بعد إعادة انتخاب دودا رئيسًا لبولندا.. السياسات المتشددة "ليست حتمية"
وارسو- (د ب أ):
قد يحظى حزب القانون والعدالة المحافظ، الحاكم في بولندا، برئيس يتسم بالتعاطف لثلاثة أعوام أخرى، ولكن لا يعني ذلك بالضرورة أن الحزب سيتبع سياسات متشددة وأنه سيعمل على إضعاف المؤسسات الديمقراطية، وهو ما يخشاه الكثيرون.
وحصل الرئيس الحالي أندريه دودا، الذي يدعمه حزب القانون والعدالة، على فترة ولاية ثانية مدتها خمسة أعوام، بعد حصوله على 1ر51 بالمئة من الأصوات في جولة الإعادة، بحسب النتائج التي تم تسجيلها في نحو 100 بالمئة من الدوائر الانتخابية.
وهذه هي المرة الاولى منذ عام 1990، التي ينال فيها مرشح في الانتخابات الرئاسية أكثر من 10 ملايين صوت.
وبحسب النتائج، حصل منافس دودا، عمدة وارسو الليبرالي رافال ترزاسكوفسكي، والعضو في حزب الوسط المدني المعارض، على نسبة 48.9 بالمئة من الأصوات.
وقالت خبيرة الشؤون السياسية إيوا مارسينياك، من جامعة وارسو، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن هذا الفوز "ليس مذهلا"، خاصة بالنظر إلى الاستثمار الذي حققته "جميع مؤسسات الدولة" من خلال إعادة انتخاب دودا .
وأوضحت أن الفوز قد يؤدي إلى تصفية حسابات سياسية داخل الحزب الحاكم.
وفي ظل حكم زعيم حزب القانون والعدالة، ياروسلاف كاتشينسكي، بقبضة من حديد، قد تزداد حدة التنافس بين من يلونه في الحزب.
وربما يشكل مثل هذا الاقتتال بين فصائل حزب القانون والعدالة، أحد العوامل التي تحدد ما إذا كان الحزب سيعمل على مضاعفة السياسات المتشددة أو سيزيد من تقويض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، بعد حصول دودا الداعم له على فترة ولاية ثانية.
ومن ناحية أخرى، قال العالم السياسي والمؤرخ أنتوني دوديك لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "السؤال الجوهري هو: كيف سيتعامل دودا مع خطط حزب القانون والعدالة... فيما يتعلق بالتغييرات التي تؤثر على وسائل الإعلام والحكومات المحلية".
ويرى دوديك، أن الرئيس قد يكون أكثر استقلالية الآن، لأنه أصبح لا يحتاج إلى دعم حزب القانون والعدالة لإعادة انتخابه من جديد.
وفي الوقت نفسه، يتفق عالم السياسة ياروسلاف فليس، على أن السياسات المتشددة ليست أمرا حتميا.
وقال فليس: "بعد عامين ونصف العام من التعبئة الانتخابية، قد ترغب قيادة الحزب ببساطة في الاستفادة من السلطة التي تملكها".
كما أن حزب القانون والعدالة لم يحقق النتيجة التي كان ينشدها من وراء إصلاحاته القضائية المثيرة للجدل، وقد خلق العديد من الأعداء في هذا السبيل. وقال فليس إن هذا قد يجعل الحزب يفكر مرتين قبل الشروع في محاولات مماثلة مثيرة للجدل.
ولا يعتقد عالم السياسة أن الحزب قد يتخذ منعطفا متشددا.
ومع ذلك، فإن خبيرة الشؤون السياسية آنا ماترسكا سوسنوسكا، من جامعة وارسو، لها توقعات أكثر واقعية
وتتوقع سوسنوسكا أن يسعى حزب القانون والعدالة إلى إحكام قبضته على حرية القضاء ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، بدعم من الرئيس.
وقالت سوسنوسكا لوكالة الأنباء الألمانية: "لا اتوقع أن يكون (دودا أكثر استقلالية)، حيث أنه خلال الأعوام الخمسة التي كان فيها رئيسا، لم يبدِ أي مؤشر يسمح لنا بالتفكير بهذه الطريقة".
وربما يؤدي فوز دودا إلى حدوث تغييرات في الولاءات السياسية. ويشير محللون إلى أن حزب القانون والعدالة قد يحاول كسب نواب في البرلمان إلى صفه، من أجل استعادة السلطة في مجلس الشيوخ الذي تسيطر عليه المعارضة، وتعزيز ما يتمتع به من مميزات في مجلس النواب.
ويُرجّح أن تؤثر نتيجة الانتخابات على المعارضة أيضا، بطرق تعتبر إيجابية بالنسبة لحزب المنبر المدني المعارض.
وقال المحلل دوديك: "إنه انتصار لحزب المنبر المدني على باقي المعارضة... حافظ حزب المنبر المدني على مكانته كأقوى جماعة معارضة، ولن تحظى أي محاولات لتأسيس كيان جديد في المركز السياسي بالنجاح."
وفي الوقت نفسه، يتفق المحللون على أنه إذا شكلت أحزاب المعارضة جبهة أكثر اتحادا، من الممكن أن يعطي ذلك دفعة جديدة لترزاسكوفسكي.
وبالنسبة لأوروبا، فإن إعادة انتخاب دودا تعني سياسة تتسم بالاستمرارية، وما تطلق عليه المحللة مارسينياك "البراجماتية الهادئة".
فيديو قد يعجبك: