

تقول خان " لا يمكننا أن نحمله المسؤولية عن وقوع المجاعة بأي شكل، نستطيع القول إنه لم يخفف من وطأتها حين كان يمتلك القدرة على ذلك. ويمكن أن نحمله مسؤولية إعطاء الأولوية لأرواح ذوي البشرة البيضاء والأوروبيين، مقابل أرواح الجنوب آسيويين، وهو في الواقع شيء بغيض، خاصة وأن ملايين الجنود الهنود كانوا يشاركون في ذات الوقت في الحرب العالمية الثانية".

هل كان غاندي عنصريا؟

يزعم البعض في المملكة المتحدة أنه رغم إدلاء تشرشل بتصريحات بغيضة بشأن الهند، فقد حاول المساعدة، وإن التأخير الذي حدث كان نتيجة ظروف الحرب. لكن الملايين ماتوا في عهده نتيجة غياب أبسط الاحتياجات الأساسية، الغذاء.

أرشيبالد ويفل المندوب السامي البريطاني في الهند آنذاك وصف مجاعة البنغال بأنها واحدة من أعظم الكوارث التي حلت بالبشر في ظل الحكم البريطاني. وقال إن الخسائر التي ألحقتها بسمعة الإمبراطورية لا يمكن حصرها.

يقول الناجون إنهم يشعرون بالغضب. "ثمة توقعات بأن الوقت قد حان لكي تعتذر الحكومة البريطانية عما فعلته بالهند في تلك الأيام"، هكذا يقول شاترجي.

كثيرون في المملكة المتحدة أيضاً يتساءلون عن إرث الحكم الاستعماري، وزعماءه.

وخلال مظاهرة لحركة حياة السود مهمة الشهر الماضي تعرض تمثال تشرشل في وسط لندن للتشويه.

يقول المؤرخ الهندي رودرانجشو موكرجي " لا أؤيد إسقاط أو تشويه التماثيل، لكنني أعتقد أنه يجب أن يتم تسجيل التاريخ كاملاً على اللوحة المثبتة أدنى التمثال، إن تشرشل كان بطلاً في الحرب العالمية الثانية، لكنه كان أيضاً مسؤولاً عن موت الملايين في البنغال عام 1943. اعتقد أن بريطانيا مدينة بذلك للهنود ولنفسها".

إن الحكم على الماضي من منظور الحاضر قد يترك العالم دون أبطال على الإطلاق. فغاندي زعيم الاستقلال الأكثر شعبية في الهند اتُهم أيضاً بتبني آراء مناهضة للسود.

لكن من الصعب أن يتم إحراز تقدم دون تقبل الحقيقة الكاملة لحياتهم.

أعمال أيقونة طفولتي إنيد بلايتون أثارت ردود أفعال سلبية تتهمها بالعنصرية والتحيز الجنسي. وبعدما كبرت، طالعت هذه الكتب التي تركتها وأختي في منزل والدينا، ويمكنني أن أرى أدلة على هذه الادعاءات.

هل يتعين علي أن أتخلص منها؟

لا، فالذكريات السعيدة التي تستحضرها لم تتلطخ بما أعرفه الآن. لكنني لن أعطيها للأطفال في عائلتي، فهم يستحقون أن يقرأوا قصصاً كُتبت في عالم أكثر مساواة.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: